أماني ربيع
منذ توليه القيادة السياسية كان ذوو الهمم في صدارة أولويات الرئيس عبدالفتاح السيسي، فأفسح لهم المجال لينطلق صوتهم وسهل لهم الطريق للحصول على الكثير من الحقوق والمكتسبات بعد سنوات من التهميش، وخلال العشر سنوات الماضية وبدعم مباشر من الرئيس اهتمت الحكومة بمشكلات ذوي الهمم ودمجهم في المجتمع عبر العديد من القوانين التي دخلت حيز التنفيذ، وكذلك تقديم مبادرات جعلت حياتهم أكثر سهولة، وأهمها دمجهم في المدارس العادية، وتسهيل الحصول على حقهم في التعليم.
ومهما كانت صعوبة رحلة التعليم مع الأبناء من ذوي الهمم، إلا أن وراءها صبر ودأب الأمهات اللاتي تحملن مسئولية إيصال أبنائهن إلى بر الأمان ومنحهم الفرصة للنجاح وتحقيق الذات، وهذه بعض قصص للأمهات التي نجحن مع أبنائهن في مجال التعليم.
تعد سما رامي، إحدى أيقونات ذوي الهمم، كافحت والدتها السيدة سوزان طلعت من أجل أن تجعل ابنتها نموذجا للنجاح والإرادة، لم يكن المشوار سهلا، لكن السيدة سوزان سعت بكل قوتها لتنمية وتطوير مهارات ابنتها الصغيرة وإخراجها من دائرة العجز إلى القدرة.
كانت الرحلة مليئة بالتحديات، إلا أن السيدة سوزان تحلت بالقوة لكي تكون قدوة لابنتها، واستغلت كل المكتسبات التي منحتها القيادة السياسية لذوي الهمم خلال السنوات الماضية واستفادت منها، موضحة أنه منذ عام 2018 الذي أعلنه الرئيس عاما لذوي الاحتياجات الخاصة، أصبحت كل المجالات مفتوحة أمام ذوي الهمم، وأصبح المجتمع على علم أكبر بإنجازاتنا.
وتوضح السيدة سوزان أن من أهم المكتسبات في مجال التعليم خلال عهد الرئيس السيسي، هو دمج ذوي الهمم في المدارس المصرية وتقديم فرص للتعليم على أعلى مستوى في المدارس اليابانية التي تقبل ذوي الهمم دون قيد أو شرط، وأصبح مسموحا لهم الالتحاق بالجامعات مثل أي شخص عادي، وبفضل قوتها ومثابرتها تمكنت سما من دخول الأكاديمية البحرية وتخرجت وحصلت على بكالوريوس نقل دولي ولوجستيات، وأصبح مجال العمل أمامها مفتوحا.
حاولت والدة سما رامي خلال رحلتها محاربة الصورة النمطية عن ذوي الهمم باعتبارهم نموذجا للعجز وعلمت ابنتها القوة والجرأة وسعت لتنمية مهارات ابنتها وجعلتها تشارك في الفعاليات الوطنية الكبرى دون خجل، وربتها على أن تكون مميزة وقادرة على أن تطالب بحقوقها.
المجتمع يتغير
تعتقد السيدة إلهام عبدالغفار، والدة الشاب محمد كرم أن دمج ذوي الهمم في المدارس واحد من أبرز المكتسبات التي حصلوا عليها، فبجانب قدرة الأبناء على تحصيل التعليم بصورة مساوية لأقرانهم، هناك جزء نفسي واجتماعي هو انتهاء شعورهم بالوصمة وعزلهم في مدارس خاصة وكأنه يجب إخفائهم عن الأعين.
ربت السيدة إلهام ابنها على القوة، وشجعته دائما على المشاركة في كل المجالات المتاحة، لم تشعر أبدا بالخجل من ابنها، وساعدته على التميز في المجال الرياضي، وكان بين المشاركين بعروض الألعاب في افتتاح قناة السويس الجديدة، وأصبح بطلا رياضيا فاز بالعديد من البطولات الدولية، منها: بطولة العرب للسباحة بسوريا 2010، وحصد المركز الثالث في بطولة كرة اليد بالولايات المتحدة عام 2015، كما حصل على المركز السابع عالميا في بطولة السباحة من دولة المكسيك، وفاز أيضا ببطولة الجمهورية للسلة لذوي الاحتياجات الخاصة ثم بطولة الجمهورية للجمباز 2018، وكرمه الرئيس في نفس العام الذي كان عام ذوي الاحتياجات الخاصة.
تقول السيدة إلهام: أصبح المجتمع الآن لذوى الهمم بصورة مختلفة، ومحمد ابني يعمل حاليا مدرس مساعد تربية رياضية في مدرسة تنمية فكرية، وهي مدرسة حكومية وهذا إنجاز كبير جدا يوضح أننا لم نعد مهمشين والدمج أصبح حقيقة وواقع.
وتضيف والدة البطل محمد كرم: يعيش ذوو الهمم حاليا طفرة حقيقة وملموسة وليست مجرد شعارات، حيث وضعتهم الدولة منذ عام 2018 على أول الطريق واهتمت بهم ودعمتهم، وفتحت كل المجالات أمامهم، وكذلك كل المؤسسات والوزارات والهيئات.
نجاح في التعليم والعمل
ترى السيدة إيمان والدة الشاب كريم أحمد مصطفى أن دمج ذوي الهمم في المدارس وفي كافة المجالات واحدا من أبرز إنجازات الجمهورية الجديدة، وبفضل ذلك تحول ذوو الهمم من فئة عبء أو عالة إلى فئة منتجة ومساهمة بشكل حقيقي في مسيرة التنمية، مشيرة إلى أن نظرة المجتمع تجاه ذوي الهمم تغيرت.
وتعتقد والدة الشاب كريم أن هذا التغيير جعل الرحلة أقل مشقة، وأنه على كل أم أن تكون فخورة بأبنائها وتحاول بكل الطرق مساعدتهم على إبراز مواهبهم وتنمية قدراتهم، ذاكرة أن ابنها حصل على دبلوم مهني، ودرس بكلية الدراسات العليا الأفريقية.
وبالإضافة إلى رحلة التعليم، ساعدت السيدة إيمان ابنها في شق طريقه الخاص في العمل واستغلال موهبته في الصناعات اليدوية ليصبح اليوم مدربا للكروشيه والنول والإكسسوارات، وفاز بعدة جوائز في مجال إعادة التدوير وإنتاج منتجات صديقة للبيئة، ومتواجد دائما في المحافل الدولية، وفاز بجوائز من الإمارات وأمريكا، وبفضل نجاحه حاز على إعجاب كل من حوله.
وتشير السيدة إيمان إلى وجود طاقة إيجابية هائلة لدى ذوي الهمم بالإضافة إلى شعورهم الطاغي بالمواطنة والانتماء الناتج عن إدراكهم لقيمة ما اكتسبوه في عهد الرئيس السيسي الذي وقف بجانبهم ومنحهم الكثير من الحقوق.
رمزا للفخر
أصبحت هديل ماجد نموذجا للنجاح والتألق بعد تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي لها في ختام النسخة السابعة من المؤتمر الوطني للشباب، وذلك بفضل والدتها التي ربتها على الشجاعة تلك الصفة التي ساعدت الشابة الواعدة على أن يصل صوتها للرئيس ولكل المصريين.
وتعرب والدة هديل عن سعادتها بأن ذوي الهمم لم يعودوا مهمشين وأصبحوا شركاء حقيقيين في الوطن، وأن طريق النجاح لم يكن ليصبح سهلا لولا دعم الرئيس والدولة، وهو ما ساهم بشكل جذري في تغيير نظرة المجتمع لهذه الفئة، وبجانب المساواة في فرص التعليم أصبحت الحياة أسهل لهذه الفئة عن طريق تيسير الانتقال عبر المواصلات وتخفيض تذاكر المترو والقطارات وتوفير أماكن تناسب أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة في وسائل المواصلات المختلفة.
تقول والدة هديل: تحولت الشعارات إلى حقائق ملموسة، هذا منحنا قوة أكبر على الكفاح من أجل نجاح أبناءنا لأننا ندرك بوجود نتيجة وأن أبناءنا بعد مشوار التعليم سيجدون فرص عمل سواء في القطاع الحكومي أو الخاص".
واليوم وبفضل قوة الأم والابنة أصبحت هديل خريجة كلية الآداب قسم فلسفة، وسفيرة مؤسسة الجمهورية الجديدة لذوى الهمم، تقول الأم: "أعظم إنجاز حققناه، هو أن ذوي لم يعودوا مدعاة للشفقة بل رمزا للفخر وصار دمجهم وتواجدهم في كل المجالات حقيقة واقعة، والرئيس يفتخر بهم مثل أي شخص طبيعي ويحرص على وجودهم في كل المحافل ومؤتمرات الشباب".
وتضيف والدة هديل أن نجاح ذوي الهمم فرض نفسه، وأصبحنا نراهم في وظائف لأول مرة مثل المذيعة والمرشد السياحي ومعيد في الجامعة ومطربة مثلي، بخلاف النجاحات المبهرة للرياضيين وكلها نماذج يسلط عليها الضوء بشكل مكثف من خلال الإعلام، وحتى الدراما أصبحت تطرح مشكلاتهم وتناقش قضاياهم.
التفاعل مع المجتمع
الخبير التربوي مدحت سيد، يرى أن رحلة الأمهات مع أبنائهن من ذوي الإعاقة كانت صعبة لأنهن يواجهن وصمة المجتمع وظروف لا تؤهل أبنائهن للتكيف بصورة جيدة، لكن الآن أصبح الأمر أقل صعوبة خاصة وأن نظرة المجتمع لهذه الفئة آخذة في التغيير، كما أن وجود نماذج كثيرة ناجحة منهم يمنح الأهالي الأمل.
ويعتقد سيد أن أهم طرق تربية الأبناء من ذوي الهمم هو حثهم على التفاعل مع البيئة المحيطة، وتربيتهم على عدم الخوف ومساعدتهم في إيصال صوتهم ومطالبتهم بحقوقهم، لتتحول النظرة إليهم من شفقة إلى فخر، هذا التفاعل يمنح ذوي الهمم الثقة في قدراتهم ويجعلهم أكثر جرأة وشجاعة في مواجهة أي عقبات قد تواجههم، وتحديهم للصعوبات من أجل تحقيق أحلامهم.
بيئة داعمة
من جهتها ترى استشارية الصحة النفسية ولاء عبدالفتاح أن للأهل دورا كبيرا في نجاح أبنائهم من ذوي الهمم، وتقول: عندما ينشأ الطفل في بيئة محبة وداعمة يشجعه ذلك على إبراز قدراته وتحدي إعاقته، وخلف معظم النماذج الناجحة لذوي الهمم والتي نراها، هناك أمهات شجاعات وقفن خلف أبنائهن وطرقن كل الأبواب من أجل حقوق هؤلاء الأبناء ومنحوهم الفرصة للتميز سواء الرياضي أو في التعليم.
وتضيف: يجب استغلال المرحلة الحالية الحافلة بالمكتسبات لذوي الهمم، وأن يسعى الأهالي إلى وضع أبنائهم في دائرة الضوء وإخراجهم إلى النور، بدلا من الجلوس في المنزل، وحثهم على تكوين أصدقاء والتفاعل مع الأقران، وتنمية الهوايات، وحثهم على أن يكونوا أشخاصا منتجين فهذا الشعور بالمسئولية والقدرة على الإنتاج يمنحهم ثقة أكبر في المستقبل.
ساحة النقاش