كتبت : سكينة السادات

هاتفتنى جارتى القديمة وبعد أن تبادلنا الأشواق والتحيات والأخبار فوجئت بها وهى المحامية القديرة المشهود لها بالنجاح والذكاء وكان الناس وما زالوا يسمونني ويسمونها الأستاذة، وكان السؤال دائما بين سكان العمارة الأستاذة المحاسبة والأستاذة الصحفية وكنا نجتمع كثيرا مع البعض السكان إذا حدث عطل فى المصعد أو انفجرت ماسورة أو غير ذلك وكنا كثيرا ما نتزاور فى الأعياد والمواسم وكنت أعرف كل شىء عنها تعرف هى أيضا كل شىء عنى!

بعد أن انتقلت إلى منزل آخر قريب نسبيامن عملى بدار الهلال وقلت اللقاءات وكثرت المهاتفات خاصة بعد ابتلاء العالم بالكورونا اللعينة التى أبعدت الناس عن بعضهم البعض بل أصبحوا يخافون اللقاء والسلام تجنبا للعدوى المهم أن جارتى المحاسبة النابهة فوجئت بها تقول لى: خلاص يا أستاذة أنا غلب حمارى” “ووضعت كل أصابعى فى الشقوسلمت أمرى إلى الله سبحانه وتعالى وأشعر لأول مرة فى حياتى أننى مغلولة اليدين ولا أستطيع أن أفعل شيئاً؟

قلت لها ليه؟ ماذا حدث بالضبط؟ وأين زوجك الأستاذ حسين المحامى القدير صاحب الآراء السديدة والحلول لكل المشاكل؟ قالت موجود وفى نفس الوقت أعانى، ثم قالت الأمر يتعلق بابنى أحمد أرجو أن تقابليه وتتصرفى معه!

***

وعن جارتي الأستاذة المحامية بشرى ) 55 سنة( فقد كانت نعم الجارة والأخت والصديقة وعرفتها عندما انتقلوا من مدينة طنطا بمحافظة الغربية إلى القاهرة وسكنت فى الشقة المقابلة لشقتى وتعرفنا على زوجها المحامى الشهير بطنطا الذى احتفظ بمكتبه فى طنطا، أما بشرى فقد التحقت بالعمل بالإدارة القانونية لإحدى شركات المقاولات الكبيرة وكان لهما ابن واحد هو ابنها الوحيد الذى لم تنجب سواه.

وكان فى سن الشباب ومرت السنوات وتخرج فى كلية الحقوق وصار محاميا مثل والده ووالدته.. ولكن ما هى الحكاية؟ ولماذا تشكو والدته منه مر الشكوى؟ وطلبت منها أن تعطى رقم هاتفى إلى ابنها ووعدتها بأننى سوف أقابله إذا لم أستطع التفاهم معه هاتفيا، وبالفعل هاتفنى المحامى الشاب أحمد وكانت المفاجآت كثيرة!

***

قال لى المحامى الشاب أحمد ) 28 سنة(: أنت تعرفين يا سيدتى عنا أكثر مما أعرف أنا فقد كانت عشرتك ومحبتك لوالدتى بشرى وكأنكما من أسرة واحدة، هكذا تقول لى أمى، ولما كنا أصلا من محافظة الغربية القريبة جدا من محافظتك المنوفية فقد كانت تجمعكما التقاليد الريفية الأصيلة والاحتفالات الدينية وغيرها المهم أننى سوف ألخص لك ما حدث منى فى السنوات الأخيرة بعد أن انتقلت من الشقة التى إلى جوارنا.. طبعا تعرفين أن والدى ما زال مكتبه فى طنطا، وكما يقولون فهو من أشهر المحامين بالغربية، وتعرفين أيضا أنه رجل وطنى ومحب لمصر وبالغ الكرم مع أهل بلده وليس طماعا ومن هنا كانت سمعته الطيبة وإقبال الناس على التعامل معه، أقول هذا ليس لأنه أبى ولكنه رأى الناس فيه، وأعود إلى السنوات التى مضت فأقول إنها مرت سريعة خاصة سنوات الجامعة التى كنت خلالها حديث عهد بالقاهرة وأهلها، وكنت أحاول أن اندمج فى الأوساط التى تواجدت فيها، فالحياة فى طنطا ما زالت تختلف كثيرا عن الحياة فى القاهرة من حيث علاقة الشبان بالفتيات وحرية البنات والحفلات والرحلات وخلافه! وليس معنى هذا أننى كنت الفلاح الذى بهرته أضواء المدينة بل كنت ولا أزال أحتفظ بتقاليدى الريفية ولا أسمح لنفسى أن أخرج منها، ولكن الأيام والجو العام أجبرنى على أن أخوض بعض التجارب غصبا عنى!

***

واستطرد الابن أحمد.. أشتركت مع زملائى وزميلاتى فى حضور الحفلات، وكنت أفزع من مظاهر التسيب التى أراها واستهتار بعض البنات أحيانا، بل أحيانا كنت مثارا للسخرية منهم عندما أمتنع عن التقرب من أى فتاة بجوارى كما يفعل باقى الشباب، وقد رأيت بعينى رأسى علاقات بل أحيانا زيجات من وراء الأهل بين الشباب، وكانت هذه الأمور تصيبنى بالقرف والحزن على القيم المهدرة بين أهل الحضر وقررت الانعزال عن هذه المجتمعات وكرست جهودى فى العمل فى الحكومة صباحا والعمل فى مكتب محامى صديق والدى بعد الظهر!

وخلال تلك السنوات يا سيدتى لم تكف أمى عن إقناعيبضرورة الزواج حتى تطمئن علي وترى أحفادها قبل أنتموت،لكننى وبعد أن رأيت بنات من أسر كبيرة معروفة يتورطن فى علاقات مع شبان قبل الزواج بمنتهى البساطة والأريحية فإننى أعترف أننى قد أصبت بعقدة نفسية تجاه الزواج أو الارتباط بأى فتاة بعد صدمتى فى بنات مصر!

وقالت أمى نخطب لك فتاة من قريباتنا فى الغربية، وفعلا ذهبنا إلى منزل والدها وهو ثرى معروف فى بلدنا وأسرته زائعة الصيت وعريقة ورأيت العروس الحاصلة على شهادة الثانوية والتى تصغرنى بأكثر من عشرة سنوات ثم كانت المفاجأة التى أذهلتنى أنا وأمى!

الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 717 مشاهدة
نشرت فى 14 أكتوبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,113,588

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز