<!--<!-- <!--

كثيرة هى المهرجانات التى تقام من أجل سينما المرأة ، وتقدم برامج تقام على هامش المهرجان للخوض فى أوضاع المرأة العربية بشكل يعبر عن مشاكلها ومعاناتها ، ولكن القليل منها ما يستطيع أن يحقق النجاح ، ففى شهر يونيو الماضى أكد مهرجان الفيلم العربى فى دورته العاشرة بمدينة روتردام الهولندية على قوة شخصية المرأة العربية ، وقدرتها على القيادة ، والتصدى لمحاولات الرجل لتقليص دورها أو تهميش مكانتها ، أو التأثير على قدرتها التى تكبلها الأعراف والتقاليد ، وذلك من خلال الندوة التى أقيمت بعنوان قوة النساء وتناولت دور المرأة فى السينما العربية ، والدور المطلوب من السينما لدعم قضايا المرأة ، وتأكيداً لتلك القضية الهامة يقدم مهرجان الاسكندرية الدولى هذا العام فى دورته السادسة والعشرين ، والتى يرأسها الكاتب ممدوح الليثى، برنامج سينما المرأة كبرنامج ثقافى يقام على هامش المهرجان ، ويتضمن ندوات تحت عنوان «المرأة والسينما قضايا لم يعد مسكوتاً عنها» ويطرح عدة قضايا هامة وشائكه ، مثل «قضايا المرأة فى السينما صور إيجابية وصور سلبية» ، الرجال أفضل من عبروا عن خبايا المرأة فى السينما» كما يقدم البرنامج بانوراما لسينما المرأة ونماذج لابداعات المرأة والأفلام التى تتناول قضاياها وتعكس واقعها .

منذ بدأت السينما وحتى اليوم وقدمت السينما المصرية عدداً قليلاً من المخرجات لا يتعدى أصابع اليد، بداية من عزيزة أمير وفاطمة رشدى ، وبهيجة حافظ فى الثلاثينات ، وإيناس الدغيدى ونادية حمزة وأسماء البكرى فى الثمانينات ، وصولا إلى هالة خليل وساندرا نشأت وكاملة أبو ذكرى ومنال الصيفى أواخر التسعينيات وبداية الألفية الثالثة .

كرست القضايا المطروحة فى أفلام المخرجات لعلاقة المرأة بالرجل الحبيب والزوج والأخ والأب ورئيس العمل ، وقدمت قصص الحب المستحيل فى بدايات أفلامها ، والغيرة القاتلة ، وقسوة الأب ، وهى التيمة التى كانت محركاً لصراعات ميلودرامية فى الأفلام ، ثم جاءت الثمانينات ولجأت إلى بعض القيم التجارية ، واعتمدت على الوصفات الجاهزة بما يتناسب واختلاف ظروف المجتمع المصرى ، وحاولت أن تضيف الطابع «النضالى النسائى» على موضوعات أفلامهن الركيكة وجاءت أفلام نادية حمزة تحمل هذا الوهم ، باعتبارها الأقدر عمن يتحدث عن مشكلة المرأة العصرية ، وحملت معظم أفلامها كلمة النساء أو المرأة بداية من 1985 وحتى 1992 ، حيث دارت أفلامها فى فلك الرجل مع اختفاء جو مختلف من التحضر والعصرية بصور المرأة العاملة فى صراعها مع الرجل الذى يرغب فى قمعها .

وجاءت إيناس الدغيدى بكل جراءتها وجسارتها وتحررها الفكرى فاعتبرها البعض أمل سينما المرأة ، ولكن سرعان ما تبدد هذا الوهم ، وانزلقت إلى سلسلة أخرى من القضايا الزائفة ، فبعد أن قدمت «عفواً أيها القانون» ، و«التحدى» ، وهى قضايا شائكة فى ظل تحيز القانون الوضعى ضد المرأة ، وجدنا المرأة التى تفقد ابنتها بحكم المحكمة ، والتى تفقد حياتها بالسجن أو الإعدام بعد اكتشاف خيانة زوجها ، وفقد الحبيب لذنب لم ترتكبه ، نجدها تنزلق إلى النموذج السلبى حيث المرأة المنتقمة من أجل التوحد مع الرجل أو المساواة معه فى جبروته وطغيانه ، بل أمعنت ايناس فى طرح أفكارها التحررية التى كانت ومازالت صدمة للجميع من خلال اظهار المرأة بوصفها جسداً جميلاً يسيطر الجنس على معظم أفلامها كعامل أساسى فيه ، وكعنصر جذب نسائى وتجارى ، وهى خلطة سينمائية خاصة بإيناس الدغيدى ، لكنها نادراً ما تحرك عقل المتفرج أو مشاعره ، وهو ما أثبتته الأيام والدليل ابتعاد المخرجة عن الأخراج السينمائى فى السنوات الأخيرة أو ابتعاد الإخراج .

وجاءت بنات الجيل الجديد من المخرجات السينمائيات ، وأثبتن أن لديهن وعيا وقدرة على التعامل مع فن السينما ، ووضح من البداية المخزون الثقافى والخلفية الإجتماعية المميزة لهن ، وحصدن العديد من الجوائز الدولية ، فقدمت ساندرا نشأت بأول أفلامها «ملاكى اسكندرية» قفزة كبيرة فى إمكانية قدرة المرأة على تقديم افلام الإثارة والأكشن ، وأصبحت هالة خليل من المخرجات المتميزات بأختياراتها للقضايا التى تتعامل معها ، وتنم عن ثقافة عميقة ووعى شديدة بمعاناة المرأة الحقيقية فى مجتمعات العالم الثالث .

لم يكن شباك التذاكر عائقاً أمام المرأة المبدعة ، ومخرجات الجيل الجديد ، من تقديم أفكارهن حيث استطاعت المخرجة كاملة أبو ذكرى أن تنتصر لهذا الجيل الواعى من خلال تحقيق المعادلة الصعبة بين الفيلم الجيد وايرادات شباك التذاكر بفيلمها "واحد صفر"

فالمتتبع لحركة سينما المرأة يجد أن النساء لم يعدن نموذجا للانكسار والضعف، مثلما كان الحال قديما وانما ظهرت نساء قويات قادرات على التحكم فى مصادر ومقدرات من حولهن، وهى بداية جديدة ومبشرة، حيث استطاعت المخرجات الجديدات رصد الكثير من الظواهر التى تؤكد بدء تغيير المجتمعات العربية فيما يخص النظرة القئمة الى المرأة.

تحية للقائمين على مهرجان الاسكندرية السينمائى على عدم اغفال دور المرأة فى حركة التنوير السينمائى، باقامة ندوة "قضايا لم يعد مسكوتا عنها" فليس من المعقول ان نسكت عن قضايا نصف المجتمع، بل المجتمع بأكمله.

 

المصدر: تهانى الصوابى - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,839,273

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز