آلام الحمل والولادة لها طبيعة خاصة تدركها كل امرأة حملت وأنجبت رغم صعوبتها إلا أن مشاعر الأمومة التي تشعر بها بمجرد حمل طفلها بين يديها تنسيها أصعب الآلام. وإذا كانت مشاعر الأمومة تبرز الألم فهل مشاعر الأبوة تجعل الرجل يشارك زوجته آلام الحمل والولادة أم أن الرجل لم يعتد هذا النوع من الألم. وحول هذا الموضوع كان لنا العديد من اللقاءات مع الأزواج والزوجات والمتخصصين.

السيدة شروق عبدالقادر ربة بيت تحدثت قائلة: الرجل لا يشعر ولا يستوعب آلام زوجته خلال الحمل والولادة بل يتهمها بالدلع وقد حدث ذلك معى فبعد زواجى بشهر اكتشفت حملى وظهرت على أعراض الفترة الأولى للحمل من قىء ودوار فكان يتعجب منى ويلعن أيام الزواج ويمتدح أيام العزوبية ولم يذهب معى للطبيب إلا للزيارة الأولى ثم نصحنى بالذهاب مع أمى لأنه يشعر بالحرج من دخول عيادة طبيب النساء والتوليد وقد أغضبنى ذلك منه لأنه قبل الزواج كان يتمنى ذلك بشدة ويعدنى أنه سيقف إلى جوارى لكن ربما جعله الحمل السريع يمل من الزواج بسرعة وخلال الشهور الأخيرة أصابتنى حالة قلق وخوف من الموت فكنت أبكى لساعات طويلة فما كان منه إلا أن يأخذنى إلى بيت والدتى ويتركنى حتى أهدأ لكنه حضر إلى المستشفى يوم الولادة لم يتركنى خلال الأيام الأولى للولادة لكنه لم يتعاون فى شىء وفقط يحضر لتلبية طلباتى وعلى أمى رعايتى أنا والطفل وحالياً عندما يطلب منى أن أنجب مرة ثانية أذكره بما كان منه وأنه لا يقدر مدى ألمى خلال فترة الحمل فيعدنى أنه سيقف معى لكنى لا أصدقه لأنه لا يشعر بآلام الحمل والولادة !!

اعتاد الأمر

تتفق معها غادة أحمد كيميائية قائلة:ـ الرجل يفرح بشدة عندما يعلم بحمل زوجته مما يجعله يساندها فى رحلتها مع الحمل لكن بعد شهرين أو أكثر يكون قد اعتاد الأمر ويبدأ فى مطالبتها بأن تقوم بكل أعبائها داخل البيت كأى زوجة وإذا أخبرته أن الجنين يتعبها سخر منها قائلاً كل السيدات يحملن وينجبن ولا يقصرن فى حقوق أزواجهن وتدريجيا تتعلم الزوجة آلا تشكو لأنه لن يقدر وحتى لا أظلمه فقد كان يهتم بأن أتناول الأغذية المفيدة وأن أمشى خلال الشهر الأخير لكنه لم يمش معى بل يتركنى مع أختى لأنه يخجل من أن يسير معى وأنا بهذا الشكل.

مساندة

أما نهلة طه - مدرسة فقد تألم زوجها خلال أشهر حملها وولادتها أكثر منها وعن ذلك تحكى قائلة تأخر حملى سنتين كان خلالهما يتم علاج زوجى وبعد علمه بحملى شعر بسعادة كبيرة ومنذ اللحظات الأولى شعرت بمساندة الشديدة لى حيث بدأ يعاوننى فى اعمال البيت بالاضافة لحرصه على الذهاب معى إلى الطبيب للاستفسار عن أى مشاكل أو أعراض وجدنى أعانى منها لدرجة أن الطبيب حسدنى عليه لأنه لا يوجد كثيرون منه ويوم ولادتى بكى بشدة وظل لجوارى حتى شفيت.

الحب

وإذا كانت آراء النساء تختلف بين مساندة الرجل أو عدم وجودها فكان يجب اعطاء الفرصة للرجال ليعبروا عن أنفسهم وطريقه تعاملهم مع آلام الحمل والولادة.

وعن ذلك تحدث محمود على موظف قائلاً بطبعى أعجز عن تحمل المشاكل والضغوط لهذا عندما حملت زوجتى فرحت بشدة لكننى أخبرتها أننى مسئول عن أى نفقات للمتابعة مع طبيب لكن لا تطلب منى الذهاب معها أو شراء ملابس المولود أو تحمل هم الولادة وقد أغضبها ذلك واتهمتنى بقلة حبى لها وحاولت أن أشرح لها ظروفى وأننى لا أحب أن أرى شخصاً عزيزاً يتألم لكن لم تستوعب .

أما عصام محمد محاسب فقال : ـ مدى تحمل الرجل لآلام الحمل والولادة مع زوجته يرتبط بطبيعته ومدى حبه لزوجته فكلما زاد الحب زادت رغبته لمساندتها والوقوف إلى جوارها خلال أشهر الحمل وبالنسبة لى منذ علمت بحمل زوجتى وأنا أعيش معها آلام الحمل لحظة بلحظة ووصل الامر لاتصالى الدائم بالطبيب المتابع لها لأصف له أى طارئ يحدث لها أما يوم الولادة فهو لا ينسى فى حياة أى رجل حيث يرى حياته السابقة والأتية أمام عينيه.

مستويات

أما بالنسبة للمتخصصين فكان لهم رأى آخر:

عن ذلك تحدث د. محمد عويضة - أستاذ الطب النفسى قائلاً :ـ آلام الحمل والولادة لها ثلاثة مستويات الأول الآلام العضوية وتحدث نتيجة للتغيرات الهرمونية ولا يشعر بها الرجل لكن لوشارك زوجته فى جلسات تدريبية خلال الحمل يشعر بها والمستوى الثانى للآلام هى الآلام النفسية وهذه تتركز فى آلام نفسية نتيجة تغيرات الشكل الخارجى وزيادة الوزن وشعورها بفقدانها لجمالها كأنثى وتصبح أكثر عصبية وتوتراً أو تبكى بشدة وهذه تكون درجة من درجات الاكتئاب وكل هذه التوترات تحدث نتيجة لزيادة حجم الرحم على الحجاب الحاجز والرئتين مما يقلل نسبة الأكسجين الموجودة بالمخ ويحدث الاضطرابات المزاجية وهذه الأشياء يشعر بها الرجل مع زوجته لكنه قد لا يستوعبها أما المستوى الثالث للالام فهو المستوى الاجتماعى فالمرأة عندما تعرف أنها حامل تبدأ عندها أعراض الوحم هنا يستجيب لها الرجل ويبدأ فى البحث عن الشىء الذى تريده ويمكننا القول ان المظاهر الاجتماعية أكثر تأثيراً فى الرجل لأنه يرى استجابة كافة المحيطين به لها. ولهذا أتمنى أن يزداد حرص الزوج على مشاركة زوجته فى فترة الحمل لأن ذلك سيفرق فى مشاعر الأبوة عنده لأنه إذا شاركها فترة الحمل سيشعر هو أيضاً بالأبوة مبكراً .

تعاون مادي

أما د. زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع فترى أن المجتمع أصبح أكثر وعياً بمشكلات المرأة وأكثر رغبة فى التعاون معها فى حملها ومن هذا المنطلق زاد وعى الرجل بمشكلات المرأة الحامل ورغبته فى مشاركتها وأصبحنا نجد الرجل المتعاون المستوعب لكن اقتصر تعاونه فى معظم الحالات على التعاون المادى ولم يشمل التعاون النفسى والمعنوى فالرجل لا يضع نفسه مكان المرأة ليتخيل مدى الالم الذى تعانيه لعدم قدرتها على الجلوس والقيام والنوم بشكل طبيعى وهنا تجدر الاشارة الى أن العائق الأساسى لتحمل الزوج كافة آلام الحمل مع زوجته المقولات السائدة من أن الحمل والولادة أمر طبيعى لكل النساء وأن الأمهات فى الماضى كن ينجبن ثم يقمن بالطهى كل هذه المقولات تهون من حجم الآلم والمعاناة الذى تشعر به المرأة وتعطى للرجل مبرراً فى عدم المشاركة .

وختمت حديثها مؤكدة أن الحب المتبادل بين الزوجين يجعل الرجل راغباِ فى المرور بالتجربة كاملة ليشارك زوجته كل لحظة فيها وكلما بارك المجتمع هذه الخطوة من جانب الرجل سيحفزه ذلك على الاستمرار بدلاً من سخرية البعض منه لكونه يصاحب زوجته عند طبيب النساء ولذلك يجب أن يدعم المجتمع مشاركة الأزواج لتصبح ظاهرة ايجابية فى العلاقات الزوجية.