صاحبك

لا تشاركه ولا تناسبه !

كتبت :نجلاء ابو زيد

« صاحبك .. لاتشاركه ولا تناسبه» مقولة رجالى تختصـر ببساطـة سرا مـن أسـرار عالم الرجال الملىء بالمصطلحـات الخـاصة التى يفهمونها جـيداً ، وبدون إفصاح عنها يديرون العلاقات فيما بينهم وفقـاً لـقواعـد محسومة وضعوها بأنفسهم لأنفسهم .

وإذا كانوا يتباهون دوماً بصداقاتهم التى تصمد أمام الزمن، فإن لهم أساليبهم فى الحفاظ عليها ، ويعتبر اختراقها خطاً أحمر .

حـول قـواعـدهـم للحفـاظ على صداقاتهم كان هذا التحقيق مع الرجال ، عن الصداقة وما خطوطهم الحمراء للحفاظ عليها llالبداية مع أشرف - مبرمج كمبـيـوتـر - حـيث يـرى أن قاعدة صاحبك لا تشاركه ولا تناسبه قاعدة ذهبية: لايدركها الرجال إلا فى مرحلة النضج ، لكن فى بدايات الشباب يعتقد كل واحد أن صديقه هو الأهم والأقرب ، وهذا ماحدث معى حيث اشتركت مع أقرب أصدقائى فى مشروع عقب التخرج ، وحدثت مشكلات مادية كثيرة وللأسف خسرنا بعضنا ، لأننا وسط مصالحنا المختلفة نسينا العشرة وما ربطنا لسنوات، وللأسف للآن لم أعوضهم ولم أقطع علاقاتى بهم لكنها أصبحت معرفة وجلسة قهوة لا صداقة حقيقية كما كانت قبل المشروع، وبالرغم من أن هذا الحدث مر عليه أكثر من 25 سنة إلا أننى تعلمت منه درس العمر ، فالصديق يجب ألا تشاركه فى أى شىء حتى لا تتعكر العلاقة بينكما.

ويرى محمود أبوزيد - محاسب - :

إن الأصدقاء هم الأقرب للعقل وأسلوب التفكير لذا من الممكن مشاركتهم فى مشروع ما بشرط أن تكون هناك قواعد واضحة ، حتى لا نخسر بعضنا لكن ماعدا ذلك فصعب جداً ، خاصة علاقات النسب لأنها كثيراً ما ترتبط بمشكـلات كثيرة ، وفعـلاً ممكن أخسـر صـديقـى مـن أجل أختى لأنها الأقرب ، لذا من الأفضل أن تكون حياتنا الخاصة بعيدة عن صداقتنا.

عشرة العمر !!

يتفق إيهاب عبدالعزيز - مهندس - مع الرأى السابق قائلاً: وجود صديق فى الحياة شىء ضرورى نادر الحدوث ، وهذا يجعل للصديق مكانته الخاصة بعيداً عن أى مشاكل ، فمثلاً صعب يكون هناك صديق فى العمل بسبب المنافسة على المناصب والحوافز، وعادة الأصدقاء هم عشرة العمر الجميل من الجيران أو الجامعة ، ودائما يكون الجلوس معهم فرصة للفضفضة بلا خجـل أو تفكيـر لكن إذا كانت هناك علاقة مصلحة مع هذا الصديق فبالتأكيد ستكون لها الأولوية فى العلاقة وستفشل الصداقة التى كانت هى الأساس.

ومن واقع تجربته يقول عصام - موظف - :

تزوج شقيقتى فخسرته ، كان من أعز أصدقائى وتحمست جداً لفكرة ارتباطه بشقيقتى لأنه رجل بكل ما تعنى الكلمة ، بالرغم من عدم إنهائه لدراسته الجامعية وشقيقتى جامعية ، إلا أننى صممت على زواجه منها لأننى اعتقدت أنه الأفضل وتوهمت أن الأمر سيصبح بيننا أكبر بعد النسب ، لكن ماحدث كان عكس ذلك ، حيث بدأ يعانى عقدة النقص لعدم استكمال دراسته الجامعية، وبدأت المشاكل لا تتوقف ودائما يطالبنى أهلى بالتدخل لأننى من اخترته وأصررت عليه وكنت أشعر بحرج موقفى لكن تدريجيا أصبح مثل أى زوج شقيقة نتقابل فى المناسبات والمشكلات ، لأن آراءنا فى الموضوعات كافة اختلفت ويكفى أن أختى إلى الآن تحملنى ذنبها، حيث كان بإمكانها الارتباط بآخر أفضل لولا تدخلى لصالح صديقى.

شراكة عمل

أما محمد وفيق - مدرس - فتجربته أسوأ، حيث دخل مع صديقه العزيز فى علاقة شراكة فى أحد المحلات ، ولتقوية العلاقة قام بتزويجه شقيقته ، لأنه كان يرى أنه الأقرب له ، ولأنه كان وحيداً كان يراه بمثابة شقيق وائتمنه على كل شىء ، وفعلاً كانت الأمور جيدة بينهما حتى أصيبت شقيقته بالسرطان وبدأ الصديق يتصرف معها بشكل غير لائق ، وبدأ يفقد ثقته فيه لأنه لم يتخيل منه هذا الجفاء وعدم التعاون ، وتوفيت شقيقته وفوجئ بصديقه يحضر ابنته التى لم تتجاوز العامين لأهل زوجته لأنه سيتزوج وأنه لن يطمئن عليها إلا مع جدتها وخالها ، وتدريجيا زاد الجفاء بين الاثنين وانتهت شراكة المحل بالمشاكل وأصبح الآن من أكثر أعدائه ويتخيل أنه لو كان صديقه بعيداً عن كل هذه التداخلات لظل الأقرب له حتى الآن. لكن التداخلات الكثيرة تجعلك تعرف أشياء عن هذا الشخص كان الأفضل لكليكما ألا يعرفها عن الآخر.

خبرات

الكاتب الروائى محمد صفاء عامر فيعلق على هذا المثل، من خلال تجربته الحياتية والروائية قائلاً : الصداقة حالة إنسانية ترتبط بطباع كل شخص وكلما كانت غير متداخلة مع علاقات أخرى كان عمرها أطول ، خاصة وأن حدوثها أصلاً أصبح من الأمور النادرة ، وبناء على خبرتى فإن المشاركة فى العمل أو المصاهرة من الأمور التى ترتبط عادة بالمشكلات ودخولها فى الصداقة يفسدها ، وخبرات الشعوب هى اختزال لتجاربهم، لذا فأنا مع هذا المبدأ جداً لأننا نحتاج للصديق فى حياتنا فمن الأفضل أن تكون هناك خطوط حمراء لاتتخطاها العلاقة، وذلك للحفاظ عليها من التقلبات التى قد تعصف بها.

العقلانية

وإذا كانت هذه آراء وتجارب الأصدقاء الرجال ، فإن للمتخصصين تفسيراتهم لهذه المقولة الشهيرة فى عالم الرجال.

يقول د. على ليلة - أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس: اختيارات الرجال لأصدقائهم يحكمها قدر كبير من الموضوعية والعقلانية ، حيث عادة يختبر ما فى صديقه من صفات شهامة ورجولة وبعد ذلك يوقف علاقته به، وعلى هذا الأساس تكون هناك مجموعة من التوقعات المتبادلة بينهما لتأكيد قوة العلاقة التى ربطتهما ، أما الدخول فى علاقة ثانية كالشراكة المادية وما يرتبط بها من التزامات يحدث خللاً فى العلاقة ويتسبب فى تباين منظومات القيم الموجهة للعلاقات ، وهـذا يســبـب مشكـلات كـثيرة فى كـل العـلاقـات ، لـذا فكـلما كانت علاقة الصداقة صافية منفردة كانت أنجح بعكس الدخول فى علاقتين أو أكثر بمنظومتي قيم مختلفتين. لذا فصداقات العمل كثيراً ماتفشل لنفس السبب. وعادة نجد الصداقات القوية بين زملاء الماضى أو أصدقاء الطفولة المهم ألا يكون هناك تشابك فى العلاقات. وأكد أن عقل المجتمع يـرى مـا هـو أعمق من العقل الفردى لأنه خلاصة تجارب ومعاناة من سـبقـونـا ومـن لايعتـرف بهـا يتعلم بعد التجربـة أن التداخلات الكثيرة بين العلاقات الاجتماعية والإنسانية خطأ كبير يسبب مشكلات اجتماعية كثيرة ولا يحافظ على أى من العلاقات ويكون الإنسان هـو الخاسر الأكبر.

الاحتفاظ بصديق

يتفق معه د. إسماعيل يوسف - أستاذ الطب النفسى جامعة قناة السويس - قائلاً : الرجل دائما تتاح له الظروف أن يكون صداقات ناجحة ، ويعتبر الاحتفاظ بالصديق ومساندته فى الأزمات بمختلف أنواعها دليل رجولة وهذا يجعله نفسيا سعيداً بأن له أصدقاء ، لذا تكون رغبته فى الحفاظ عليهم كبيرة فيحاول أن يبعدهم عن حياته الخاصة أو العملية لهذا السبب حتى لا يضطر للتضحية بهم. وموضوعية الرجل واستخدامه الدائم لعقله لعمل توازنات بين مايريده من الآخرين وما يريدونه منه يجعله قادراً على وضع حدود لوجود الأصدقاء فى حياته ، فهم عادة المتنفس النفسى له من المشكلات والأعباء بمختلف أنواعها وإذا دخل معهم فى أى علاقات مادية أو مصاهرة قد تصبح سبباً فى المشكلات لكن بعض الناس لايفكرون بهذه الكيفية ويدخلون فى شراكة أو نسب وقد ينجحون أو يفشلون لكن المشكلة أن جرح الأصدقاء عادة مايسبب حالة فـقـدان ثقة فى المجتمع كله ، ويسبب أزمات نفسية ، لذا فالأولى الوثوق بخلاصة تجارب المجتمع بوصفها الأفضل للحفاظ على الصديق وعلى الاستقرار النفسى فى آن واحد

 

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابوزيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4226 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,845,631

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز