العنوسة اختيار ام اضطرار

كتبت :اسماء صقر-سماح موسي


 تبدو العنوسة لبعض البنات اختيارية بحثاً عن عريس مناسب، وللبعض الآخر اضطرارية فرضتها ظروف الحياة الاقتصادية، وأحيانا إجبارية نتيجة العادات والتقاليد.

 وفى كل الأحوال «العنوسة»كلمة مزعجة تهرب منها البنات وتفقد 2700 فتاة سنوياً حياتها بالانتحار هربا منها ومن مجتمع قاس يطاردها بنظرات تؤرق حياتها عن أن تعيش كإنسانة طبيعية لا تلاحقها نظرات الشفقة والشك أيضا ممن حولها.

 وفي السطور التالية نقدم روايات وتجارب لفتيات مع لقب «عانس»، ونعرض رؤية علماء الاجتماع والنفس ورصدهم لمشكلة العنوسة في مصر وحلولها..

 نبدأ بحكايات الباحثات عن عريس مناسب وهى المرحلة التى يبدو الباحث فيها كالراغب فى العثور على «إبرة فى كومة قش».

 تقول ياسمين حسين- 28 سنة - يتقدم لخطبتى الكثيرون لكنهم لا يرضون طموح أمى المادى فى عريس ابنتها؛ لأنها تضع نظرها على زوج ابنة خالتى، فزوجها يعمل محاسبا فى شركة بالسعودية وبالطبع يجلب لها الكثير من الذهب والمال، وتتمنى أمى أن تزوجنى من شخص مثله.

 أما (هـ.س) -30 سنة- فلديها معاناة أخرى تقول : إننى من أسرة فقيرة وأعمل فى أحد المحلات التجارية على الرغم من حصولى على مؤهل عال، ودائما لا يتقدم لى إلا عمال وأصحاب مهن حرفية، وأبى يرفض ذلك حتى لو أصبحت عانسا فهو يرانى دائما فى خياله بأنى زوجة لشاب وسيم ميسور الحال وجامعى مثلى.

 وترفض أسرة ، (م . أ) -29 سنة- زواجها من عريس إلا إذا كان موظفا حكومياً بدخل ثابت أو على الأقل قطاع خاص.

 وتضيف (م . أ) قائلة : تعتقد أسرتى أن العريس المناسب لابد أن يكون شخصاً له دخل ثابت وشهرى، فالزواج يعنى تكوين أسرة وأولاد وتحمل المسئولية، وأمام كل هذا انتظر الشخص المناسب الذى تقبل به أسرتى.

 وعلى صعيد آخر تختار بعض الفتيات العنوسة اختيارا حراً لا تدخّل فيه، وتحمل كل عازفة عن الزواج المبرر الذى تراه مناسباً .

 تقول (م . ع) -20 عاماً- من الدقهلية - تدرس الهندسة - أعانى من ضغوط أسرتى وأحيانا اضطهادها لى، وذلك بسبب عزوفى عن الزواج لصعوبة دراستى التى أريد ألا يشغلنى شىء عنها، فهم يخشون أن أنضم لقائمة عوانس البلد التى تعتبر من بلغت الخامسة والعشرين «عانساً» وينظرون لها بنظرة سيئة وتبدأ صديقاتها فى الابتعاد عنها خاصة المخطوبات أو المتزوجات .. ولا أدرى ماذا أفعل ؟!

 إعالة الأخوات


 أما (س . م) -35 عاماً- من إحدى قرى الشرقية تقول : عزفت عن الزواج بسبب الإنفاق على إخوانى الصغار الذين تركهم لى والداى بعد أن توفيا فى حادثة، فلم يكن لإخوانى أحد غيرى لكى يعولهم فقررت أن أعمل لكى أنفق عليهم، مع العلم بأنه تقدم لخطبتى الكثير من الخطاب ولكننى رفضت رغم نظرة المجتمع الريفى القاسية لى .

 المال

 وتقول (ل . م) من مركز ميت غمر محافظة الدقهلية -موظفة بالسجل المدنى- .. ظروفى المادية الجيدة كانت السبب الرئيسى فى عزوفى عن الزواج بسبب طمع كل من يتقدم لطلب الزواج منى لثروتى، وعدم إحساسى بإخلاص من يتقدم لى، خاصة إذا كان متعثرا ماديا.

 لكن كيف يرصد علم الاجتماع ظاهرة العنوسة وانتشارها تقول : د. ماجدة القاضى- أستاذة علم الاجتماع بجامعة المنوفية-: تختلف نسبة العنوسة فى مصر من محافظة لأخرى، فهناك محافظات تحكمها عادات وتقاليد معينة ويرجع انتشارها لارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور وصعوبة الحصول على شقة، بالإضافة إلى أسعار تكاليف الزواج الباهظة الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة فى كل محافظة.

 وتشير د. القاضى إلى تعرض الفتيات (العوانس) لأمراض نفسية كالاكتئاب والحزن لفقدان الحياة الأسرية وافتقاد الأمومة، وأحيانا لنظرة المجتمع الخاطئة لهن، لذلك من الحلول المقترحة للحد من تزايد نسبة العنوسة تخفيض الأسرة لتكاليف الزواج من مهور وتأثيث السكن، وكذلك تشجيع الحكومة ودعمها عن طريق خفض الضرائب على رواتب المتزوجين، ويمكن للمجتمع المدنى المشاركة من خلال المؤسسات الخيرية وتقديمها دعماً عينياً لغير القادرين على مصروفات الزواج، ونشر ثقافة التكافل الاجتماعى بين الأفراد بالمساهمة فى تكاليف الزواج.

 وعن الحالة النفسية لدى الفتاة العانس، ويحدثنا د.سامى مرسى النجار أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق- يقول: «إن العنوسة ظاهرة موجودة بشكل مطلق فى المجتمع المصرى الريفى والحضرى، ولكنها مرفوضة فى الريف بشكل واضح عن الحضر لموروثات وتقاليد راسخة وقديمة لم تتغير والدليل على ذلك نظرة الكثيرين لتلك الفتاة التى لم تتزوج بعد على أنها «عانس» والتى تكثر حولها علامات الاستفهام ويعطى البعض لأنفسهم الحق فى وضع إجابات لتلك العلامات الاستفهامية، فمنهم من يقول أن سبب عنوستها سوء سمعة والديها أو سمعتها أو فقرها أو لسوء مظهرها أو ...

 وعلى النقيض إذا رصدنا نظرة هؤلاء الناس للرجل الذى لم يتزوج بعد، نجدها لا تشوبها شائبة ولا يوضع حوله ولو مجرد علامة استفهام واحدة، فيقولون «إذا أراد أن يتزوج وهو يبلغ من العمر خمسين عاما سيتزوج!!)

 ويؤكد د. سامى أن تلك الأقاويل تصيب الفتاة بالعقد النفسية التى قد تدفعها إلى أن تقبل بأن تصبح زوجة ثانية أو ثالثة هربا من الضغوط حولها.

 وقد تقبل لقب مطلقة بدلا من أن تبقى عانساً. وتعانى الفتاة الريفية أكثر لأنها عرضة للأقاويل لانعدام ممارستها لأى نشاط ترويحى أو ترفيهى، وعدم اشتراكها فى أى عمل جمعى تطوعى، بعكس فتاة الحضر التى قليلا ما تشعر بسوء معاملة الآخرين أو معايرتهم لها، بالإضافة إلى ممارستها وعملها فى المجتمع.

 دور الأهل

 ولمعالجة هذه الظاهرة يقول د. سامى: لابد من وضع حلول لتخفيف معاناة الفتيات اللائى لم يتزوجن بعد، منها انتقال النشاط الأهلى الترفيهى إلى القرى والنجوع وتبسيط العلاقات القائمة على المصاهرة وليس إلغاؤها، بالإضافة إلى توعية الأهل بالتقرب من الفتاة ومعاملتها معاملة حسنة والامتناع عن ممارسة الضغوط عليها

المصدر: مجلة حواء -اسماء صقر -سماح موسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 938 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

merag2009

بجد موضوع مشترك جميل بس ياريت تكتبى فيه اكثر لانها مشكله البنات

merag000 فى 8 أكتوبر 2012 شارك بالرد 0 ردود
merag2009

الموضوع بجد جميل وياريت توضوحى فيه بكثرة

merag000 فى 8 أكتوبر 2012 شارك بالرد 0 ردود
hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,851,169

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز