استرداد الأموال المنهوبة من الخارج كتب :صلاح طه عزيزتي القارئة هذا الباب من أجلك للرد علي أي تساؤلات أو استفسارات قد تواجهك أو تطرأ علي حياتك تتعلق باسرتك أو مالك أو وظيفتك أو أي مجال من مجالات الحقوق والواجبات القانونية والتشريعية .. ارسلي إلينا اسئلتك وسوف يجيب عليها صفوة من رجال القضاء .. يجيب علي أسئلة القراء هـذا الأسبوع الدكتور ابراهيم العناني أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس كيف نسترد الأموال المصرية المنهوبة من الخارج ؟ سؤال تردد ولايزال يتردد منذ إندلاع ثورة 25 يناير ، خاصة وأن من ثمار هذه الثورة المباركة الكشف عن مظاهر من الفساد متفشية تورط فيها العديد من المسئولين ، خاصة الكبار منهم ، المنتمين إلى النظام السابق وكذلك من المنتفعين من ذلك النظام من رجال أعمال وغيرهم . وعلى قمة مظاهر الفساد وتهريب مليارات من الدولارات إلى الخارج ، تم التحصل عليها بطرق غير مشروعة . ولكن هل ضاعت الأموال المنهوبة ، أم أنه من الممكن إستعادتها ؟ لخطورة هذه الإشكالية وتأثيرها الخطير على معطيات التنمية ، لم يتوان البنك الدولى عن التصدى لها ومحاولة إيجاد الحلول لها ، وتمثل ذلك فى الكشف عن مبادرة لمساعدة الدول النامية على إستعادة أصولها وأموالها التى أستولى عليها دون وجه حق قادة ومسئولون فاسدون ، وذلك فى إطار استراتيجية البنك الدولى المعينة بنظام الإدارة العامة ومكافحة الفساد . وجاءت تلك المبادرة التى جرى إطلاقها عام 2007 بعنوان «مبادرة استعادة الأصول المسروقة : التحديات والفرص وخطة العمل» وغايتها تعزيز الجهود الدولية لاستعادة الأصول التى سرقت من الدول النامية إلى جانب الحد من تدفق الأموال المنهوبة من منظور أن هذه الأعمال غير المشروعة الناجمة عن فساد واضح من شأنه إضعاف مناخ الاستثمار الخاص إن لم يكن تدميره ، وإعاقة تقديم الخدمات الأساسية فى مجال الرعاية الصحية والتعليم والإضرار بالفقراء ، بل يمكن القول أنه يدمر التنمية على نطاق هائل. ويرى البنك الدولى أن المبادرة تحقق مايلى : - تطوير القدرات اللازمة لتقديم طلبات المساعدة القانونية المتبادلة على المستوى الدولى والإستجابة لها . - تحسين مستوى الشفافية والمساءلة . - إنشاء وتدعيم هيئات وطنية لمكافحة الفساد . - المساعدة على مراقبة الأموال التى يتم استعادتها بناء على طلب من الدول المعنية ووفقا لما جاء فى مبادرة البنك الدولى ، يساعد الأخير الدول المعنية على تقديم طلبات استعادة الأموال المسروقة وتوفير المساندة والمناصرة لها وكفالة إمتثال الدول التى تلقت الأموال لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 . وبالرجوع إلى أحكام هذه الاتفاقية التى صدقت عليها مصر عام 2004 نجد أنها أكدت وبوضوح أن نطاق تطبيقها هو منع الفساد والتحرى عنه وملاحقة مرتكبيه ، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأنية من الأفعال المجرمة مثل الرشوة والإختلاس والتبديد والمتاجرة بالنفوذ وإساءة استغلال الوظيفة والإثراء غير المشروع وغسل العائدات الإجرامية وإخفاء الأموال المحصلة من أفعال مجرمة أو مواصلة الاحتفاظ بها . وقد الزمت الإتفاقية الدول بآتخاذ مايلزم من تدابير تشريعية وتدابر أخرى لتجريم الأفعال المشار إليها وأن تجعل أرتكابها خاضعا لعقوبات تراعى فيها جسامة الجرم ، وأن تتخذ ما يلزم من تدابير لمصادرة العائدات المتحصلة منها وكذلك الممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التى استخدمت أو أعدت للاستخدام فى إرتكابها ، وعلى الدول أيضا ، أن تتخذ . ما قدم يلزم من تدبر لإخضاع تلك الأفعال المجرمة لولايتها القضائية . وهو مايهمنا الأن ، أوجبت الإتفاقية على الدول اتخاذ مايلزم من تدابير ، وفقا لقانونا الداخلى ، لإلزام المؤسسات المالية التابعة لها بأن تتحقق من هوية عملائها وحقيقة ومصادر الأموال التى يجرى التعامل بشأنها ، وكذلك السماح للدول الأخرى برفع دعاوى مدنية أمام محاكمها لتثبيت حق فى ممتلكات أو أموال اكتسبت بارتكاب فعل مجرم أو لتثبيت ملكية تلك الأموال والممتلكات وكذلك الحق فى التعويض والمصادرة . والزمت الإتفاقية الدول بأن تنفذ أوامر المصادرة الصادرة عن محكمة تابعة لدولة أخر ، وكذلك السماح بالمصادرة دون إدانة جنائية حين لا تيسير ملاحقة الجانى ، وعلى الدولة أن تسمح لسلطاتها المختصة بتجميد أو حجز الممتلكات أو الأموال بناء على أو تجميد أو حجز صادر عن محكمة أو سلطة مختصة فى الدولة الطالبة يوفر أساساً معقولا وكافيا لاتخاذ مثل هذه التدابير ، وكذلك الحفاظ عليها من أجل مصادرتها حين يتطلب الأمر . وأكثر من ذلك ، تحث إتفاقية مكافحة الفساد كل دولة تتوافر عندها معلومات عن عوائدات مودعة لديها ناجمة عن أعمال غير مشروعة ، أن تحيل المعلومات إلى الدولة الأخرى المعنية ، دون طلب منها ، إذا كان إنشاء هذه المعلومات يساعد الدولة الأخيرة على إجراء التعاون الكامل لتيسير استرداد أموالا وممتلكاتها المنهوبة . والمطلوب هنا أن تتحرك وبسرعة الجهات المعنية فى مصر من جهات رقابة وجهات تحقيق فى اتخاذ مايلزم من تدابير لتحريك وزارة الخارجية ، باعتبارها الجهة المنوط بها قانونا الاتصال بالدول الأجنبية المطلوب ، استرداد الأموال والممتلكات منها ، لتقديم مطالبات مبدئية بإتخاذ ما قد يلزم من تدابير التجميد والحجز ومنع التعامل مع وبالنسبة للأموال والممتلكات التى أودعت لديها من جانب مسئولين ورجال أعمال وغيرهم من المصريين ، ثم المسارعة من قبل الجهات المصرية المعنية فى إنهاء التحقيقات اللازمة وثبوت أن تلك الأموال والممتلكات جاءت من مصادر غير شرعية ، ويتم إبلاغ الدول المودع لديها أو الموجودة على أرضها الأموال والممتلكات ذات العلاقة ، بنتائج التحقيقات لاتخاذ الأجراءات القانونية والقضائية اللازمة لإستعادة الأموال والحقوق المصرية وفقا لأحكام القانون الدولى.
ساحة النقاش