لمــــن ستصـــــوت المـــــرأة؟

كتبت :إيمان الدربى

الدين، الفقر، الجهل، الأمية.. محاور تلعب عليها قوي سياسية للسيطرة علي صوت المرأة المصرية في الانتخابات البرلمانية والشوري، في ظل أوضاع تؤكد العديد من الأطراف أنها غير آمنة لإجراء عملية انتخابية نزيهة، وانتخابات تضمن برلماناً وطنيا حرا يكفل وضع دستور يحافظ علي حقوق ومكتسبات المرأة، لا أن يردها إلي الوراء، إلي عصر الحريم.

الأمر الذي يضع علي عاتق النخب النسائية مسئولية كبري لتوعية وتنوير المرأة في مختلف شرائح المجتمع وخاصة الفقيرة، لتصل بها إلي الإدلاء بصوتها إلي هؤلاء الذين سيحافظون علي حقوقها ومكتسابتها

المستشارة تهانى الجبالى أكدت : أن أى انتخابات مرهونة بإرادة شعبية مجتمعة من النساء والرجال وأنه ادعى أن الواقع الذى تجرى فيه عملية التصويت مرير، لا يعكس بيئة سياسية ولا ديمقراطية ولا قانونية قادرة على حماية عملية ديمقراطية حقيقية، لأننى أرى أن الديمقراطيات لا تبدأ بالتصويت والانتخاب والترشيح، وإنما تبدأ بقراءة الواقع قراءة دقيقة ثم تحليل ما به من عوار ثم التقدم ببرنامج حقيقى لضمان البيئة الآمنة لإجراء عملية سياسية كبرى هذا هو الواقع.

وترى الجبالى إن العملية الانتخابية بها الكثير من الثغرات الفادحة، بيئة أمنية غير مستقرة بالمرة.. ترتيبات انتخابية لا نعلم هل يوجد آلية وطنية حقيقية منظمة لها وهل لديها آليات إجراء عملية انتخابية مكتملة وآمنة؟ هل اللجنة العليا فى بلادنا أعلنت الترتيبات التى اتخذت من أسوان للإسكندرية من أجل ضبط وترتيب وإدارة العلمية الانتخابية، كما جرى فى الدول التى تحقق فيها التحولات الكبرى؟ أعتقد لم تكتمل البنية فى مصر، وبالتالى الشعب المصرى فى تحد لم تشهده الشعوب الأخرى.

وتضيف: المرأة المصرية جزء لا يتجزأ من هذا التحدى المركب، تحدى الوعى الجمعى الذى ادعى أنه قد تدهور. كان المشهد أثناء الثورة حضاريا لم يسأل فيه أحد من الذى يقف بجانبى ولم يفزع سلفى من امرأة سافرة - إذا كان السفور هو عدم غطاء الرأس - وكان الغنى والفقير بجوار بعضهما البعض والشاب والعجوز، وقتها سقطت كل الصور الذهنية التى تكرست فى عهود الظلام.. لحظة الثورة هى لحظة ضمير جمعى، ولكن حين تصل الشعوب للحظة مواجهة آثار التغيير ووضع المنهج القادم، والبديل للنظام الذى هوى بدأت كل الأمراض تخرج فى مشهد مقلق، هل يستطيع الشعب بنسائه ورجاله أن يستدعى المخزون الحضارى ويحقق المعجزة الثانية؟

إننى لا أملك الإجابة وإن كنت أحلم بأن يكون الشعب المصرى هو القادر على رد اعتباره بنسائه ورجاله، لأن بعض ما يحدث حولنا هو انتهاك لحرمة مصر الحضارية وحرمة دور المرأة المصرية وحرمة نضال الشعب المصرى وتراكمه التاريخى عبر ثوراته المتعاقبة.

