أمانى ربيع
أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن العاصمة الإدارية الجديدة تتعدى كونها مجرد مدينة عمرانية حديثة تتضمن مشاريع سكنية بنيت وفق معايير بيئية عالمية تستهدف مواجهة الكثافة السكانية ونقل الجهات الحكومية إليها، وأوضحوا أن لها أهمية اقتصادية تتجلى فى مساهمتها فى زيادة نمو مصر الاقتصادى وتنفيذ خططها التنموية وجذب الاستثمارات الأجنبية ما يعزز مكانتها على خارطة العالم الاقتصادية.
ودعا أساتذة الاقتصاد إلى استثمار المقار القديمة للوزارات والمؤسسات الحكومية التى انتقلت إلى مقار أعمالها بالعاصمة الجديدة والاستفادة من عوائدها فى تنفيذ المشروعات التى تنفذها مصر فى ربوعها، مؤكدين أن منشئات العاصمة تعد خطوة كبيرة نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر ورقمنة الخدمات الحكومية، فضلا عن كونها تقلل نسب البطالة وتزيد من احتياطى مصر من العملة الأجنبية
البداية مع د. رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي بجامعة القاهرة والذى اعتبر العاصمة الإدارية الجديدة إضافة كبيرة للتنمية الاقتصادية في مصر وواجهة عصرية للبلاد، مؤكدا أنها مدينة مستدامة وذكية تشكل جذبا للاستثمارات الأجنبية، كما أن وجودها منح الأراضي المحيطة قيمة كبيرة، عززت من انتعاشة القطاع العقاري بالمنطقة.
ويقول: إن توفر البنية التحتية من طرق ومواصلات أدى إلى اتجاه العديد من المواطنين للسكن في المدن المجاورة التي لم تعد مهجورة الآن، مثل مدينة بدر خاصة مع توفر السكن والمدارس والمواصلات وهو ما ساهم في تطوير البنية التحتية المهمة لجذب الاستثمارات، وكذلك تخفيف الضغط عن إقليم القاهرة الكبرى.
وتابع د. عبده: يمكن تعظيم مكاسب الدولة من العاصمة الإدارية عن طريق تأجير المقرات التي أصبحت فارغة بعد نقل الوزارات والمؤسسات الحكومية واستغلالها استثماريا بإعطائها لشركات استثمارية أو تحويل بعضها إلى فنادق أو مستشفيات والاستفادة من أموالها في الإنفاق على الخدمات والمشروعات التي تحتاجها الدولة.
الاقتصاد الأخضر
اعتبرت د. جيهان عبدالسلام، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا، بجامعة القاهرة العاصمة الإدارية خطوة في تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، تحت محور المدن الجديدة أو الذكية التي تهدف للتحول إلى الاقتصاد الأخضر الصديق للبيئة بما يساهم في تحسين جودة حياة المواطنين وتوفير حياة كريمة لهم.
وتقول: من أهم شروط الاقتصاد الأخضر المباني المستدامة، وقد تم إنشاء مباني العاصمة الإدارية وفقا للمعايير البيئية العالمية المتعلقة بالاستدامة، وتعد أقل المدن في مصر انبعاثات كربونية، وأقل تلوثا تعتمد كلية على الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، مع مراعاة لنسبة المساحات الخضراء فيها، وهو ما يخدم أهداف التحول إلى الاقتصاد الأخضر، كما أن معظم الدراسات الدولية تؤكد أن استمرار مصر على نفس النهج في التحول للاقتصاد الأخضر سيضيف إلى الناتج المحلي سنويا ما لا يقل عن 1% إضافة لمعدل النمو، بمعنى لو معدل النمو 4% سيصبح 5% وهكذا.
وترفض د. جيهان النظر إلى العاصمة الإدارية باعتبارها بديل أو منافس للقاهرة، وترى أنها عنصر مكمل لفكرة التنمية العمرانية في مصر وهي أحد محاور رؤية مصر 2030، ومن المفترض أن تستوعب العاصمة الجديدة من 6.5 إل لاى 10% مليون مواطن، وهو ما سيساهم في تقليل التكدس بالقاهرة والمدن الرئيسية، ما يؤدي إلى تحسين جودة حياة المواطنين، وهو ما تؤكده دراسة أجراها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، حيث أوضحت من خلال استمارات الاستبيان أن الموظفين الذين تم نقلهم للعاصمة الإدارية الجديدة تحسن مستوى إنجازهم للأعمال بصورة أفضل نسبيا عنه أثناء وجودهم في المقرات القديمة لجهات أعمالهم.
طفرة استثمارية
جذب الاستثمارات، أحد مؤشرات الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية، بحسب عبد السلام، التي ترى أن المدينة الجديدة بإمكانياتها جذبت العديد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وشهدت طفرة استثمارية خاصة في مجال العقارات واستثمارات خلايا الطاقة الشمسية، وكل هذه الفرص الاستثمارية تصب في صالح النمو الاقتصادي وزيادة احتياطي النقد الأجنبي، بالإضافة إلى توفير فرص عمل كثيرة، حيث يعمل نحو 1.5 مليون مصري بالعاصمة الجديدة، ومع إتمام العديد من المشروعات قد يصل الرقم إلى 3 أو 3.4 مليون مواطن، وهو ما يقلل من نسب البطالة ويحسن مستوى الدخل، وبالتالي سيتذحسن مستوى الاقتصاد المصري.
وتضيف أستاذ الاقتصاد: ارتفاع قيمة الأراضي المحيطة بالعاصمة الإدارية سيخلق موارد للموازنة العامة، فالمدينة الجديدة بما يتوافر فيها من بنية تحتية رقمية وتوافر خدمات اتصالات وانترنت وخدمات بنكية تعزز التحول الرقمي والذكي في مصر، إضافة إلى زيادة مشروعات البنية التحتية من مواصلات وطرق لربط العاصمة الجديدة بباقي أنحاء مصر ويسهل الانتقال على العاملين بالعاصمة، ما يشكل عنصر جذب للمستثمرين لإقامة المزيد من المشروعات، وبالإضافة إلى القيمة الاقتصادية، تمثل العاصمة مظهرا ثقافيا وحضاريا جديدا لمصر، فهي مدينة قائمة على فكرة التنوع تتضمن مراكز ثقافية وحضارية وتعطي صورة جميلة عن مصر مستقبلا كمدينة رقمية ذكية صديقة للبيئة بنيت وفقا للمعايير العالمية.
يوفر آلاف فرص العمل
يرى بلال شعيب، الخبير الاقتصادي أن العاصمة مشروع عظيم يوفر عوائد مادية مباشرة وغير مباشرة، كما تشكل طفرة في التوسع العمراني بمصر التي لم تتوسع لعقود طويلة خاصة مع الزيادة السكانية الهائلة التي تشكل عبئا على موارد الدولة، مشيرا إلى أن مصر كانت تعاني ركودا اقتصاديا في قطاع المقاولات والعقارات، لكن العاصمة أحدثت انتعاشة فى هذا القطاع الذى يوفر فرص عمل كثيرة ما يسهم في خفض معدل البطالة.
ويقول الخبير الاقتصادي: فتحت العاصمة الإدارية منافذ للاستثمار في مجالات مختلفة ما يساهم في دعم الاحتياطي النقدي وزيادة العملة الصعبة، بالإضافة إلى توسيع القاعدة الصناعية بمصر الذي سيؤدي لزيادة الصادرات.
ويرى خبير أسواق المال أحمد معطي أن العاصمة الإدارية تعد طفرة مهمة في وقت تعاني فيه مصر من زيادة سكانية هائلة وتحديات كبيرة، أصبح معها التوسع العمراني أمرا ملحا، لافتا إلى أن المشروع حفز القطاع العقاري والذى يسهم بدوره في تشغيل العديد من المجالات والصناعات مثل صناعة الطوب والأسمنت، كما أنه قطاع كثيف العمالة يوفر فرص عمل، مشيرا إلى أن العاصمة الجديدة بنيت وفقا لتخطيط مثالي، فهي ليست مجرد مكانا للسكن والخدمات والهيئات الحكومية، لكن بها منطقة صناعية وفروع لجامعات أجنبية وأبراج استثمارية ومستشفيات على أعلى مستوى مما يساهم في تشجيع الاستثمار.
وأكد خبير أسواق المال أن المواصفات المثالية لمنشئات العاصمة الإدارية أعطت سمعة طيبة للمطورين العقاريين المصريين الذين بدأوا في إيجاد أسواق لأعمالهم في دول أخرى مثل السعودية وغيرها.
ساحة النقاش