إيمان العمري
أصحابي الأعزاء صديقتنا هدى لاحظت أن جدتها تقرأ إحدى القصص، وعلامات الإعجاب تظهر عليها فسألتها عنها، أجابت أنها إحدى أعمال الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي "حلم رجل مضحك"، والتي تحكي عن رجل كان يوصف بأنه مضحك قرر الانتحار، وعندما نام حلم أنه وجد نفسه وسط مجموعة من البشر يعيشون حياة جميلة ومثالية ويتصفون بكل المعاني السامية، لكنه استطاع إفساد كل ذلك عندما أدخل الكذب إلى حياتهم، ومن خلال الكذبة الأولى ظهرت كل النواقص في النفوس التي سرعان ما تحولت إلى جرائم وتبددت معها كل المعاني الجميلة وظهرت الأطماع والعنصرية وحب السيطرة والقهر وغيرها من الأشياء البشعة التي أدت الى اندلاع الصراعات.
ابتسمت هدى معلقة على خيال دوستويفسكي الجامح الذي جعل الكذب يؤدى إلى كل تلك الكوارث.
أنكرت الجدة سخرية حفيدتها الخفية مؤكدة على أن الكذب هو بالفعل الشرارة الأولى التي تؤدى إلى اندلاع أبشع الحرائق المدمرة.
فالكاذب هو شخص جبان لا يريد أن يواجه الناس بالحقيقة كما أنه في الغالب يخفى خطأ ما وهو مستعد أن يفعل أي شيء لاخفاء أخطائه، فضلا على أنه عندما يتمكن من خداع الآخرين تتملكه سعادة شيطانية تجعله يستمتع بالغش والخداع وذلك بداية لطريق طويل لا ينتهي من الأفعال الخاطئة التي لا يمكن تحديد مدى حجمها.
عارضتها هدى بأن هناك بعض الأكاذيب البيضاء التي لا تضر أحدا، فردت عليها الجدة المشكلة أن أكثر من يضره الكذب هو صاحبه لأنه يتعود على عدم المواجهة ويبتعد عن الحقيقة، وحتى لو كانت البداية أشياء بسيطة سرعان ما تتحول إلى أسلوب حياة قائم على الغش والخداع وينتهي بصاحبه إلى الهاوية.
ساحة النقاش