كتبت: إيمان العمري
كلنا درسنا قصة حياة عميد الأدب العربي طه حسين، وعرفنا حكاية الطفل الصغير الذي فقد بصره وهو في الثالثة من عمره، وعاش حياة الفقر لكنه استطاع قهر كل الصعوبات ليصبح واحدا من أعلام الأدب والفكر، والآن وبعد مرور خمسين عاما على وفاته هل لا تزال لقصة حياته تأثيرها على الشباب؟
يقول عبد الرحمن إيهاب، خريج كلية الحقوق: درست قصة حياة طه حسين منذ عدة سنوات لكن ظل هناك تأثير كبير لها فى نفسى، ويتمثل ذلك في كيف كان يتمتع بإرادة فولاذية وقدرة على تحدي الصعوبات مهما كانت قوية، وهذا جعلني على قناعة بأن انتهج أسلوب التحدي في حياتي، وقد افادني ذلك في التغلب على عقبات كثيرة واجهتني في الحياة.
"أكثر ما لفت انتباهي في حياة طه حسين هي حرصه على العلم والتفوق رغم الصعوبات التي واجهته" بهذه العبارة بدأت مرام أحمد، خريجة إعلام حديثها، وتقول: منذ أن درست قصة الأيام ووجدت كم المعاناة التي تكبدها عميد الأدب في التعليم ليصل إلى أعلى المراتب العلمية أتذكره كلما واجهت صعوبات في الدراسة ما يجعلنى أتمكن من التعامل مع أي عقبة بسهولة ويسر.
وتتفق معها ريم نصار وتقول: أهم درس علمه لنا طه حسين أنه لا يوجد أي شيء مستحيل في الحياة، ومن يريد أن يحقق أي إنجاز عليه أن يضع هدفا أمامه ويسعى إلى تحقيقه بإرادة قوية وعزيمة لا تقهر، ومهما واجه من رياح الحياة العاتية وعواصفها سيصل إلى القمة في النهاية.
أما دينا أبو حلوة، كاتبة شابة فقد كان تأثير العميد عليها عاطفيا وتمثل ذلك في تعاطفها معه في مرحلة طفولته وما عناه في تلك الفترة والذى انعكس على إعجابها بأسلوبه الصادق في كتابة سيرته الذاتيه في رواية "الأيام" خاصة ما رصده بدقة وصدق من تفاصيل الحياة في البيئة الريفية وعلاقته بأهله.
نموذج لتقبل الذات
يعلق على إعجاب الشباب بطه حسين د. حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس ويذكر أن عميد الأدب العربي يعد نموذجا متفردا للمثابرة على تحقيق الهدف مهما ظهر أنه مستحيل، كما أنه كان لديه مقدرة كبيرة على تقبل الذات فتجاوز إعاقته واستطاع أن ينشغل بما يريد الوصول إليه بدلا من أن يسجن نفسه في ظلام فقدان البصر.
ويقول: دائما ما يتم الحرص على تدريس قصة حياته للأجيال الصغيرة حتى يستفيد الشباب منه كقدوة على الانفتاح على الثقافات المختلفة ومع ذلك كان لديه انتماء إلى بلده ولغة العربية التي كان يحرص عليها رغم إجادته للغات أخرى، وإضافة إلى ذلك فهو يقدم أيضا للأجيال الطرق الصحيحة لإعمال العقل في النقد الموضوعي لكل ما حولهم حتى يستطيعوا في النهاية تكوين رأي خاص بهم، بالإضافة إلى أنه يعد نموذجا مبكرا للمفكرين المصريين الذين عاصروا الجامعة في بدايتها، لذا يجب تقديمه للشباب ليتعرفوا على النماذج المشرفة في الفكر والأدب ويسيروا على طريقه في تحد الصعاب ليصلوا لما يريدون تحقيقه مهما كان مستحيلا.
برواز
الأيام
ظهرت فترة شباب عميد الأدب العربي في الجزء الثالث من كتابه "الأيام" والذي قدم فيه سيرته الذاتية، ويتناول في هذا الجزء العديد من الأحداث في مرحلة شبابه والتي غيرت من حياته بشكل كبير.
في البداية يتحدث عن فترة دراسته في الأزهر وكيف كانت حياته بسيطة جدا ومستوى معيشته أقرب إلى الفقر، لكن أكثر ما كان يزعجه في تلك الفترة شعوره بالملل من روتين الحياة التي يعيشها، وكانت بداية التغيير في حياته سماعه بالجامعة المصرية التي كانت حديثة النشأة في ذلك الوقت، وحضوره دروسها وما وجده من اختلاف كبير بينها والأزهر، حيث وجد فيها من بيئة متفتحة للعلوم ما يتفق مع نفسه وعقله، ثم تحدث بعد ذلك عن تجربته في الكتابة وما كان يتميز به من جرأة سببت له المتاعب ولمن حوله، ويتذكر طه حسين بكل الحب الأساتذة الذين ساعدوه في بداياته وكيف كان لكل واحد منهم تأثيره الخاص في تخطيه إحدى العقبات التي كانت تواجهه والتي كان أشدها فقدانه للبصر، كما يصف أصدقاءه المحيطين به وطرق حياتهم ودورهم في حياته.
وكانت المرحلة الفاصلة في حياته هي ذهابة إلى فرنسا وحصوله على الدكتوراه هذا على المستوى العملي، أما على المستوى الشخصي فقد قابل هناك حب عمره زوجته سوزان، وعندما وصف العميد كل مرحلة مر بها في شبابه لم يكن طريقه ممهدا بالورود لكن واجهته العديد من العقبات الكبرى كان منها مرتبط بعاهته أو بتعنت الكثير من الأشخاص الذين قابلهم في حياته العملية، هذا غير الأحداث العالمية والمحلية الكبرى التي وقعت في فترة شبابه في أوائل القرن الماضي لكن بإرادته الحديدية ومقدرته على التحدي استطاع أن يقهر الظلام وتصبح قصة حياته نبراسا لكل من يريد أن يمسك النجوم بيده.
برواز 2
العميد في سطور
- ولد طه حسين عام 1889 وتوفي عام 1973.
- فقد بصره وهو طفل صغير.
- التحق بالكتاب في قريته بمحافظة المنيا ثم ذهب للقاهرة والتحق بالأزهر.
- كان من أوائل من التحقوا بالجامعة الأهلية عند افتتاحها.
- حصل على الدكتوراه من مصر ثم سافر في بعثة لفرنسا.
- بعد عودته من فرنسا عمل أستاذا في الجامعة.
- تولى عدة مناصب مهمة كعميد كلية الآداب، ورئيس جامعة الإسكندرية، ووزير المعارف.
- له العديد من المؤلفات العلمية والأدبية.
- كتب سيرته الذاتية في كتاب الأيام الذي يتكون من ثلاثة أجزاء.
- تحولت بعض قصصه ورواياته إلى أفلام وأعمال درامية مثل: دعاء الكروان والحب الضائع
ساحة النقاش