8 ملايين حالة رؤية تجلس على بركان يبدو هادئاً ، وإن كان ملىء بنزاعات لا تنتهى ، وابتزاز مادى ومعنوى للطرف غير الحاضن فى مقابل رؤية أبنائه ، والمؤكد أن عملية الرؤية واقع مؤلم يعيشه الطرف غير الحاضن ، من أجل رؤية الأبناء ، ومصدر ازعاج لكلا الطرفين ، فما بالنا بالأطفال أنفسهم ؟!

عندما تدخل المشرع بإجراء تعديلات على قانون الرؤية رقم 25 لسنة 1929 ، والمعدل بقانون رقم 100 لسنة 1985 ، وقرار وزير العدل 1087 لسنة 2000 كان الهدف ضبط ايقاع حياة الابناء ، وتحصينهم من مغبة آثار خلافات ونزاعات الآباء والأمهات، ولكن هل تحقق هذا فعلا ؟!

الواقع يشير إلى أن التعديلات لم تستطع إشاعة مناخ الاستقرار فى العلاقة التى يجب أن تسود بسبب انحياز القانون (للطرف الحاضن)حيث أفرز استغلالا سيئا لقوة موقفه المدعوم بقوة القانون، وبالطبع فإن أصابع الاتهام تشير هنا إلى الأم باعتبارها الطرف الحاضن فى معظم الأحيان ، وهى التى تقوم بتربية الأبناء وتشكيل هويتهم فى ظل غياب الأب ، ودوره الرقابى ومهمته فى التوجيه والنصح، على الرغم من أنه صاحب الولاية المالية بنص القانون .

لكن الواقع هنا كما يؤكد أصحاب المشكلة ممن لهم حق الرؤية يلقى بالتهمة على بعض الأمهات الحاضنات اللاتى اتخذن من حق الآباء فى رؤية أبنائهن من محاولات استفزاز وابتزاز فى حالة رغبة الآباء فى رؤية أبنائهم أكثر من المرات المحددة بحكم القانون، والذى ينص على رؤية غير الحاضن لابنائه 90 يوما بواقع 3 ساعات أسبوعياً، ويعتبرها البعض لا تكفى وتحرم الأب من فرصة توجيه الأبناء والمشاركة فى تربيتهم وتقويم سلوكهم والتعرف على مشاكلهم عن قرب ، ومحاولة حلها والتعايش معهم فى أفراحهم وأحزانهم ، كما يؤكد المناهضون لهذا القانون والذىن يعتبرونه مجحفا فى حق الآباء، الذين من حقهم الحصول على المزيد من عدد ساعات الرؤية وهو ما يقترحه المقربون من هؤلاء الأطفال بحكم عملهم، حيث يطالبون بتعديل ساعات الرؤية إلى الاستضافة للطرف غير الحاضن، وألا تقل عن 6 ساعات ولا تزيد عن 24 ساعة أسبوعيا حسب سن الصغير وظروفه وملابسات كل حالة ، وأن تكون مثل هذه الأوقات فى الأعياد والمناسبات الدينية، وأن تمتد إلى أسبوع فى اجازة نصف العام ، وشهر فى الاجازةالصيفية، ولكن من يضمن للطرف الحاضن ألا يخل غير الحاضن بالشروط ، ويفر هارباً بالطفل ، وهو ما تخشاه معظم الأمهات من اصطحاب الآباء لأبنائهن خارج مصر دون علمها وصعوبة استعادة الطفل مرة أخرى .

المؤيدون للمشروع يقولون يجب أن يكون تسليم الطفل عن طريق التوقيع فى دفاتر مخصصة لهذا الشأن تحت اشراف جهة مسئولة لضمان اعادة الطفل مرة أخرى بعد فترة من الاستضافة ، وأن تغلظ العقوبة بالغرامة والسجنو فى حالة عدم التزامه بمواعيد تسليم الطفل فى الموعد المحدد ، واسقاط العقوبة على الطرف الحاضن فى حالة عدم التزامه بتنفيذ قانون الاستضافة .

الحقيقة أن المشرع كلما تدخل لتعديل القانون يزيد الموقف تعقيدا مثلما حدث فى التعديلات التى حدثت على القانون فى عام 2004 ، حيث انحاز للأم على حساب الأب ، فقد أعطى القانون الحق للقاضى بعد رفعه سن الحضانة للولد والبنت إلى 15 سنة فى سؤال الأولاد للاستمرار فى وضعهم السابق أو عدم الاستمرار ، والواقع أن غالبية الأبناء ينحازون للاستمرار مع الطرف الحاضن، وغالبا ما تكون الأم ، مما يعنى حرمان الأب نهائياً من أولاده رغم أنه صاحب الولاية المالية، ليس هذا فقط ، بل أن القانون حرم الأجداد والأقارب للأب من رؤية الأبناء فى حالة حضانتهم للأم ، وكذلك الأعمام والعمات ، وهو ما يعنى قطع أواصر الرحم ومزيدا من التفكك الأسرى والانشقاق بين العائلات وبعضها البعض ، وهو ما يطرح سؤالا آخر لمن حق الرؤية؟

هل يحل القانون هذه المشكلة المعضلة من أجل وصل أواصر الرحم ويفك الاشتباك الدائر بين الآباء والأمهات حول حضانة الطفل وحق الرؤية للطرف الآخر ؟

ربما !!!

 

المصدر: تهانى الصوابى - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,895,692

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز