رصدنا تجربة لرعايتهن: مغتصبات الشارع في رقبة من

كتبت : منار العوضي

 لسبب أو لآخر تهجر منزل أبويها لتواجه أخطار الشارع ومفاجآته لتستبدل مشكلتها بمشكلة أكبر، حيث تتعرض للاغتصاب أو الزواج العرفى ثم التنكر لها ولحملها لتبقى وحيدة ضائعة بلا سند قانونى أو اجتماعى، إنها مشكلة الفتيات المشردات اللاتى يتحولن إلى أمهات صغيرات لا يقوين على مجابهة أعباء الحياة.

وإلى أن يقدم المجتمع حلاً شاملاً لهؤلاء الفتيات، نعرض لتجربة مجتمعية ناحجة فى التصدى لهذه المشكلة من خلال إحدى الجمعيات التى أنشأت قسماً خاصا لرعاية المغتصبات وأولادهن، حتى لا يثقل المجتمع بوجود أطفال شوارع جدد يشكلون خطراً على الجميع.

قررنا زيارة جمعية قرية الأمل التى تصدت لحل مشكلة هؤلاء الفتيات اللائى أنهكتهن حياة بائسة، وعمّق جراحهن مجتمع أدار لهن ظهره لنتعرف من قرب أبعاد مأساة هؤلاء الصغيرات llبدايتنا كانت مع أ . ع - 17 سنة - وهى ضحية للتفكك الأسرى تقول: كنت أقيم مع أهلى ولكن كثرة الخلافات دفعتنى لترك البيت والخروج إلى الشارع، وبعدها تزوجت عرفياً من شخص كنت على علاقة به، وكنا نسكن فى غرفة بسيطة جداً، وبعد زواجنا بفترة اكتشفت أننى حامل، وعندما واجهت زوجى تنكر لحملى وهجرنى، بعدها تعرفت على فتاة كانت السبب فى إقامتى بهذا المكان، وبعد ولادتى تركت ابنتى هنا لضمان معيشة أفضل لها، وخرجت من جديد للشارع ولكننى تعرضت للاغتصاب ، وعندما علمت إننى حامل عدت من جديد للقرية لأقيم فيها بعيداً عن مخاطر الشارع.

وتحكي ر . ع - 19 سنة - قصتها بأسى قائلة: كنت أقيم مع أهلى وكان والدى يعطينى مناديلاً لأبيعها، وغالبا ما كنت أقضى يومين أو ثلاثة فى الشارع لأبيع البضاعة، وخلال هذه الفترة كنت أتعرض للخطف أكثر من مرة، ولكنى لم أجرؤ أن أقول لوالدى إننى تعرضت للخطف والاغتصاب، لأنه كان يضربنى بلا رحمة، وأيضا لم أكن أشعر إننى مهمة بالنسبة له.

لتتوقف «ر . ع» عن الكلام فجأة وتبدأ فى البكاء ثم تعود بعد أن تماسكت لتستكمل حديثها قائلة: لهذا السبب تركت البيت، فأنا لم أشعر بأن عائلتى تحبنى، وبعدها تزوجت عرفياً من إنسان أحببته ولكنه تركنى بعدما أخبرته بحملى، فخرجت للشارع، وعندما جاءت لحظة الولادة لم يكن بجانبى أحد، لينقلنى أهل الخير إلى القرية - عند ولادتى- مما أنقذنى، بعدها قام مدير المركز بإجراء اتصال بوالدى لمحاولة الصلح بيننا، وبالفعل جاء والدى ليأخذنى وبعدها زوجنى «عشان يستر عليا»، ولكن الزواج لم يدم إلا عامين فقط أنجبت خلالهما ابنى الثانى، وطلبت الطلاق لأن زوجى كان دائماً يعيَّرنى، «كان نفسى أعيش زى أى بنت مع ابنها وجوزها اللى بيحبها ويخاف عليها.

كيفية التأهيل

وإذا كانت الحكايات السابقة تكشف عن بعض تجارب هؤلاء الضحايا فكيف يتم تأهيلهن؛ عن ذلك تقول أميرة عبد العزيز - أخصائية اجتماعية بمركز رعاية الأمهات الصغيرات - عند استقبال الفتيات يتم تعريفهن على المكان وعلى النظام المتبع، كي يندمجن مع بقىة زميلاتهن، وبعد ذلك نبدأ بالجلسات الفردية لمعرفة مشاكلهن ومحاولة حلها، فهناك بعض الحالات التى نستطيع تزويجها، وأيضاً إيجاد فرص عمل مناسبة لهن، هذا بخلاف محاولة الصلح بين الفتاة وأسرتها، ولكن مهماً جداً فى حالة الصلح ضمان عدم هروبهن مرة أخرى من المنزل.

وتوضح عبد العزيز، أن الأساس فى نجاح التأهيل رغبة البنت فى التغيير، فهذا يسهل علينا مهمتنا، حيث أن هناك حالات تقيم معنا خلال فترة الحمل فقط، وبعد الولادة تترك الجنين وتعود للشارع وتأتى كل فترة للاطمئنان على ابنها.

تقييم نفسى

وتضيف شيماء عبد القادر - أخصائية نفسية بمركز رعاية الأمهات الصغيرات - عند استقبال حالات جديدة نقوم على المستوى النفسى بعمل تقييم لكل حالة، وعلى أساسه نقوم بوضع برنامج معين للتعامل مع هذه الحالة.

وتؤكد: إن هؤلاء الفتيات فى بداية العلاج يعانين من أمراض نفسية كثيرة سواء قلة تقدير ذات أو عدم ثقة بالنفس، أو إحباط أو شعور بالوحدة، لهذا يقمن بتكوين «مجموعات» من خلالها تتجمع الضحايا مع بعضهن كل يوم مع الأخصائى النفسى، وتبدأ كل بنت بسرد قصتها أو خبرات معينة مرت بها من قبل لتحقيق الاستفادة من كل التجارب.

ولا نقتصر فى إعادة التأهيل على الجانب النفسى فقط، بل يتم توفير فصول محو أمية للفتيات وورش عمل للأشغال اليدوية وبيعها لتوفير عائد مادى للفتيات، هذا بخلاف توفير طبيب ليتابع حالة الجنين مع الفتيات وتعليمهن كيفية التعامل معه.

الهدف النبيل

وأخيرا تحدثت د. فاطمة برادة - رئيسة مجلس إدارة الجمعية - عن سبب إنشاء قسم الأمهات الصغيرات قائلة: كان تعاملنا فى البداية مع الصبية فقط، فكان اهتمامنا مقصوراً على أطفال الشوارع لا غير، ولكن بعد ذلك وجدنا أن هناك أعداداً كبيرة من البنات تأتى إلينا فأنشأنا فرع الأمهات الصغيرات ليكون مقصوراً على البنات المغتصبات، ولقد نجحنا فى تغيير قانون الطفل، واستطعنا استخراج شهادات ميلاد لأطفال هؤلاء الضحايا.

وتؤكد برادة أن الهدف الرئيسى من إنشاء هذا الفرع، هو حل مشكلة أطفال الشوارع من الجذور، لأن أغلب أطفال الشوارع يأتون عن طريق أب مجهول .

المصدر: مجلة حواء- منار العوضي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,827,514

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز