حكيت لك الأسبوع الماضى قصة السيدة فاطمة وكيف نشأت فى حى القلعة ولم تتعلم سوى القراءة والكتابة فى المدرسة الابتدائية وكيف أخرجها والدها الذى يعمل نقاشا (مبيَّضا) من المدرسة لتعمل بائعة فى محل كبير للحلوى فى القلعة وكيف صارت الكل فى الكل فى المحل حتى أصبحت تودع مال الحاج صاحب المحل فى الخزينة بنفسها وكيف عاملها الرجل كأنها ابنته حتى ظهر ابن عم شاب للحاج وشاغلها وملأ أذنيها بكلام الحب وكانت إذ ذاك مراهقة فى الثامنة عشرة من عمرها ورفضه أهلها عندما تقدم للزواج منها إذ كان قد تزوج قبلها مرتين وفشل فى زيجتيه لكنها عارضت أهلها وعارضت الحاج صاحب المحل وأصرت على الزواج منه وطردها الرجل من محل الحلوي وتزوجت بمحبوبها وعاشت معه عشر سنوات أنجبت خلالها أربعة أولاد ثم فاجأها زوجها بأنه سوف يسافر إلى بلد عربى للعمل وأنه قد حصل على عقد عمل وتأشيرة وسافر زوجها!!

وتستطرد السيدة فاطمة.. فى الشهر الأول أرسل لى زوجى مبلغا محترما من المال وشريط كاسيت أوصانى فيه بالأولاد والدراسة وطلب منى ألا أطلب أى مال من أهلى ولا من أى مخلوق وكان يبكي وهو يتكلم ويقول اننا أوحشناه جدا وأن الولد الصغير بالذات «صعبان عليه» لأنه متعلق به كثيرا واستمر الحال على هذا المنوال عاما كاملا!

وفى العام التالى كان يرسل الفلوس ولا يرسل الكاسيت وقلت مكالماته كثيرا وقلنا انه مشغول! وفى العام الثالث أصبحت الفلوس تأتينا كل ثلاثة شهور أو أكثر عندما نطلبه تليفونيا ولا نجده دائما فنبلغ من يرد علينا أن الفلوس لم تصل!

وفى العام الرابع انقطع عن ارسال أى فلوس لنا أنا والأولاد وكلمناه تليفونيا فلم نجده أيضا وقال الذى رد علينا بأنه انتقل إلى عمل آخر وبلد آخر وقال لى - لا تطلبى هذا الرقم مرة أخرى فهو ليس هنا!

واستطردت فاطمة... من أين أنفق على أربعة أولاد فى المدارس وايجار منزل وطعام وشراب ودروس والدنيا نار والأسعار لا تطاق؟

واستطردت دلتنى سيدة محترمة على صديقة لها تريد طاهية ومساعدة لها فى أعمال البيت ووافقت فورا ونزلت للعمل عند السيدة المحترمة التى عرفت حكايتى وكلفت زوجها الضابط الكبير أن يسعى لدى الجهات للبحث عن زوجى وفعلا.. عرفوا مكانه وكان رده على من عثر عليه قال..

- لقد طلقتها ولا أريدها لا هى ولا أولادها والطلاق موثق بالسفارة وسوف أرسل لها بورقة طلاقها فى أقرب فرصة!!

حاولت الاتصال به فرفض تماما وكنت منهارة فقد طلقنى دون ذنب وعرفت السبب مؤخرا وهو أنه تزوج من سيدة من أهل البلد الذى يعمل به وهى لا تريد لها «ضرة» في القاهرة!

واختفى مرة أخرى لكن ورقة الطلاق وصلتنى بالبريد وانتهت الحكاية عند هذا الحد!!

وتستطرد السيدة فاطمة .. تعبت يا سيدتى من الخدمة والعمل وأصبت بالروماتيزم ومرت خمس سنوات لا نعرف عن زوجى السابق شيئا ولم يرسل أى مال لأولاده لكن بمساعدة الله سبحانه وتعالى والسيدة الفاضلة التى أعمل فى بيتها وفقت فى رعاية أولادى واستمرارهم حتى اليوم فى الدراسة لكن على حساب صمتى وأنا بعد لم أتخط سن الأربعين!

واستطردت: جئت إليك أسألك المشورة فقد تقدم للزواج منى «رجل مستور» ماليا وهو صاحب محل تجارى وأرمل وليس له أولاد وقال أنه يتزوجنى لكى يرعى أولادى ويرعانى ويرحمنى من الخدمة فى البيوت لكن أولادى ينفرون منه ولا يحبونه! فمثلا عندما يرسل إلينا ببعض طلباتنا من البقالة والخبز يرفض أولادى أن يتناولوا أى شئ منه ويقولوا لى..

- نحن لا نحب هذا الرجل ! ماله ومالنا؟ ويقول الكبير غدا أكمل تعليمى وأعمل ولا نحتاج لأحد!!

ياسيدتى لا أطلب سوى الرحمة والانعتاق من الخدمة فقد مرضت وزواجى من هذا الرجل سوف يسترنى ويرحمنى لكن أولادى لا يحبونه ماذا أفعل؟

 

 

قالت لك مخدومتك المحترمة انه من حقك أن تتزوجى وأن ترتاحى وأنا أقول لك نفس الكلام وأمر طبيعى جدا أن ينفر أولادك من أى وافد جديد فى حياتك لكننى أنصحك بارجاء الزواج حتى يتمكن الرجل من الجلوس الى أولادك عدة مرات والتحدث إليهم ومحاولة إقناعهم بأنه سيصبح مثل والدهم الغائب والله يوفقك!

 

 

المصدر: سكينة السادات - مجلة حواء
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 606 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,745,663

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز