أماني ربيع

تنتهي العلاقات العاطفية لأسباب مختلفة، خاصة عندما يشعر الطرفان أن الاستمرار لن يجلب لهم سوى التعاسة والألم، لكن أحيانا تحت ضغط الشعور بالفقد والحنين للذكريات قد تشعر بعض الفتيات والنساء بإغراء العودة إلى العلاقة القديمة، وكثيرا ما تنتهي هذه العودة بالندم ويقعن فريسة لوجع طويل الأمد، لذا احذري فخ العودة للماضي دون تفكير في أسباب هذه العودة ووضع شروط لنجاح هذه العلاقة.

"حواء" استمعت لحكايات بعض السيدات وتجاربهن، كما طلبت آراء الخبراء والمتخصصين لمعرفة كيفية التصرف عند المرور بتجربة مشابهة.

فى البداية تقول ندى السيد، ربة منزل: بعد التخرج كنت فتاة مرحة ومقبلة على الحياة وأتصرف بعفوية، التقيت في العمل بزميل سرعان ما جمعتنا قصة حب، كانت هناك عيوب حذرني منها الأصدقاء لكن حبي له جعلني عمياء تماما حتى فوجئت به يتركني برسالة على الموبايل.

تكمل ندى: حزنت كثيرا، واستغرقت سنتين للتغلب على المشاعر السيئة التى انتابتنى، وبدأت الدراسات العليا والتحقت بعمل أفضل، حتى فوجئت به يطلب العودة نادما على ما حدث، كنت أحلم بعودته لي لذا وافقت، لكنني بدأت ألمس عيوب شخصيته وأراه على حقيقته، ورغم ذلك حرصت على الاستمرار معه على أمل ان يتغير حتى فوجئت به يتصل بوالدي يخبره بإنهاء خطبتنا، لم أحزن وقطعت أي صلة قد تجمعنى به فى يوم من الأيام، شعرت بخطئي هذه المرة وتمكنت من إغلاق باب هذه القصة للأبد، وبدأت أدرك أن الحب وحده ليس كافيا، ولابد من الاحترام والتفاهم بين الحبيبين. 

وتقول لبنى محمد، محامية: العودة إلى علاقة سابقة ليس خطأ مطلقا، لكن قبل إعطاء فرصة ثانية لعلاقة  قديمة يجب ترك مساحة للعقل والمنطق وتجنب العاطفة، أنا مثلا ارتبطت بزوجي بعد التخرج مباشرة، ورغم الحب الذى جمعنا كان اختلاف وجهة النظر في الحياة يجعلنا في شجار وخلافات مستمرة، انفصلنا لمدة خمس سنوات، انشغلت فيها بتحقيق ذاتي، حتى التقينا مجددا، وقررنا ترك الماضي وبدء صفحة جديدة وكأننا نتعرف على بعضنا البعض لأول مرة.

تضيف لبنى: بحثنا سويا عن أسباب فشلنا الأول وأخطاء كل طرف منا، شعرنا أننا تغيرنا وصرنا أكثر عقلانية وصبرا في تقبل اختلافاتنا، والآن نحن متزوجين ولدينا توأم وعلاقتنا مستقرة.

أما راندا صابر،  مدرسة فتقول: كان زوجي دائم السفر والاهتمام بعمله، شعرت أن وجودي بلا قيمة في حياته، وعندما حاولت التحدث معه اتهمني بالأنانية وإحباط محاولاته لتأمين حياتنا، طلبت الطلاق رغم حبي له، وبعد سنة، عاد نادما لكنني وجدت أنه لم يتغير، وشعرت أنني سأهدر حياتي بالعودة له، فخلال بعدي عنه شعرت بقيمة نفسي وأنها تستحق من يقدرها لذا رفضت العودة له، وأنا الآن مخطوبة بشخص يجعلني أولوية في حياته وشريكة حقيقية وليس مجرد قطعة أثاث في المنزل.

البحث عن أسباب الفشل

ترى د. أمنية عزمي، استشارية الصحة النفسية أن قرار العودة يختلف بحسب ما يريده الشخص، وإذ كان يفضل البقاء أسيرا للماضي، أم أن لديه استعدادا للتغيير، وكذلك قدر من الشجاعة لمواجهة ألمه وتخطي التجربة للبدء من جديد.

وتقول: هناك شخصيات تعود بدافع التعود والحنين دون إدراك لمشكلات هذه العلاقة والأسباب التي أدت لفشلها في المرة الأولى، وعندما يعودون مجددا ينتهي الأمر بالفشل أيضا، لأن المشكلات التي أدت للانفصال في البداية لا تزال موجودة، لكن قرار ترك الماضي والبدء من جديد ليس سهلا ويحتاج إلى قوة وصبر.

وتضيف: مشاعر الحب معقدة وتخطيها أو حتى محاولة تحليلها بشكل منطقي يحتاج لجهد، لذا قبل العودة إلى علاقة قديمة لابد أن أسأل نفسي عدة أسئلة، هل هذه العلاقة تناسبني الآن؟ هل تسعدني؟ فالسعادة في الحب أحد عوامل نجاحه، فإذا كانت العلاقة مؤذية لماذا أستمر فيها؟ ولو أننى لا أجد مقابلا من شريكى لماذا لا أنهي علاقتى معه وأنتظر بداية جديدة مع شخص يقدرني ويبادلنى المشاعر والتضحيات؟

وقفة مع النفس

يرى د. أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع أن من الأمور التي قد تساعد الشخص في معرفة ما إذا كانت العودة لعلاقة سابقة أمر جيد أم لا هو تحديد عيوب ومميزات كل طرف، وما إذا كانت هناك عيوبا يمكن التعايش معها وأخرى لابد من تغييرها.

ويقول مصيلحي: قبل البدء في علاقة جديدة أو حتى العودة لعلاقة قديمة لابد من وقفة مع النفس واستعادة التوازن وإعادة الحسابات والتخلص من التفكير العاطفي، وأن تسألي نفسك هل تستحق من هو  أفضل منه؟ ويفضل أن يبدأ الشخص بحب نفسه وتقديرها لأن استعادة الثقة بالنفس تمنحنا القدرة على الاختيار السليم.

أما خبيرة التنمية البشرية، صوفي عادل فتقول: إن الحب أمر ضروري في حياتنا، لكن لابد أن تكون هناك ضوابط له، وبعد الخروج من علاقة زواج أو خطوبة علينا معرفة أسباب الفشل، وماذا نريد فعلا، فإذا أردتِ العودة لعلاقة سابقة اسألي نفسك هل سعادتك مع هذا الشخص فعلا أم أنك تعودين لمجرد أنه متاح وموجود؟ وهل أنت على استعداد لتقبل عيوبه التي كانت سببا في فشل العلاقة سابقا، والتعايش معها أم لا؟

وترى خبيرة التنمية البشرية أنه إذا كانت هناك علاقات لا يمكن العودة إليها كالعلاقات السامة والتي يشوبها عنف لفظي أو جسدي، فهناك علاقات يمكن إصلاحها وأحيانا تكون العودة إليها ناجحة لأن الأمور تصبح أكثر وضوحا لأن المرأة تكون قد عرفت ما تريد حقا، وتعرفت على نفسها جيدا بعد التجربة السابقة، عند ذلك ستتمكن من تحقيق السعادة.


المصدر: أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 440 مشاهدة
نشرت فى 14 فبراير 2024 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,890,028

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز