و نحن نرسم خطوات المستقبل نتطلع الى أن يكون مجتمعنا قويا، سليما من الناحية الصحية..و من أجل ذلك تتجه الدولة فى هذه الايام الى انشاء أول معهد لامراض الوراثة،و هو الاول من نوعه فى الشرق الاوسط،و مقره مدينة القاهرة و مهمته اجراء دراسات و احصاءات شاملة للقضاء على أمراض الوراثة.
و القضاء على أمراض الوراثة يكون بالقضاء على أسبابها،و لذلك سوف يخصص لكل مولود سجل عن حالته الصحية و تطوراتها منذ ولادته الى أن يتزوج،و بذلك نضمن انجاب جيل قوى من الابناء و يتخلص المجتمع من الامراض المستعصية.
دور المعهد
و قد التقيت بالدكتور (اسامة رفعت) استاذ علم الوراثة المساعد بكلية الزراعة بجامعة القاهرة،و أثرت معه بعض المسائل التى تتعلق بالصفات الوراثية و الكتسبة و أثر العوامل الوراثية فى زواج الاقارب،و الامراض التى تظهر على بعض الافراد نتيجة العوامل الوراثية. قلت له:
• هل يوجد لهذا المعهد مثيل فى الخارج؟ و ما مدى أهميته بالنسبة للمجتمع بصفة عامة؟
• يوجد فى الخارج كثير من معاهد الوراثة،و هى تعتبر من أهم المراكز لمتابعة الحالة الصحية العامة دراسة و توجيها.
و تخصص بعض هذه المعاهد فى الدراسات الوراثية، بمعنى أن تقوم بدراسة مجموعات الدم،و مدى تفاوت الاجناس البشرية،و علاقتها بعضها ببعض.
و من عمل هذه المعاهد أيضا دراسة الامراض الوراثية و العيوب الجسمانية التى ليست لها اثار على فاعلية الفرد فى المجتمع مثل لون العينين و طول القامة و وزن الجسم و العيوب الجسمانية الاخرى ذات الاثر على انتاجية الفرد فى المجتمع، مثل الشذوذ العقلى و العته و البله و التأخر العقلى و انفصام الشخصية و عمى الالوان و الاستعداد للاصابة بأمراض معينة.
و هناك عدة حقائق علمية يضعها الدكتور (أسامة) تحت الانظار،و يقدم الادلة العلمية لها.
• زواج الاقارب يعقب أطفالا ضعفاء:
و يعلل الدكتور أسامة ذلك بقوله: أن الطفل يكتسب من والديه أحيانا بعض الامراض الوراثية،و هذه الامراض قد تكون مختفية فى الاب أو الأم،و لكنهما اذا اجتمعا معا كزوجين، فان هذه الامراض لا تلبث أن تظهر واضحة على الابناء و الواقع أن بعض أمراض العظام و الانيميا و الشلل و الصرع و نقص العقل ليست الا أمراضا وراثية،و هى تبدو فى حالة كون الزوجين من الاقارب.
ان زواج الشاب من قريبته يعطى بعض الامراض الوراثية المتنحية فرصة الظهور نتيجة تجمع هذه الصفاتفى الزوجين. ان التجمع ينقل هذه الصفات من صورة التنحى الى صورة الفعالة.
و لذلك لا أنصح بزواج الاقارب حتى لا يتيحوا لبعض الصفات الوراثية فرصة الظهور.ولا أثر هذا الزواج بصفة خاصة فى الاسر التى ظهر أى مرض من الامراض الوراثية فى اى جيل من اجيالها. فهناك احتمال قوى لان يكون كل من الأب و الأم حاملا لعوامل المرض الوراثية،و يتضاءل هذا الاحتمال كلما بعدت صفة القرابة أو انتفت تماما.
و قد أجرت (فوقية محمد سيد) خريجة مدرسة الخدمة الاجتماعية – و هى تقوم باعداد رسالة تحت اشرافى – دراسة اجتماعية عن الضعف العقلى فى الانسان و قد تبين من البحث بصورة فاطمة أن الوراثة هى أساس الضعف العقلى.
• فحص راغبى الزواج اجبارى
يرى الدكتور (أسامة) أن يكون الفحص الطبى لراغبى الزواج اجباريا، فهذه هى الوسيلة المثالية لضمان نسل قوى،و تجنب انجاب الشواذ قدر الامكان، فهؤلاء يمثلون عبئا على الدولة.
و فى رأى الدكتور أسامة ان مشروع القرار الجمهورى الخاص بانشاء هذه المكاتب لن ينفذ بطريقة تتفق مع الغرض منها فالذى حدث أن معظم هذه المكاتب ليست بها أمكانيات طبية أو ارشادية بينما هى فى الحقيقة تستطيع أن تقوم بدور فعال فى القضاء على أمراض الوراثة اذا أصبح الفحص اجباريا.
كذلك يمكن تلاقى أى نقص فى هذا الجانب عن طريق المرشد الاجتماعى الذى يقوم ببحث اجتماعى كوسيلة للكشف عن أمراض الوراثة بين الاسر.
و المعروف أن هذه الامراض تظهر بنسب معينة تتراوح بين 25%و75%.و تتناسب بين الذرية تتناسب عدديا بطريقة معينة فاذا كشف البحث الاجتماعى عن تناسب مرض معين بين بعض الافراد، تأكدنا أن هذا المرض وراثى،و من ثم فاننا ننصح بعدم زواج حامل العوامل الوراثية لمرض معين من قريبته التى تحمل نفس العوامل ،و من ناحية أخرى، فان هذه الدراسة تجعلنا نقف على مدى قابلية هذه الامراض للعلاج،و من ذلك مثلا أن الامراض العقلية اذا كانت وراثية فأن امكان علاجها يصبح مستحيلا. على خلاف ما يدعيه البعض.و السبب أن الامراض الوراثية تنتج من وراثة الطفل لتركيب خاطئ فى الجهاز العصبى لا يمكن اصلاحه.
• عدم تجانس الدم سبب الاجهاض
و يقول الدكتور أسامة أن هناك بعض الظاهر التى تتكرر فى حياة بعض الزوجات و من ذلك الاجهاض المتكرر رغم العلاج المستمر. أو أن تنجب الزوجة،و لكن الطفل لا يعيش الا اياما قليلة، أو يولد مشوها دائما.
و تعليل ذلك هو وجود تنافر أو عدم تجانس بين فصيله معينة من فصائل الدم فى الجنس البشرى. فاذا كان الاب و الام حاملا لهذه الفصيلة. فانها تتسبب فى مثل هذه الظاهر.
و لكن اذا انفصل هذان الزوجان،و تزوجت المرأة من رجل أخر، فانها تنجب اطفالا أقوياء اصحاء،و كذلك الحال بالنسبة للرجل.
و المفورض أن يقوم مكتب فحص راغبى الزواج بحث هذه الحالات قبل الزواج.. كذلك فان معهد الوراثة الجديد سيكون من مهامه فحص و تحليل دم الخطيبين.
• الرجل مسئول عن جنس الجنين
هناك أعتقاد شائع،و بخاصة بين الطبقة المتوسطة، بأن الزوجة هى المسئولة عن انجا البنات، فى حين أن العكس هو الصحيح.
هكذا يقول الدكتور أسامة،و يعلل ذلك بأن البويضة المخصبة تحمل دائما جينات كلها من حرف (x). أما الرجل فهو يفرز نوعين من الحيوانات المنوية، بعضها يحمل حرف (x) و بعضها الآخر يحمل حرف (y) فاذا لقحت البويضة بحيوان منوى من نوع (x) فان الجنين يكون بنتا. أما اذا كان الحيوان من نوع (y) فان الجنين يكون ولدا،و معنى ذلك أن الرجل هو المسئول بطريقة غير مباشرة عن تحديد جنس الجنين.
• الامراض الميكروبية لا تكون وراثية
و هذه الامراض مثل السرطان و الدرن،و فى الوقت الحاضر تجرى دراسات حول السلوك الوراثى للسرطان.و قد ثبت مبدئيا أن الذى يرئه الشخص بالنسبة للأمراض الميكروبية ليس هو الميكروب نفسه،و أنما عدم القدرة على مقاومة الميكروب. فاذا وجد مثل هذا الشخص فى ظروف عادية نتعرض لها جميعا، فمن المحتمل أن يتغلب عليه ميكروب الدرن مثلا و يصيبه، بينما ينجو آخرون يتمتعون بنسبة مقاومة كبيرة.
• الامراض الوراثية ترتبط بالجنس
هناك بعض الامراض الوراثية التى ترتبط بالجنس و تتأثر به و من ذلك عمى الالوان الذى يظهر فى الرجال أكثر من النساء،و كذلك الهيموفيليا و هو الذى يحدث اذا أصيب شخص بجرح، فانه اذا لم يسعف فى الحال ظل ينزف حتى يموت. هذا المرض أيضا يصيب الرجال دون النساء أما الصلع فانه يصيب الجنسين،و لكنه يظهر بصورة أوضح عند الرجال.
• القدرات و الملكات و النزعات وراثية
ثبت عن طريق الدراسات التى اجريت على التوأم المتطابقة أن الملكات العقلية مثل الذكاء و قوة الذاكرة و الميول و النزعات وراثية.و أن كان هذا لا ينفى أن البيئة الاجتماعية التى ينشأ فيها الفرد تلعب دورا أساسيا فى التشكيل النهائى لهذه الملكات و القدرات. فالشخص الذى يملك موهبة موسيقية لا يمكن أن تظهر عبقريته و تتأصل موهبته اذا لم يدرس الموسيقى و يستمع اليها .
• الجنس اللطيف هو الجنس الاقوى
يقول الدكتور أسامة رفعت أنه قد ثبت من البحوث أن المرأة أقوى من الرجل. فهى ليست جنسا ضعيفا كما يعتقد أغلب الناس،و أنما هى الجنس الاقوى.
و يمكن أن ند تعليلا لهذه النتيجة من واقع الحياة العادية. فمن الملاحظ أن الاطفال الذكور يكونون أضعف من الاناث.و أن المرأة تقاوم الامراض المختلفة أكثر من الرجل.و بالنسبة للامراض التى تسببها الميكروات مثل السل أو الالتهاب الرئوى، نجد أن نسبة الوفيات بين الرجال ضعف نسبتها بين النساء.. كذلك فأن متوسط عمر المرأة أطول من متوسط عمر الرجل.
فأن هذه النقاط تكشف لنا عن مدى أهمية المعهد الجديد. فهو وسيلتنا الى (صنع) الانسان فى مجتمعنا المتطور،و يجب أن يكون هذا الانسان قويا، صحيحة قادرة على مواجهة الحياة،و من أجل ذلك فأننا نطالب بألا يقتصر الامر على معهد واحد تابع لجامعة واحدة هى جامعة عين شمس.
يجب أن يكون فى كل جامعة معهد.و أن تكون له فروع فى جميع المحافظات حتى تشعل خدماته و تقف بحوثه فى خدمة كل مواطن. فبهذا نتخلص من أمراض الوراثة و مشاكلها.. و نبنى المجتمع الذى نتطلع اليه و نسير نحوه بخطا واسعة و قوية......
المصدر: سهير الكيال - مجلة حواء
نشرت فى 28 نوفمبر 2010
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
22,858,551
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش