ما هى الطريقة التى ينبغى أن تتبعها فى تربية بناتنا؟ هل نعطى الفتاة كل الحرية التى تطالب بها؟ هل ندعها تفعل ما تشاء؟.. أو من الافضل أن نعترض طريقها،و نكبت رغباتها،ولا نتركها تفعل شيئا الا بموافقتنا؟

أتجاهان فى التربية...
اتجاه يؤمن بالحرية.. كل الحرية، للفتاة. و اتجاه يريد التضييق.. كل التضييق على أقوالها و أفعالها.
  
    فأيهما خطأ؟... و أيهما على صواب؟..

    الواقع أن كلا الاتجاهين خاطئ و الواجب يفرض علينا أن ندرس الموقف،و نتخذ الحل السليم الذى ينبغى أن يستند الى العلم،و بخاصة الى العلوم الانسانية. كعلم النفس و على الاجتماع مع احترامنا للمبادئ الاساسية التى تؤمن بها..

    و من الحقائق المعروفة أن نزوع الفتاة المراهقة الى الحصول على شئ كثير أو قليل من الحرية، مما قد يأخذ شكل الثورة على سلطان الكبار، هو فى الواقع ظاهرة طبيعية و لكنها عابرة،و أنه على الكبار و بخاصة الامهات، أن يواجهوا المشكلة بفهم صادق شامل و عطف كبير على البنات فى هذه السن
تحمل المسئولية
    و علم النفس يقرر أن خير سبيل فى معالجة النوازع، هو اعطاؤها فرصة للتعبير عن نفسها تعبيرا سويا فى حدود معينة لا فى كبتها كليا و لهذا يكون من واجب الامهات أن يدربن بناتهن الكبيرات على تحمل المسئولية مع السماح لهن بشئ من حرية التصرف.. على الام أن تترك للبنت شيئا من الحرية فى اختيارثيابها،و تسمح لها بأبداء رأيها فى بعض المسائل العامة.. و من واجب الام أن تعرف أن البنت حين تتحمس لرأى جديد، تعتبر نفسها قد وجدت كنزا تريد أن يعرف الناس قيمته.و لكنها مع ذلك قد تغير رأيها بعد قليل و هى تنتقل من رأى الى رأى فى ثورة الحماسة التى تنتابها فى هذه السن. فاذا لم تتح لها الفرصة فى البيت للحديث فى مثل هذه الامور..و اذا لم تحتمل أمها ذلك.. فمن الذى سيتحملها؟!

    ينبغى أن تكو الام لبنتها صديقة،و تعمل جاهدة على جذبها اليها بالاستماع الى مشاكلها،و بتوعيتها بكل ما يصيب جسمها و عقلها من تطورات،و أن تساعدها بذلك على فهم نفسها،و هذا كله يبعث الطمأنينة و الثقة فى نفس البنت و يدفع عنها الحيرة و القلق، اللذين قد يسببان لها اضطرابا نفسيا يصعب علاجه.

    و من الامور المرغوب فيها كذلك أن تتعرف الام على صديقات بنتها، بأن تدعوهن لزيارتها،و أن تختلط بهن فى رفق و لباقة،ولا تشعرهن بأنها تتجسـس عليهن و تراقبهن.و حبذا لو استطاعت التعرف على أسرهن حتى تبتعد بابنتها عن مواطن الخطر.

    و البنت الكبيرة تحبس أسرارها عن أمها التى لا تحاول أن تفهمها و التى تتابعها بالاوامر و النواهى و تعاملها كأنها طفلة صغيرة.. و على عكس ذلك فان الام التى تشعر بنتها بأنها تفهمها و أنها حريصة على الاستماع الى مشاكلها حرصها على توعيتها بكل ما يتعلق بمرحلة التطور التى تجتازها مثل هذه الام، قادرة على أن تحظى بثقة بنتها و معرفة أسرارها و بذلك تكون قادرة على حسن توجيهها

دور الأب
    ثم أليس من الافضل أن تصل الى البنت المعلومات الجنسية الصحيحة مثلا عن طريق الام الواعية من أن تصلها مشوهة مضللة عن طريق الصاحبات اللاتى تعوزهن الخبرة و العلم و قد يخدعهن الخيال و الاوهام؟

    ثم أليس من الافضل كذلك أن تصحب الام ابنتها فى بعض زياراتها للاهل و الاصدقاء؟ بل أليس من الافضل أن يشترك الاب مع الاسرة فى نواحى النشاط الاجتماعى حتى لا يكون فى عزلة عنها؟!

    ان الاسرة أو الأم بالذات مطالبة بأن تهيئ للشابات فرصة معرفة خصائص الجنس الاخر و طبيعته،و أن تقوم بتوعيتهن بما سيلقى على عاتقهن من مسئوليات حين يتزوجن فيما بعد

    و الام التى تفرض على بنتها الحبس الانفرادى أو الجماعى و تقيم بينها و بين الحياة حواجز وهمية... هل تعتقد أن فتاتها فى برجها العاجى قد أصبحت بعيدة عن كل تأثير خارجى؟ أليست السجون لها نوافذ حتى و لو كانت مغلقة!! أن الرؤية ممكنة من خلال التغيرات، ثم أن الحيل التى يلجأ اليها السجناء لتحطيم القيود تؤدى الى اكتساب سلوك غير قويم أو الى انحراف عن سواء السبيل

الحياة الاجتماعية
    ان الحصانة الذاتية التى كسبتها البنت بالتربية الصحيحة مؤيدة بالافكار و المبادئ التى تقتنع بها هى صمام الامان و هى الحصن المتين الذى يحميها مهما خرجت من البيت سواء أذهبت الى الجامعة أم الى العمل.

    و ينبغى على كل أسرة أن تعود بناتها على الاختلاط الاجتماعى فى محيط أسر الاقارب و المعارف و بشكل جماعى لا فردى.ز أى أن تكون المشاركة لجميع أفراد الاسرة و بخاصة الاهل و الشابات و الشبان، بل ينبغى أن يتدرب البنات و الاولاد منذ الصغر على الحياة الاجتماعية فى حدود ما يقرره الكبار دون تعنت أو أسفاف.

    و من الطبيعى أن يحدث فى هذه الاجتماعات، استلطاف أو أنسجام فى الطباع أو تقارب فى الافكار بين الشابات و الشبان و هذه الامور طبيعية لا يمكن مقاومتها، بل و ليس من المصلحة ولا من الطبيعى مقاومتها،و الافضل أن يترك لها سبيل الظهور و الوضوح و أن تسلط عليها الاضواء، أى أن يكون الكبار على علم بها فى يقظة تحدوها اللباقة و الكياسة،ولا شك أن فى هذا الجو العائلى و الاجتماعى السليم حيث الاهل و الاصدقاء يسودهم الاحترام و التقدير المتبادل تتم الزيجات الصالحة،و نقضى بذلك على أزمة الزواج و مشاكل تعرف الشبان على الشابات لاختيار شريكات حياتهم.

المصدر: مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,581,310

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز