المــــــرأة للإســلامـيين:
بينا وبينكم الميدان
كتبت :سمر الدسوقي
كالجندي المرابط على سلاحه متأهباً للدفاع عن أرضه تقف المرأة المصرية يلفها الغموض والحذر والقلق من صعود القوى الإسلامية الكبير في الانتخابات.. تتساءل ما هو مصير مكتسباتها طوال سنوات مضت؟ وماهي التشريعات المحتملة التي قد تطرحها التيارات الإسلامية في البرلمان، قد تغير من مسار تمكين المرأة وتحقيق المشاركة في صنع مستقبل البلاد .
تكلمنا مع سيدات مصر البسيطات .. ربة البيت والعاملة حول توقعاتهن لمستقبلهن مع برلمان يبدو أن القوي الإسلامية ستسيطرعليه.
ولا نقصد بنساء مصر هنا المعنيات بقضايا المرأة واللاتى قد يتوجسن خيفة مما قد تفقده المرأة من حقوق نجحت فى حصدها على كافة الأصعدة الاجتماعية والقانونية والسياسية خلال الحقب الزمنية الماضية، ولكن نقصد نساء مصر من مختلف الفئات من العاملات وربات البيوت اللاتى يتحملن عبء إعالة أسر كاملة والعمل والكد من أجل الإيفاء بمتطلباتها، وكذلك الأمهات وطالبات الجامعة ممن يخططن لمستقبلهن ومستقبل بناتهن على وجه الخصوص بوجهة نظر قد تتعارض ونظرة بعض هذه التيارات لوضع ودور المرأة فى المجتمع، تساؤلات عديدة ورؤى مختلفة طرحها الوضع الراهن ، وأثارتها نساء مصر وهن ينتظرن قدوم وسيطرة الإسلاميين على البرلمان القادم، أول برلمان مصرى بعد الثورة، ومعهن نحاول أن نتعرف كيف سيستقبلن الإسلاميين تحت قبة البرلمان ؟؟
إصلاح المجتمع
على العكس مما هو متوقع، أشارت «فادية محمد أمين» اخصائية اجتماعية على المعاش، إلى أنها لا تشعر بأى خوف من قدوم الإسلاميين وحصولهم على نصيب كبير بالبرلمان المقبل، قائلة : على الرغم من أنى لم أصوت لأى مرشح أو أى حزب إسلامى فى الانتخابات، وذلك لم يكن لعدم ثقتى فى قدرة الإسلاميين على التعبير عن طلباتنا، وإنما لإحداث نوع من التوازن بل والتواجد والتمثيل لكافة القوى السياسية داخل البرلمان المقبل .
وعن وضع المرأة تقول فادية : لا أشعر بالخوف على وضع المرأة المصرية وأسرتها ، فالإسلاميون صالوا وجالوا فى الحياة السياسية منذ فترة طويلة، ولذا فهم على دراية بطبيعة مجتمعاتنا وتركيبته، وكلهم وأغلبهم متعلمون ويشغلون مناصب مرموقة وأعتقد أنهم سيصلحون من أوضاع المجتمع وسيحدون بقدر كبير من التبرج الذى نلاحظه فى الطريق العام، وأهم من هذا كله أنهم سيحكمون وفقاً لأحكام الدين .
الخوف من المتشددين !!
أما «حنان سعيد» ربة منزل فتعلن أنها تخشى على وضعها كامرأة من التيار الدينى والذى سيتواجد بالبرلمان مع الممثلين للتيار المعتدل، والمتمثل فى السلفيين وتقول : شاركت فى الانتخابات بإرادتى لأساهم فى صنع مستقبل بلادى كأى مواطن شريف بعد الثورة .
وعن سبب تصويتها للإسلاميين تقول : لقد انتخبت ممثلى التيار الإسلامى بإرادتى أيضا، لسابق خبرتى بهم فى دورات سابقة فقد كانوا على قدر المسئولية وكانوا يعبرون عن مطالبنا دون أن نطلب ذلك، ولكن ما أخشاه وأخافه بالفعل رغم أنى ربة منزل ولا أعمل، إلا أننى أخاف من تطرف آراء السلفيين المتعلقة بالمرأة، قد يحجمون من حركتنا أو خرجونا للإيفاء بمتطلبات أسرنا فى الطريق العام، أو يفرضون علينا زياً لم نعتده، فرغم أنى محجبة ولكننا نشأنا وتعايشنا جميعا فى مجتمع معتدل يتقبل الآخر، فتعامل السلفيين مع بعض سلوكياتنا اليومية ينطوى على قدر من الانغلاق والجمود وهو ما نخشاه فى المرحلة المقبلة .
وحول مجيء رئيس الدولة ممثلاً للتيار الإسلامى وقالت: لقد قبلنا واخترنا بعض ممثلى التيار الإسلامى المعتدل نواباً فى البرلمان، أما رئيس الجمهورية فلابد أن يمثل تيارات أخرى وأن يكون ليبراليا، حتى يكون هناك نوع من التوازن فى المجتمع وبالتالى فلابد وأن نختاره نحن ولا يرشحه البرلمان، حتى لا يأتى ممثلا لقوى التيارات الإسلامية المتواجدة بقوة داخل البرلمان الحالى .
سنعود للميدان
وتعلن «هدى سعد» موظفة بالمجلس الأعلى للآثار، أن نساء مصر سيقدن حملة فى ميدان التحرير وسيعبرن عن آرائهن ومتطلباتهن بمنتهى الحسم والقوة، إذا فرض التيار الإسلامى المتشدد والذى يمثله السلفيون بالبرلمان، عليهن ما يتعارض وحقوقهن ومكتسباتهم وممارستهن العادية للحياة .
وتقول سعد : بالرغم من أنى كنت متوجهة للانتخابات وفى ذهنى اختيار ممثلين للأحزاب الليبرالية ولكنى فى اللحظة الأخيرة اخترت ممثلين لأحزاب تابعة لتيارات دينية ولكن غير متشددة ،. وهذا من باب تجربة الجديد بل والدفاع عن ديننا ، فربما تكون هذه الأحزاب أقدر على التعبير عنا والإيفاء بحقوقنا ومطالبنا، ولكن ما أخشاه بالفعل على حقى وحقوق غيرى من النساء من أصحاب وممثلى التيارات الدينية المتشددة «كالسلفيين» تحت قبة البرلمان حيث لم نعرف لهم تجربة سياسية من قبل ، فلو حدث وناقشوا مثلا قضية كعمل المرأة أو حاولوا تحجيمنا فى ظل قيام الكثير من النساء بإعالة أسر كاملة بأنفسهن خاصة من الأرامل والمطلقات، فإنناسنعود «كنساء» لميدان التحرير وسننظم مليونيات بل واعتصامات عدة، فقد عرفنا جميعا الطريق ولن نتنازل رجالا ونساء عن حقوقنا، بل ولن نسكت على من قد يجور عليها .
الجزية !
«جورجيت انطوان» موظفة فتقول : مايقلقنى بالفعل كمسيحية ماتردد منذ فترة عن امكانية فرض التيار الاسلامى إذا وصل للحكم فى مصر للجزية على الأقباط وكأنهم ليسو أبناء لهذا الوطن، وان كنت أعتقد أن الأمر قد لا يتعدى حدود الشائعة، خاصة وأننا جميعاً أبناء وطن واحد، أما وجودهم أو ارتفاع نسبة تمثيلهم فى البرلمان فلا يقلقنى إذا كانوا سيعبرون عن مطالبنا الحقيقية، كمصريين ، ولابد أن يكون هناك فصل تام بين الدين والسياسة، وأن يعتبر أى نائب أىاً كانت ديانته عن مطالب كافة أبناء دائرته أيا كانت ديانتهم .
سلفيات فى البرلمان!
ولـ «نشوى سمير» موظفة، وجهة نظر أخرى وكما تقول : الوضع الآن وبعد الثورة لا يستدعى أى خوف أو قلق من النساء، فقد أصبحنا جميعا قادرات على التعبير عن آرائنا بل والنزول للميدان والدفاع عنها، كما أن بعض الحقائق التى كنا نراها كأمر مسلم به ، أصبحنا ندرك حقيقتها، فنحن نعلم مثلا أن وجود ممثلات للحزب السلفى فى الانتخابات أمر ضرورى لاكتمال مشاركتهن، ولكن أعتقد أن هذا لايعبر من ناحية أخرى عن إيمانهن بدور المرأة، وبالتالى فإذا اقترب أى من أعضاء ممثلى التيارات الإسلامية المتشددة بالبرلمان من حقوقنا فى التعليم والعمل وغيرها من الحقوق التى كفلها الدستور للمرأة، فإننا لن نظل صامتات .
وتضيف نشوى: حتى يكتمل نصاب الأمر فلابد وأن يكون رئيس الجمهورية عند انتخابه من قبل الشعب وبعيدا عن البرلمان ودون أن يكون للكتلة البرلمانية أى دور فى هذا بل ويكون بعيدا كل البعد عن أى تيار دينى ، حتى يكون هناك توازن فى الحياة وإلا لاكتسبت حياتنا اليومية صورة وهيئة أخرى لم نعتدها كمصريين بصرف النظر عن عقيدة كل فرد منا.
إرادة الشعب
وتشير «كارولين صبحى» طالبة بكلية هندسة إلي أننا اعتدنا أن نعيش في مصر كنسيج واحد مسلمين ومسيحيين ولذا فنحن جميعا سنحترم إرادة واختيار الشعب لأعضاء البرلمان مهما كانت توجهاهتم وانتماءاتهم .
ولابد من الحفاظ على هذه الوحدة وهذا التماسك بل وحقوق كل مواطن ومواطنة فى العمل والتعليم والعلاج أيا كانت ديانته أو جنسه .
وأخيرا تؤكد «كارولين» موظفة .. أن المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف وغيره من المؤسسات السيادية لابد وأن تلعب دورا فى التوعية بل والرد على أى تعسف أو تطرف قد يقدم عليه أى ممثلين لقوى دينية متشددة تحت قبة البرلمان ، ضد المرأة، فهناك نساء يخرجن للعمل من أجل إعالة أسر بها رجال، وهناك سيدات ضحين بطموحهن من أجل أن يرين بناتهن طبيبات ومهندسات، فلا يعقل فيما بعد أن نطلب منهن (العودة والمكوث بالمنزل) أو ارتداء ملابس من نوعية ولون محددين، رغم أننى محجبة .
المساس بالمرأة
وأطرح هذه الرؤى والمخاوف على المحامية والناشطة «نهاد أبو القمصان» رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة ، فتقول: لاشك أننا سنحترم جميعاً نتائج الانتخابات بل وإرادة الشعب أيا كانت، طالما أن التجربة لم تثبت فى أى وقت من جولاتها أن هناك تجاوزاً وتزويراً ينبغى التعامل معه، ولكن ما نأمله من أصحاب وممثلى التيارات الإسلامية بالبرلمان وبالأخص المتشدد منها بالنسبة للحفاظ على وضع المرأة المصرية وحقوقها وكيانها ومشاركتها فى المجتمع فالثورة قد قامت من أجل المطالبة بحقوق عامة تتعلق بمبادىء الحرية والعدالة لكافة المواطنين، كتوفير فرص عمل ورفع الحد الأدنى للأجور وعلاج المشكلات الأزلية المتعلقة بالإسكان والعشوائيات ومستوى الخدمات العادية المقدمة للمواطن كالكهرباء والعلاج والمياه والاتصالات وغيرها .
وبالتالى فعلى هذه القوى السياسية وممثليها أن تركز على تحقيق أهداف الثورة، فالمشكلات التى اندلعت من أجل علاجها، قبل أن تفكر أو تركز فى أوضاع لا تمثل مشكلة فى المجتمع المصري، فالمرأة المصرية ركن أساسى من هذا المجتمع ولها حقوق وعليها واجبات، والثورة المصرية لم تقم للانتقاص من هذه الحقوق أو المساس بها .
ويؤكد على ماسبق الشيخ «نصر خضيرى» عضو معهد اعداد الدعاة بمصر الجديدة، قائلا : حقوق المرأة ووضعها فى الشريعة الإسلامية، أمر منصوص عليه فى أكثر من موقع بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، بل ومن خلال الوقائع التاريخية الإسلامية والتى كانت المرأة تتواجد فيها جنباً إلى جنب مع الرحيل دون أى تحفظ ، فعلى مر التاريخ الإسلامى كانت المرأة المسلمة تشارك فى المعارك الإسلامية وتضمد الجرحى وتعد الطعام بل وكانت راوية للحديث وفقيهة تنظم الندوات والمجالس الدينية، وما أعطاه الإسلام لها أكثر بكثير مما أعطته لها القوانين المدنية، ولذا فينبغى على المنتمين لأى تيار دينى أن يدركوا حقيقة هذا الوضع وهم تحت قبة اول برلمان مصرى منتخب بعد الثورة، فلا ينتقصوا من المرأة حقوق قد منحها لها الدين الإسلامى بالفعل، والا كانوا وأقولها بكل ثقة غير ممثلين عن حق لهذا الدين.
ساحة النقاش