<!--<!--<!-- <!--

«البداية لا أعرفها جيدا.. كل ما أتذكره هو سفر والدي المتكرر إلي الخارج بحثا عن عمل أفضل وحياة أفضل لأمي ولأخواتي.. أحيانا اشتاق إليه، أتمني أن يضمني إلي صدره في حنان ويسألني عن أحوالي وأموري ولكنه دائما في غياب، قدومه قليل ورحيله أكثر بكثير ».. إنها حالة من الواقع تعيش فيها بعض الأسر المصرية، مشاعر متصارعة في أرض الواقع، من يدفع ثمنها؟ آباء وأمهات أم أبناء..؟؟ هذا ما سنطرحه في التحقيق التالي.

تحكى هبة. م 23 سنة: عن تجربتها قائلة: لقد سافر والدى ووالدتى لإحدى الدول العربية بحثا عن فرصة عمل أفضل وتركونى لجدتى التى ترعانى إلى الآن وأكاد لا أراهم سوى أيام الإجازات السنوية ورغم أننى لا أحتاج إلى شىء إلا أننى تعلمت أن اعتمد على نفسى كثيرا وأنسى دور الأب والأم فى حياة الأبناء.. لقد تعودت أنا وأخى على ذلك ولم يعد فراقهما يؤثر على كثيرا للاسف .

بينما تقول آية. خ 24 سنة: إن والدها ووالدتها تركاها فى رعاية الجد والجدة ورغم احتياجها الشديد لهما لم تستطع أن تفعل شيئا حيال سفرهما من أجل توفير مستوى معيشة أفضل لها ولأختها الصغرى رغم أن عددهم ليس بكثير إلا أن والدها يرغب دائما فى المزيد والنتيجة الآن أننى بالفعل تعودت الغياب وتجربة الأخطاء من دون الاستعانة بأبى أو أمى والجميع يعلم أنه ليس هناك من يأخذ مكانتهما حتى وإن كان الجد أو الجدة أو أى من الأقارب!!

وترفض ن، ك 20 سنة: الوضع الذى فرض عليها فلقد اعتاد الأب السفر المستمر إلى الخارج سواء إلى دول عربية أو أجنبية بحثا عن العمل فى أى مكان وترتب على ذلك أننى اعتبره مجرد مصدر للحصول على ما أريد من طلبات عديدة لا تنتهى، ولكنى رغم ذلك لا أشعر بالسعادة لأننى آفتقد وجود أبى بجانبى وكثيرا ما أشعر بالضيق وألمس ذلك فى بعض تصرفات أمى وأجد لديها العذر، فليس هناك أسوأ من فراق الأب أو الأم وحيرة كل منهما فى غياب الآخر بل وحيرة الأبناء من جراء هذه الخطوة التى قد تدمر كل ما هو جميل، فهل تستحق الغربة ما تفعله بنا؟ حتى وإن كانت من أجل مستوى معيشة أفضل، لا أعتقد ذلك.

ويحكى منصور. م 19 سنة: عن تجربة سفر والده إلى إحدى الدول العربية بحثا عن فرصةعمل أفضل واعتماده على والدته فى كافة أمور الحياة، فقد تحملت الكثير وكانت - على حد قوله - بمائة راجل ومع قدوم أبى من وقت لآخر أشعر بالبهجة ولكن سرعان ما يزول هذا الشعور نتيجة لرحيله الدائم والمستمر إلى الآن، ولا أعرف إلى متى سيظل بعيدا عنى أنا وأخواتى وأمى، فأنا بحاجة إليه ولابد أن يشعر بنا أكثر من احتياجاتنا إلى الماديات!!

المتزوجون

وعن الآراء الأخرى للشباب الذين تزوجوا وراودتهم أحلام السفر

يقول محمد. م 29 سنة: لقد شعرت بالغربة نتيجة لسفرى للخارج ولكنى عندما قررت الزواج لم أفكر للحظة أن أترك زوجتى وأولادى بحثا عن مال أو ثروة لأن ذلك يسبب فجوة فى علاقتى بأبنائى كما يسبب مشكلة نفسية للزوجة التى لا تتحمل ابتعاد زوجها وتحملها للمسئولية وحدها.

بينما يقول مصطفى رشاد 35 سنة: لقد تزوجت وسافرت مرة أخرى لإحدى الدول العربية التى كنت أعمل بها قبل زواجى ولم تعترض زوجتى فهى تعلم أننى سأسافر بعد زواجى بها وبعد أن أنجبت لم يتغير شىء فمازالت فى بيت أسرتى وألبى لها احتياجاتها المادية وكل ما تطلبه مجاب ولا أظن بذلك أننى مقصر معها.. ويتفق معه فى الرأى أخوه الذى مر بنفس التجربة ومازالت حياته تسير على نفس الوتيرة.

وعن آراء الآباء والأمهات فكانت كالآتي:

تقول س. ع 45 سنة: لقد مللت سفر زوجى المتكرر ولا أحد يشعر بى.. أحيانا كثيرة أثور لأتفه الأسباب لأننى لا أقوى على تحمل المسئولية بمفردى فهذا أمر لا تتحمله المرأة لفترة طويلة وعندما أتحدث إلى زوجى فى هذا الأمر يؤكد لي أن ما يفعله فى مصلحة أسرتنا

بينما تدافع ص. ع 40سنة عن حق أبنائها فى توفير حياة كريمة لهم فقد سافرت مع زوجها إلى إحدى الدول العربية وتركت ابنتها وابنها فى رعاية الجد والجدة وهذا لا يعنى أنها لا تحبهما ولكنها - على حد قولها - تسعى لمستقبل أفضل وتتابعهما دائما بالهاتف خاصة أن أصبحا شبابا يعتمد علىهما وليسا صغارا.

رمانة الميزان

وبين هذا وذاك تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن هناك عوامل كثيرة تتحكم فى هذا الموضوع ومنها أن غياب الآباء سعيا وراء المال يؤدى إلى إعلاء القيم المادية على المعنوىة من وجهة نظر الأبناء وهو ما يؤثر بالسلب عليهم هذا بالإضافة إلى غياب النواحى العاطفية التى تربط الأسرة مما يؤدى لاضطراب العلاقات بين الآباء والأبناء وغياب القدوة ووجود أزمة ثقة فى المجتمع والنقطة الأكثر أهمية هنا هى الأم ودورها فى رعاية الأبناء فى حالة غياب الأب فهى بمثابة رمانة الميزان لترابط وتماسك الأسرة فى حالة غياب الأب .

ومازال السؤال يتردد بين الحين والآخر، هل هناك دافع أى دافع يعطى الحق للآباء الابتعاد عن أبنائهم فترة طويلة دون متابعة واحساس بالمسئولية تجاههم.. وهل يتفهم الجميع أهمية الأمان والراحة النفسية التى تفوق أى ماديات؟

 

المصدر: أميرة إسماعيل - مجلة حواء
  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 1419 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,896,906

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز