أمانى ربيع
يدخل الكثير من الطلاب المرحلة الجامعية محملين بأفكار عن الرحلات والحفلات والأنشطة التي يشاركون بها معتبرين الجامعة محطة للعب والخروجات والتصوير غافلين عن أهميتها كمرحلة تعدهم للمستقبل.
«حواء» تحاور مجموعة من الخريجين والطلبة في السنة الجامعية الأخيرة لمعرفة تجاربهم مع الجامعة وكيف اعتبروها فترة لزيادة الخبرات والإعداد لمرحلة ما بعد التخرج، بالإضافة إلى معرفة آراء الخبراء التربويين والمختصين فيما يتعلق بأضرار عدم الاهتمام بالحياة الجامعية وتأثيرها في الحصول على فرص عمل جيدة في المستقبل.
تقول ماهيتاب محمد 24 سنة خريجة كلية إعلام أهم شيء أن يكون لدى الطالب هدفا
في التعرف على متطلبات العمل كمترجمة في المستقبل، وكذلك في تحمل المسئولية، ولم يعد لدي خوف من فكرة الحصول على وظيفة، لأن من خلال عملي تأتيني الفرص، وأنا أعتبر كل ما أقوم به الآن خطوة في تحقيق حلمي مستقبلا.
قبل الذهاب للجامعة، فأنا مثلا كان هدفى أن أصبح أستاذة جامعية، وعند أي محاولة كسل كنت أذكر نفسي بهذا الهدف حتى لا أفقد شغفي في منتصف الطريق، للأسف مررت بأزمة مرضية في السنة الأخيرة، وأصبح تقديري جيد جدا بدلا من امتياز، لم أستسلم وبدأت في مرحلة الماجستير.
الإعداد للمستقبل
يهتم معاذ سيد، 25 سنة خريج كلية هندسة بالدراسات المتقدمة في البرمجيات ويتطلع إلى الالتحاق بكورسات الذكاء الاصطناعي والتي ستساعده كثيرا من أجل الاستعداد لمستقبله المهني، لأن بعض التخصصات في الهندسة لا تساعده، لذا على الطالب أن يساعد نفسه ويطور مهاراته، وبجانب الاهتمام بمواد التخصص يجب أيضا الاهتمام بإتقان لغة ثانية أهمها الإنجليزية أو الألمانية.
وتضيف: لم أضيع وقتى خلال الجامعة، وتدربت في عدد من المؤسسات الإعلامية، وخلال الإجازات تعلمت مبادئ التصوير بالموبايل والمونتاج وهو ما ساعدنى في عملى وأهلنى للعمل صحفية بعدد من المواقع وهو ما يمكننى من دفع مصروفات الدراسات العليا وتحمل تكلفة الكورسات التي تساعدني على تطوير ذاتي.
وتوضح سندس خالد 21 سنة طالبة بكلية الألسن أن شغفها باللغات كبير، وأنها لا تهتم كثيرا بالتدريس في الجامعة رغم تفوقها بل تأمل أن تصبح مترجمة فى مؤسسات عالمية، وبخلاف إجادتها للغة الإنجليزية، سعت سندس خلال فترة الدراسة لتعلم الفرنسية والإيطالية، كما عملت خلال فترة الإجازة بمراكز لتعليم اللغة الإنجليزية من أجل تطوير مهاراتها.
توجيه ناعم
توضح د. هالة فهمي، الخبير التربوي أن الحياة الجامعية مرحلة أكثر مرونة في حياة الطالب تصبح خلالها شخصيته أكثر نضجا وتحررا عن مرحلة المدرسة، وبعض الأهل يعتقدون أنه بعد الاطمئنان على دخول الابن الكلية فهم بذلك قد أدوا دورهم، لكن للأسف بعض الطلبة ورغم تفوقهم خلال المرحلة الثانوية يواجهون تخبطا خلال فترة الجامعة ويشعرون بالضياع بسبب
عدم وجود مناهج محددة واضطرارهم للبحث من أجل تحصيل المادة العلمية، بالإضافة إلى الرغبة في تجربة الأنشطة والخروج والاستمتاع بالحياة واللعب بعيدا عن ضغوط المدرسة والأهل.
وتضيف: وجود الأهل بجانب الأبناء في هذه المرحلة مهم للغاية بالتوجيه الناعم والمرونة في الحديث، لأن هذا سوف يساعده مستقبلا عندما يكون جزءا من فريق عمل داخل مؤسسة، ومن المهم أن يتعرف الطالب في السنة الأولى على الطلبة الأكبر سنا ليتعلم من تجاربهم ويتمكن من التكيف مع الحياة الجامعية.
التوازن كلمة السر
يذكر د. على عبد الكريم، أستاذ علم الاجتماع أن بعض الطلبة خلال المرحلة الجامعية يعملون في وظائف خفيفة تمكنهم من تحمل مصاريف الدراسة حتى لا تقع على كاهل الأهل وحدهم وهذا يعلم الأبناء تحمل المسئولية ويجعلهم أكثر تكيفا مع بيئات العمل ومشكلاتها بعد التخرج. ويوضح أن الكثير من الطلبة وقعوا في فخ اللهو واللعب خلال مرحلة الجامعة وفوجئوا بعد التخرج أنه لا توجد وظائف تناسبهم لأن معظم الوظائف تطلب خبرة سنتين أو أكثر، وكلمة السر هي التوازن
فرصه لاكتساب الخبرات
ترى د. إيمان عبد المجيد، استشاري الصحة النفسية والأسرية أن الكثير من الأسر يصدرون لأبنائهم أن الجامعة مرحلة للاسترخاء والراحة لن يسألوا فيها عن مجموع أو عن تحصيل دراسي لذا فالطلبة يدخلون الجامعة باعتبارها مكانا للعب والجلوس في الكافيتريا والنزهات مع الأصدقاء.
وتقول: بالطبع يجب أن يكون هناك توازن فالطلبة بحاجة بالفعل للاسترخاء والتقاط الأنفاس بعد ضغوط الثانوية العامة التي ترهق أعصابهم لكن يجب أن يكون هناك حديث بين الأهل والطالب يتكلمون خلاله عن متطلبات المرحلة القادمة ويضعون خطة تضمن للطالب الاستمتاع بالحياة الجامعية وتكوين الأصدقاء والاشتراك بالأنشطة المختلفة لأن التواصل الاجتماعي مهم ويبني خبرات أيضا لكن مع وجود ضوابط أهمها تخصيص وقت للمذاكرة.
تنمية المهارات
الحياة مراحل بحسب د. رانيا فتحى، خبيرة التنمية البشرية، التي توضح أن على الطلبة أن يدركوا أن كل مرحلة يمرون بها تؤهلهم للمرحلة التالية، لذا عليهم بذل كل الجهد للتمتع بكل مرحلة يدخلونها وفى نفس الوقت الاستفادة منها للبناء عليها مستقبلاً، مشيرة إلى أن سوق العمل الآن أصبح أكثر صعوبة ويتطور باستمرار وهو ما فرض ضغوطا كبيرة على المتقدمين من الوظائف الذين أصبحوا بحاجة لاكتساب الخبرات في سن أصغر، ولم يعد يصلح التعامل مع الجامعة باعتبارها مرحلة رفاهية بل هي فترة نبني عليها من أجل مستقبل أفضل.
ساحة النقاش