كتبت: نهى عبدالعزيز 

تعد التجارب الفاشلة جزءًا لا يتجزأ من رحلة الإنسان في الحياة، فكل شخص مرّ أو سيمر بتجربة لم تحقق ما كان يطمح إليه، وهنا يظهر السؤال الأهم: هل يجب أن نشعر بالندم تجاه هذه المواقف، أم علينا أن ننظر إليها كفرص للتعلم واكتساب الخبرة؟

يقول وائل أسعد، حاصل على بكالوريوس تجارة: الفشل تجربة سيئة لكنها علمتنى الكثير، ففى الثانوية العامة اجتهدت كثيراً في المذاكرة لكن لم أحصل على الدرجات المرجوة، لم أشعر وقتها باليأس وحاولت كثيرا وبتشجيع والدي تحول الإخفاق إلى نجاح ولم أترك الفشل يتمكن منى. 

أما هدى ربيع، موظفة خدمة عملاء فتقول: تعرضت مرة للفشل العاطفي، لكن لم أستسلم وبدأت في التفكير لمعرفة السبب وهذا جعلني أتجاوز الموقف بعد فترة قصيرة، وتعلمت العديد من الأشياء بعد تلك التجربة حتى لا أقع في مثل هذا الموقف مرة أخرى.

ويذكر هشام محمد، محاسب في أحد البنوك أن الفشل تجربة يجب التعلم منها، ويقول: واجهتنى فى بداية حياتى العملية تجربة سيئة بسبب عدة عوامل منها خارجية ومنها عدم خبرتى الكافية في مجال العمل وغيرها وكانت فترة صعبة في حياتى شعرت خلالها بالندم وظننت أننى لن أحصل على أى عمل آخر بعد تلك الوظيفة التي أضعتها، لكن تجاوزت المحنة وعرفت أسباب الفشل وأهلى ساعدونى لتجاوز الموقف كله حتى حصلت على وظيفة جديدة ولم أكرر أبدا نفس أخطاء الماضى بل تعلمت الكثير من التجربة الفاشلة. 

أما ندى مرسى، تعمل فى الموارد البشرية فتقول: تعرضت للفشل أكثر من مرة على العديد من المستويات بداية من الدراسة أو العمل وكذلك العلاقات الاجتماعية وتكوين الصداقات والتي تعد من أصعب التجارب التي مررت بها، لكن الآن تجاوزت هذا وأصبحت أكثر قدرة على الاندماج في الحياة الاجتماعية واختيار الأصدقاء وعرفت الفرق بين الصديق والزميل. 

مستقبل أفضل

يعلق على تأثير التجارب الفاشلة على الشباب د. جمال فرويز، استشارى الطب النفسي في الأكاديمية الطبية العسكرية قائلا: في حياة كل إنسان محطات يتوقف عندها، بعضها مليء بالإنجازات، والبعض الآخر يحمل خيبات أمل وتجارب غير مثمرة، وبين صفحات الفشل يطرح سؤالا مهما: هل علينا أن نشعر بالندم على ما فات، أم نعتبر هذه التجارب دروسًا ناضجة تمهد لنا طريق النجاح في المستقبل؟  فالشعور بالندم بعد الفشل أمر طبيعي، بل إنه أحيانًا ضروري، لأنه يدفع الإنسان إلى مراجعة قراراته، لكن الخطورة تكمن في التوقف عند هذا الشعور وعدم تجاوزه إلى مرحلة الاستفادة والتعلم.

ويتابع: في الواقع قصص النجاح الكبرى غالبًا ما بدأت بفشل، فتوماس إديسون مثلًا أخفق مئات المرات قبل أن ينجح في اختراع المصباح الكهربائي، لم ينظر إلى محاولاته السابقة كأخطاء بل وصفها بأنها "طرق لم تؤد إلى النتيجة المطلوبة"، أي أنها تجارب علّمته ما لا يجب أن يفعله، ومن وجهة نظر اجتماعية فإن المجتمع كثيرًا ما ينظر إلى الفشل كوصمة، ما يجعل البعض يخجل من المحاولة مرة أخرى، لكن الحقيقة أن الفشل قد يكون نقطة الانطلاق الحقيقية، شرط أن يتحلى الإنسان بالإصرار والرغبة في التعلم، وهنا يظهر الفرق بين من يرى في الفشل نهاية الطريق، ومن يعتبره بداية لفهم أعمق وتحليل أدق لما ينبغي فعله لاحقًا، فالتجربة الفاشلة لا تمحو قيمة الشخص بل تعزّز وعيه وتنضج قراراته إذا أحسن التعامل معها، وفي ضوء ذلك يبدو أن الخيار ليس بين الندم والتعلم، بل في القدرة على تحويل الندم إلى دافع للتغيير، واستثمار كل تجربة مهما كانت قاسية لبناء مستقبل أقوى.

المصدر: نهى عبدالعزيز
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 82 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,576,894

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز