نمسح دمعة الألم عن وجنتيها

أمومة شادية التى لا يعرفها أحد

 

 

كتب : طاهر البهي

شادية.. حالة خاصة فى تاريخ الفن المصري، لا نقول ما سبق عن عاطفة ولا مجاملة، ولا مرايدة، تأثراً بحالة صحية صعبة، ندعو الله العلى القدير أن يمن عليها بالشفاء والعفو والعافية..

ولكن هى بالفعل حالة من الثراء والتنوع والعطاء والمتعة والفائدة أغدقت بها على الفن المصرى طوال ثلاثة عقود على الأقل.. فى السينما.. هى البنوتة الشقية (عفريت مراتى على سبيل المثال واضح فى الأذهان، وهي المرأة المدافعة عن بنات جنسها «كرامة زوجتي» وهي السندريللا التي تضحي من أجل سعادة حبيبها «أغلي من اسرة حياتي» وهى الأم الملتاعة والحضن الدافئ الذى يقرب بين الأبناء (لا تسألنى من أنا)..

وفى الغناء.. هى نجمة الغناء الباسم القريب من قلوب البنات.. بلا منازع أما وطنياتها فهى تحتاج إلى دراسات تعطيها حقها المهضوم!

وفى الحياة.. هى نموذج للعطاء والرقة، والقلب الصافى، والعطاء الفياض.. رغم أنها لم تنجب رغم تعدد زيجاتها كيف ؟

من الصدف التى أسعد بها، أننى التقيت ذات يوم المصور الفنان نادر عماد حمدى- شفاه الله- الذى اختبره الله بالصحة العليلة، مما سار به فى مسار العمليات الجراحية الدقيقة داخل وخارج مصر..

نادر.. هو ابن فنان مصر الكبير، الجميل عماد حمدى فتى الشاشة الأول لأكثر من عقدين، قدم خلالهما عشرات الأفلام السينمائية الرومانسية، الناعمة، التى حفرت اسمها، وتركت بصمتها على شريط السينما المصرية، أمام أجمل وأحب نجمات مصر..

ونادر-أيضا- يعد ابن زوج فنانتنا الكبيرة شادية؛ فقد تزوج الفنان عماد حمدى من النجمة شادية فى العام 1953م، بعد زواج امتد لأكثر من ثمانى سنوات من زوجته الثانية الفنانة فتحية شريف، التى تزوج منها فى عام 1945م وحتى العام 1953م، سبقها زواج لم يدم أكثر من شهر واحد من الفنانة حورية محمد، وأسفر زواج عماد حمدى من الفنانة فتحية شريف عن وليدهما فنان التصوير الفوتوغرافى (نادر)..

زوجة الأب

ثم جاءت مرحلة زواجه- عماد حمدى- من النجمة الجملية شادية، التى استمرت ثلاث سنوات، وهى السنوات ما بين أعوام 1953 و1956، والتى أعقبها زواجه من الفنانة نادية الجندى (1962-1974).

وما يهمنا من هذه الرحلة هو بيان كيف تعاملت شادية الرقيقة- وهى هنا «الضرة» وزوجة الأب مع الزوجات الأخريات لزوجها الفنان عماد حمدى، وابنة نادر- رغم ما تمثله من كونها زوجة الأب، بكل ما يحمله التراث من ضبابية الصور، والسمعة الكريهة لزوجة الأب.

ورغم تعدد الزيجات ، إلا أن نادر ، لا يزال يذكر أيام زواج والده من الفنانة الكبيرة شادية ، وهو لا يزال يتذكر ، كيف تقربت شادية من والدته الفنانة فتحية شريف ، وكيف أذابت جبال الثلج فى علاقتهما معاً ، وكيف أصرت شادية على تخصيص يوم الجمعة ، لكى يقضيه نادر مع والده ، ومع أمه الثانية - شادية - فى بيت الزوجية ، وفى نهاية اليوم كانت تحمله رسائل المودة والحب والصفاء إلى السيدة والدته ، إلى أن بدأت العلاقة تأخذ منحنى أكثر طبيعية ، وأكثر وداً ، من خلال الإتصالات الهاتفية فيما بينهما ، وحتى وصلت أول هدية من السيدة فتحية شريف إلى الجميلة شادية ، تعبر عن جو الألفة والطمأنينة ، والارتياح المتبادل ، كانت الهدية عبارة عن «برطمان من الليمون المعصفر» ، كانت السيدة فتحية شريف تجيد صنعه ، وهى الهدية التى ظلت شادية تلح فى تكراره ، تبسطاً منها ، ورغبة فى مد جسور التواصل.

أمومة

أما علاقتها بابن زوجها نادر ، فقد كانت طبيعية للغاية ، وأصبح الابن الذى لم تلده ، ينتظر زيارة يوم الجمعة على أحر من الجمر، وكان وهو ابن السادسة، يوسط شادية لدى والده النجم الكبير عماد حمدى، فى التأثير عليه لتلبية طلباته ، وأمنياته.

صارحنى نادر أنه تألم كثيراً عندما علم بانفصال السيدة شادية عن والده، ولكن شادية الرقيقة لم تكن لتتخلى عن نادر ، الذى شاركت فى تربيته ، وتمضى السنوات الطوال ، متسارعة حينا ، ومتباطئة حيناً آخر ، حتى رحل عماد حمدى، وكبر نادر ، واعتلت صحته ، وهو فى ريعان الشباب ، ولكن شادية مع اتساع دائرة شهرتها ، وارتفاع نجمها ، لم تتخل عن دورها كأم معه ، فكانت دائمة السؤال عنه ، واستقبلته فى أثناء عرسه ، وبالغت فى نصائحها لعروسه ، وعندما اشتد المرض بابنها الذى لم تلده ، وكانت قد انغمست فى اعتكافها للعبادة ، وخجل نادر أن يسألها المشورة ، ومنعه كبرياؤه من أن يطلب مساعدتها فى حل مشكلة علاجه على نفقة الدولة ، نظراً لعدم مقدرته على الوفاء بتكاليف العلاج فى العاصمة البريطانية لندن ، وعندما تعثرت أوراق القرار فى دهاليز الحكومة ، بادرت السيدة زوجته بالاتصال بشادية المرهفة المشاعر ، وكان ذلك بدون علم زوجها ، ولكن السياج الحديدى الذى تفرضه شادة على نفسها، حال دون وصول زوجة نادر إليها ، فما كان منها إلا أن تركت ورقة صغيرة تقول فيها أن نادر عماد حمدى مريض، ويرقد فى مستشفى (....) حجرة رقم (....) ، وقبل أن تصل الزوجة إلى زوجها فى المستشفى وهى فى طريق العودة ، كانت شادية تتصل بشاغل الحجرة فى المستشفى ، وتقول له بصوت هامس مع تغيير فى بصمة الصوت : أنت نادر بصحيح (شادية كانت تتعرض لحيل كثيرة من جانب محترفى النصب والتسول) ، وعندما تأكدت من الخبر ، وعرفت موضوع عرقلة سفره : قالت له بثقة : غداً سوف يتصل بك المسئولون ، وعليك أن ترفع رأسك ، فأنت ابن عماد حمدى الذى خدم وطنه وامتع ناسه..

وتحقق وعد شادية حرفياً ، وزادت عليه بمبلغ من العملة الصعبة من جيبها الخاص لزوم مصاريف نادر والمرافق...

إنها قصة أبكتنى .. لفنانة رقيقة لم ينهشها الغرور ، وأم شاء الله أن تحرم من الإنجاب ، ففاض عطاؤها على الآخرين.

المصدر: مجلة حواء- طاهر البهي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1617 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,285,584

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز