فى كل مجلة،و فى كل جريدة نصائح للمحافظة على الحياة الزوجية،و كل هذه النصائح موجهة دائما الى المرأة،و كأن المرأة تستطيع وحدها الاحتفاظ بالحياة الزوجية!

    و المرأة النموذجية التى ترسمها هذه الجرائد و المجلات امرأة فوق العادة، لا امرأة من لحم و دم كتلك التى نعرفها فى أنفسنا و جيراننا. و هى لاتكل ولا تمل كالالة، مع فارق واحد،و هو أن الالة تحتاج الى صيانة و (تزييت)، بينما المرأة لا تحتاج فيما يبدو من كلام هذه الجرائد و المجلات الى أى صيانة أو (تزييت).

    و هذه المرأة النموذجية تعمل كما يعمل الرجل أحيانا،و هى بالاضافة الى ذلك تحمل و تلد و ترضع و تمرض و تربى،و تفصل ملابسها و تزين البيت،و تكنس و تمسح و تطبخ، كل ذلك و هى على (سنجة عشرة). فلا يكفى على الاطلاق أن تكون ست بيت ممتازة كما تخبرنا هذه الجرائد و المجلات. و لكن يجب أن تبدو دائما على أجمل صورة ممكنة،و لابد لها من أن تشع الجمال و الدلال و السحر و العطر و الغموض و هى تخرط البصل و تمسح البلاط. ولابد لها و الامر كذلك أن نقوم بمعادلة كيماوية تحول بها الفسيخ الى شربات،و البصل الى عطر و التراب الذى يتصاعد من السجاجيد الى هالة من السحر و الغموض.

    و يتطلب منها هذا أن تقضى ساعات و ساعات فى التزيين،و الزينة ليست مسألة بسيطة، بل هى مسألة فى منتهى التعقيد.و لابد للمرأة من أن تدرس قواعد الزينة و أصولها و  أن تتقنها. و المسألة ليست مسألة (عياقة) كما تخبرنا هذه الجرائد و المجلات. بل المسألة مسألة حياة أو موت. فالرجل ملول بطبعه و يحب التديد و التغيير. و لكى تحتفظ الزوجة بعواطف الزوج، لابد لها و أن تجدد نفسها باستمرار، كل يوم بلون.. تماما كالحرباء، حتى تتعدد صورها، كل صورة يحيطها السحر و الغموض،و تصبح مائة امرأة فى امرأة. والا فلا تلومن الا نفسها اذا دب الملل الى قلب الزوج و انصرف بعواطفه عنها الى غيرها من النساء.

    و المرأة النموذجية التى ترسم صورتها الجرائد و المجلات لاتكل ولا تمل ولا تنسى ولا تسهو ولا تحس ولا تشعر، فهى لا تتعب ولا تشتكى التعب،ولا تغضب ولا تعبر عن مشاعر الغضب. و هى تمنح السعادة دون أن تكون سعيدة،و هى تعطى الحنان دون أن نتلقاه،و هى الوسادة الناعمة التى يضع عليها الرجل المسكين رأسه المتعب المكدود،و قرص الاسبرين الذى يتناوله ليزيل عنه صداع العمل،و هى جهاز التكييف الذى يلطف الجو و يذيب الغضب و يزيل التوتر.

    و ننسى الجرائد و المجلات شيئا بسيطا، تنسى أن المرأة ليست وسادة ولا جهاز للتكييف،و أنما هى انسان من لحم و دم، لها مزاج كمزاج الرجل،و شعور كشعوره،و طاقة انسانية مثل طاقته. و تنسى أن الزواج قائم فى أساسه على المشاركة العاطفية،و أن هذه المشاركة تتطلب من الرجل مثل الجهود الذى تتطلبه من المرأة.

    و المرأة لا تستطيع أن تشع الجمال دون أن يشعرها زوجها أنها جميلة،ولا تستطيع أن تعطى الحنان دون أن تتلقاه، ففاقد الشئ لا يستطيع أن يمنحه.

المصدر: د. لطيفة الزيات - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,702,169

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز