تحقيق: سمر عيد
أمدت عدة دراسات بحثية أن لفصول العام تأثيرا على نفسية الإنسان خاصة بين المتزوجين، حيث أثبتت أن فى الصيف تشتعل نيران المشكلات الزوجية، فكيف لحواء أن تتجنب الخلافات خلال أشهر الصيف؟
في هذا التحقيق ناقشنا الأسباب مع المتخصصين لمعرفة لماذا تزداد الخلافات الزوجية في هذا الفصل عن غيره وقدمنا لك روشتة علاجية لتجنب المشكلات التى قد تهدد استقرار أسرتك.
البداية مع ناهد سرور، مترجمة لغة ألمانية وتقول: أكثر ما يزعجني في فصل الصيف سهر أطفالي حتى الفجر أمام شاشة التلفاز، بينما أصحو أنا وزوجي للذهاب للعمل عند الثامنة صباحا، وبالتالي لا ننال قسطا وافيا من النوم والراحة بسبب إزعاج الأطفال الأمر الذي يجعلنى وزوجى في حالة إنهاك شديد.
أما داليا محمد، ربة منزل فترى أن أغلبية النساء يفقدن أعصابهن في فترة الصيف نظرا لأن ثقافتنا العربية تكلف المرأة بكافة أعمال المنزل، وتقول: مع ارتفاع درجة الحرارة وذهاب الكثير منا لتبني سياسة ترشيد الكهرباء والطاقة لا أشغل جهاز التكييف، فضلا عن قيامى بالمهام المنزلية دون أى مشاركة من أبنائى وزوجى، لذلك نظل في شجار دائم طيلة اليوم.
"أوقات عصيبة" ليست رواية الكاتب "تشارلز ديكنز" بل قصة محمد سعيد الذي يعمل معلما للغة الفرنسية بإحدى المدارس الخاصة بفصل الصيف، ويقول: الصيف من المفترض أنه إجازة من المدارس وأحصل فيه على الراحة والهدوء، لكن ذلك لا يحدث مطلقا، حيث يتحول إلى شجار دائم بيني وزوجتي، فمنذ اليوم الأول في الإجازة تخطط زوجتي لقضاء المصيف وتبدأ لتجهيز الرحلة وتطالبني بدفع مبالغ مالية كبيرة لشراء مستلزمات الشاطئ، ويوميا يطلب أطفالي نقودا لشراء مقرمشات ووجبات سريعة.
"هدير تقع على الأرض وتتعرض لحالات إغماء بسبب ارتفاع درجات الحرارة" هكذا بدأت حديثها معنا هند سيد، ربة منزل عن حياة ابنتها هدير هاني، وتقول: ابنتي متزوجة منذ أكثر من ست سنوات، وكانت قبل الزواج والإنجاب حالتها الصحية جيدة، لكن مع الأسف تدهورت حالتها الصحية وأصبحت مصابة بارتفاع ضغط الدم، وأثناء الصيف ومع ارتفاع درجة الحرارة تصاب هدير بنزيف من الأنف نتيجة ارتفاع ضغط الدم، وتشغل جهاز التكييف ولاتستطيع الاستغناء عنه لأنها لو أوقفته لساعة واحدة يرتفع ضغط دمها وتتعرض للإغماء، وطبعا هذا الأمر لا يعجب زوجها لأنه يدفع فاتورة كهرباء عالية جدا في فترة الصيف نظرا لتشغيل المكيف 24 ساعة، ولقد تشاجر معها وهددها بالطلاق إن لم تكف عن تشغيل جهاز التكييف، فكانت النتيجة أن غضبت منه هدير وتركت له المنزل والأطفال وأتت كي تقيم عندي فترة الصيف حتى تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض.
عالجى خلافاتك أولا بأول
تحذر د. ريهام أحمد عبد الرحمن، أخصائي الإرشاد النفسي والأسري من تراكم المشكلات في الصيف وتنصح بحل المشكلات أولا بأول وعدم مناقشتها دفعة واحدة مع رب الأسرة، لأن الرجل بطبيعته يحب أن يفكر بمشكلة مشكلة على حدة بينما تستطيع المرأة معالجة مشكلات كثيرة دفعة واحدة ومناقشتها معا دون كلل أو ملل.
وتقول: من مشكلات الصيف المعروفة والمشهورة هي الشجار بين الزوج والزوجة على المصيف ومصاريفه، ومن سيصطحبون معهم بالمصيف أهل الزوج أم أهل الزوجة، وأنا أفضل أن تصيف الأسرة الصغيرة بمفردها دون اصطحاب أى منهما، كذلك تطالب الأمهات فور عودتهن من المصيف رب الأسرة بدفع مصاريف المدارس والكتب والكشاكيل ومستلزمات الدراسة للأبناء الأمر الذي يربك ميزانيته ويجعله يثور، أما عن تربية الأبناء والمشاركة فى تحمل مسئوليتهم فيجب الاتفاق عليها منذ فترة الخطوبة لتجنب حدوث أى خلافات حولها، وأود أن ألفت انتباه الزوجين إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يستطيع تحمله البعض بينما لا يطيقه آخرون وفقا لطبيعة كل شخص.
وتتابع: مشاركة الزوج والأبناء للأم فى المهام المنزلية يجنبهم المشكلات، لأن الأم تتحمل مشقة تنظيف وترتيب المنزل طوال النهار فضلا عن إعداد الطعام، لذا إن إعداد الزوج لكوب شاى أو مساعدة الأبناء فى إحضار الطعام أو تنظيف الأطباق ربما يشعر الأم بأنهم يشاركونها المسئولية ويقدرون ما تقوم به من أجلهم.
وتقدم د. ريهام روشتة لحواء في فصل الصيف حتى لا تحرق حياتها الزوجية والأسرية بالمشكلات؛ أولا عليك باختيار الوقت المناسب للتحدث مع زوجك، والسيطرة على الأبناء في فترة الإجازة عن طريق عمل اشتراك شهري لهم بنادي رياضي أو ممارسة هواية مفيدة حتى يخرجوا طاقاتهم بها، وحتى لا يتسببوا فى إحداث فوضى فى المنزل، ومن المهم شرب المياه بكثرة وتعويض نقص السوائل بالجسم عن طريق عمل مشروبات من العصير الطازج، بالإضافة إلى أهمية ممارسة رياضة المشي وعمل نزهات قصيرة غير مكلفة على الكورنيش والتى من شأنها التقريب بين الزوجين، ومن المهم تفعيل مهارات التواصل بين الزوجين واختيار الوقت والمكان المناسبين وكذا الكلمات لعرض أية مشكلة أو توجيه أي لوم للزوج أو أي من أبنائي، مع ضرورة تحديد ميزانية لكل شيء وفقا لإمكانيات الأسرة، وأنصح بالترشيد في فواتير الكهرباء والمياه قدر الإمكان حتى لا نحمل ميزانيتنا الشهرية عبئا إضافيا.
الضغوط المادية
يقول د. السيد أحمد صقر، أستاذ علم النفس بقسم علم النفس التربوي بكلية التربية بجامعة كفر الشيخ: مع ارتفاع درجات الحرارة تزيد نسبة التعرق ونبضات القلب، وينخفض ضغط الدم، بينما يرتفع في أحيان كثيرة لدى من يقومون بمجهود بدني أو ذهني، وكل إنسان على حسب طبيعة جسمه ما يجعل الشخص انفعاليا لا يستطيع التحدث أو الجدال في أي موضوع، وفى العموم علينا أن نراعي ألا نراكم المشكلات والمتطلبات المادية على رب الأسرة أو على المرأة إذا كانت هي من تعيل أسرتها بفترة الصيف، لأن تفاقم المشكلات والمتطلبات المادية مع ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلى الطلاق أو إلى العنف المنزلي بين الزوجين، وأنصح بالترفيه عن النفس وعمل رحلات اليوم الواحد إذا وجدت أن تكلفة المصيف ستكون كبيرة، ويمكننا التنزه كأسرة على النيل أو ببعض الحدائق العامة ليلا، وهذا أمر سيساعد الزوجين على حل الخلافات بهدوء، وسيوفر بالطاقة والكهرباء، وسيجعل الأطفال يخرجون طاقاتهم وينعمون بنوم هادئ في الليل.
احذري المقارنات
تحذر د. نورا رشدي، أستاذ الخدمة الاجتماعية ووكيل معهد الخدمة الاجتماعية من مقارنات النساء في فترة الصيف، قائلة: صدق من قال ولغيرة النساء فعل الخنجر، فعندما تقارن المرأة وضعها بغيرها من النساء تتفاقم المشكلات لأنها لا يعنيها إمكانيات زوجها بقدر اهتمامها بمسايرة الأخريات وتقليدهن، وبعيدا عن المصيف ومشكلاته فإن فترة الصيف تكون مزعجة عند أغلبية ربات المنازل فمع ارتفاع درجات الحرارة لا تستطيع نساء كثيرات الوقوف لساعات بالمطابخ للطهي، ويلجأن إلى شراء الأطعمة السريعة من المطاعم الأمر الذي يضاعف ميزانية الأسرة بالصيف، وهذه الوجبات غير صحية بالإضافة إلى أنها مكلفة جدا الآن، لذا أنصح ربات المنازل بعمل هذه الوجبات بالمنزل بدلا من شرائها فهذا يسهم فى ترشيد نفقات الأسرة وتقليل الأعباء عن الرجال.
ساحة النقاش