هل ستستطيع المرأة المصرية أن تحمى دستورها القادم من انتهاك مبدأ أن الدولة مسئولة عن تمكينها من أداء أدوارها الاجتماعية المتعددة، وأن هذا الحق يجب أن يقرر من خلال القوانين لا أن نعود لمناقشة أصل الحق فى الخروج للأدوار الاجتماعية المتعددة فمازال البعض يناقش حق المرأة فى الخروج للحياة العامة والبعض يعتبر المرأة المصرية التى دخلت البرلمان منذ عام 56 ستدخل البرلمان لتكون مغلفة! لا تتحدث وعندما تقول شيئا تقوله للرجال ليتحدثوا هم لأن صوتها عورة.

على المرأة الدفاع عن قيمتها الحضارية والإنسانية والنضالية .

الرشاوي الانتخابية

 والسؤال الآن هل ستكون الرشاوى الانتخابية من العوامل المحددة لاختيارات المرأة التصويتية فى الانتخابات المقبلة.

تقول د.هويدا على مؤكدة أن المرأة الفقيرة هى أكثر الفئات عرضة للتلاعب فى المجتمع، وإن الرشاوى الانتخابية ستؤثر فى الانتخابات المقبلة، وإن مثل هذا الأمر يصبح أكثر احتمالا فى ظل اتساع القاعدة الناخبة وسعى القوى السياسية ذات التاريخ فى ممارسة الزبانية السياسية لكسب النساء الفقيرات ككتلة واحدة، ومع قصر فترة الانتخابات أمام التيارات السياسية الجديدة وسيادة عدم التأكد لدى المواطنين حول المستقبل، فإن الحل العملى لدى الفقراء كالعادة هو الاستفادة من الموقف الراهن أكثر استفادة ممكنة بسبب عدم التيقن من المستقبل.

استغلال الدين

 وتؤكد السفيرة ميرفت التلاوى أنه يجب على المرأة أن تصوت للتجمعات الحزبية والأحزاب التى تؤمن بأن المرأة مواطن متساوى الحقوق والواجبات وأن نهضة المرأة هى نهضة الدولة كلها والذى يقول إن المرأة «صوتها عورة ووجهها عورة» هذا لا يجب أن تصوت له المرأة لأنهم من الأصل كان يجب ألا يكونوا موجودين كأحزاب فهم يستغلون الدين بطريقة خاطئة.

دور المجتمع المدني

 لمن ستصوت النساء فى البرلمان القادم وكيف تستطيع منظمات المجتمع المدنى مساعدة المرأة وتوجيهها لإعطاء صوتها لمن يستحق؟

هذا ما تحدثت عنه المحامية ميرفت أبو تيج مؤكدة إن غالبية النساء فى القرى والعشوائيات والنجوع - للأسف - ستصوت لمن يخدعها باسم الدين أو الحرية أو لقمة العيش ولمن يجبرها على التصويت بحكم الزوج أو الأخ لمرشح بعينه لم تتلمس فيه أمل فى بكره أن يحررها من العجز والتحكم والفقر، وهذا واقع مرير ولكن.. هناك أمل أن نتمكن ولو بشكل جزئى للوصول للوعى أن من يشترى صوتك اليوم هو من يهدر حقك غدا حتى تظلى فى حاجة إليه، فى مساعدة مالية أو ليقرأ لك خطاباً فيه حاجة إليه لكى يشعرك أنك أدنى منه، ليست لك ولاية وليس لك حقوق مع إن الخالق سوى بين الجميع.. يظل حريصا أن يكون الوصى وتكونى التابعة نحن اللاتى نربى الرجال، فالأمر يحتاج جهد منظمات المجتمع المدنى وفى الوقت القليل لن تتمكن أن تفعل الكثير، ولكن عليها أن توعى الجميع بأهمية وقيمة صوته ومشاركته وأن اختياره الصحيح للبرلمانى الذى يمثله هو الذى يحرره ويعطى له حقاً اقتصادياً ويمكنه من العيش عيشة كريمة فى مسكن لائق وبأجر معقول يحفظ كرامته، وقوانين تعطيه الحرية فى التعبير عن رأيه فبدون أن تشاركى بإيجابية وتختارى من يملك رؤية، لا من يملك رغيفك، لن تتمكنى من غد أفضل لا لك ولا لأولادك ولا للأجيال القادمة.

بناء الوعي

 معنى هذا أن المرأة لن يكون لها تواجد فى البرلمان القادم؟

- البرلمان القادم لن يكون به وجود لمعظم القوى الوطنية التى نحتاج إليها بالفعل لا رجالا ولا نساء، هناك كتلة تذهب ناحية من نتصور أنه سيكون مالكا للسلطة سواء كان تيارا سياسيا، (تقدمى ، تأخرى أو وسطى) ستذهب إليه هذه هى الكارثة..

نحن نحتاج إلى إعادة بناء الوعى وهذا يحتاج إلى وقت طويل ولكننا لن نحبط سنقوم بما علينا من جهد والنتائج نبنى عليها مهما قلت، وهذا يحدث بعد الثورات لأن الثوار يقومون بالثورة ومحترفو السياسة يحصدون النتائج.

 هناك أحزاب دينية مختلفة وهناك مرشحات يلبسن الخمار ومنتقبات يؤكدن أنهن الأقدر والأنفع لتوصيل صوت المرأة للبرلمان ما تعليقك؟

- بصرف النظر إن كانت بعض التيارات الدينية لا ترى الخروج على الحاكم، ولكن هناك بعض التيارات الدينية شارك شبابها فى الثورة وكانوا جنبا إلى جنب معنا. ولأن النظام الانتخابى يفرض أن تكون داخل القائمة امرأة فالمرأة أحيانا توضع كديكور أو زينة. من حق كل شخص أن يرتدى ما يريد، ولكن فى إطار العمل السياسى لو أنى أرى أن صوتى عورة ووجهى لا يكشف ولا يجيز لى مناقشة الأمور السياسية، وليس لى حق فى الشأن العام إذن كيف سأدخل البرلمان!

معظم التيارات الدينية ترى أن الدين لا يجب أن يدخل فى السياسة ولا يجوز لرجل دين أن يدخل السياسة، ما يحدث الآن هو العكس لسنا ضد هذا ولكن استخدام هذه الأشياء التى ذكرتها للوصول لكرسى البرلمان هذا غير مقبول لا من تيار دينى ولا سياسى ولا ليبرالى ولا يسارى ولا تقدمى.

فقد الحماس

 المحامية وفاء المصرى لها رأى مختلف فهى ترى أنه فى ظل الواقع الموجود وحالة الارتباك الشديدة وغياب كل الضمانات لتمثيل شعبى واسع لكل أطياف الشعب المصرى وبسبب غياب الأمن والأوجاع اليومية لحالة التراجعات الاجتماعية والاقتصادية لأوضاع الناس أصبح الجميع نساء ورجالا فاقدين الحماس الذى كان موجودا فى استفتاء 19مارس، انقلب الوضع اليوم الناس غير راغبة فى الإدلاء بأصواتهم ودورنا كجمعيات أهلية وأحزاب ونقابات أن ننزل للمواطن العادى ونقدم له قوائم وطنية محترمة بها نماذج مشرفة تدفع هذا المواطن مرة أخرى وتعيد له الأمل.

الانتخابات القادمة

وحول البرلمان القادم وماذا لو جاء بلا نساء على الإطلاق تحدثت أمل محمود الناشطة النسائية إنها لا تعول كثيرا على البرلمان القادم وأنها تعلم أنه مجلس انتقالى وعلينا أن نفرض رؤيتنا على المجلس وتقدم مشاريع وتضغط لتنفيذها فالمجلس ليس دوره تجميع المشاكل وصياغتها ولكننى أعلم أنه برلمان قصير العمر والقضية الأهم هو الاعداد للانتخابات القادمة بعد هذا البرلمان والعمل على وجود وتكوين قيادات نسائية وإبرازها وتقديمها للمجتمع وتغيير ثقافته تجاه المرأة فهذا هو الطريق لوجود ضمانة حقيقية لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

 

المصدر: مجلة حواء_ايمان الدربي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 448 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,688,589

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز