بقلم: د. صبورة السيد
ارتبط الصيام لدى المصريين بالكثير من المفاهيم التى أرى بل أثبتت الدراسات الحديثة خطأوها، وعلى الرغم من كثرة تلك المفاهيم والسلوكيات الرمضانية إلا أننى أود تسليط الضوء على إحداها وأرى أنها أهمها، لأن علاجها سبيل تحقيق النهضة بدفع عجلة الإنتاج ومراعاة الضمير فى العمل، ذلك المفهوم هو أن الصيام يضعف من قدرة الإنسان على العمل ويحد من طاقته الإنتاجية!
وأقول إن رمضان هو شهر الصبر والجد والاجتهاد، وهو أيام معدودات يستثمرها المسلم فى طاعة الله تعالى والتقرب منه، وهو شهر القوة والجهاد والعمل ولا أدل على ذلك من الأحداث والمعارك التى خاضها المسلمون كغزوة بدر، وفتح مكة، ومعركة عين جالوت، وغيرها، وفى ذلك إشارة إلى العمل بجد ودون كلل أو ملل لرفعة وطننا وأمتنا، فتعطيل عجلة الإنتاج والعمل خلال شهر رمضان المبارك بذريعة الصيام حجة واهية تتناقض مع مقاصد الصيام والعمل باعتباره عبادة، والسعى على الرزق وخدمة الناس، إذ إن مفهوم العبادة لا يقتصر على الصلاة والصيام وقراءة القرآن، لأن الإسلام لا يقبل سلوك الذين يصومون رمضان ويظنون أنهم يعبدون الله حق عبادته لكنهم يتكاسلون عن أداء أعمالهم وواجباتهم الدنيوية، فرمضان شهر عمل وإنتاج، كما هو وقت عبادة وتقرب إلى الله، ومناخ رمضان وإراحة المعدة خلال معظم ساعاته من الطعام والشراب يساعد على العمل، فالصائم ذو ضمير حى وجسم نشيط وهو قادر كما يقول أطباء التغذية والصحة العامة على العمل لمدة ثمان ساعات متصلة دون إرهاق أو ملل، فلماذا يتقاعس كثير من المسلمين عن أعمالهم فى رمضان المبارك؟
عندما تسأل البعض عن أثر الصوم على إنتاجيتهم فى العمل تجد أن الرد السريع يكون أنه يقلل من الإنتاج ويؤثر سلباً، إلا أن الدراسات أثبتت العكس، حيث يرجع الكثيرون شعورهم بالجوع والعطش والنعاس للصيام إلا أن السبب الرئيسى لعدم تركيزهم قلة النوم وليس الصوم، إذ أظهرت الأبحاث أن الحرمان من الطعام يزيد اليقظة عند مختلف الكائنات الحية، كما بينت أن الصوم يزيد التركيز واليقظة.
إن الصيام يعود الإنسان على احترام قيمة الوقت الذى هو أساس النجاح فى العمل والإنتاج، وسر الأزمة الإنتاجية التى تعانى منها مختلف المجتمعات ناجمة عن عدم إدراك قيمة الوقت فى الحياة، فهيا لنشمر عن سواعدنا فى العمل جنبا إلى جنب من العبادة فرب العزة يجب إذا عمل أحدنا عملا أن يتقنه.
ساحة النقاش