غزوة بدر تاصيل مبدا الشوري
كتب : محمد الشريف
فى شهر رمضان كانت غزوة بدر ، وهى الواقعة العظيمة التى فرق الله فيها بين الحق والباطل ، وأعز الإسلام وجنده ، ودمغ الكفر واهله ، وفيها كانت الآيات والعبر والدروس الكثيرة فقد حقق الله للمؤمنين ما وعدهم به ، وأمدهم بجند من السماء وسمعوا أصواتهم ورأو سقوط الرءوس دون قطع ولا ضرب.
وحول العبر والدروس من تلك الغزوة ليأخذ المسلمون العظة والعبرة خاصة فى هذا الوقت العصيب والمرحلة الفارقة فى تاريخ مصر كان اللقاء مع أ. د. محمد أبو ليلة - الاستاذ بجامعة الأزهر -
يقول د. أبو ليلة. ارتبط شهر رمضان بشكل لافت بالجهاد ووردت آيات عدة تحض على الجهاد والقتال بشدة ، والعلاقة واضحة فالإعداد للجهاد هو إعداد للنفس ، إعداد للجسد، إعداد للأمة بأسرها ، وفى ذلك خير زاجر لمدعى أن الصيام يعطل عجلة الإنتاج ويضعف الجسد ، والتاريخ يثبت ذلك. ففى رمضان أول خروج للمسلمين لقتال المشركين، وتمر الأيام ويأتى شهر رمضان سنه 2 هـ ويحدث فيه حدث هائل من أهم الأحداث وهو غزوة بدر فى 17 رمضان وقد انتهت بالنصر للمسلمين ، وفى رمضان كان فتح مكة وكانت موقعة اليرموك ، وفى تلك الغزوة فيض من الدروس التى يجب على المسلمين أن يقفوا أمامها وقفة إجلال وتقدير، فكيف انتصر 314 مسلماً على 1000 مشترك ، كيف سقط 14 شهيدا من المسلمين مقابل 70 قتيلاً من المشركين يقول تعالى «ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون..
الشوري بين القائد والجند
يؤكد د. ابو ليلة أنه فى غزوة بدر أرسى الرسول صلى الله عليه وسلم «مبدأ الشورى سواء قبل المعركة أو بعدها، وقد يبدو ذلك مستغربا أن يخطر ببال متأمل عبر التاريخ ، موضوع الشورى حيث يتعلق الأمر بمعركة عسكرية يقودها بنى مرسل إننا نجد فى قراءاتنا لأحداث هذه الواقعة أن النبى استصحب الشورى أداة للحسم فى مختلف مراحل المعركة عند اتخاذ القرار المصيرى بالقتال ، وأثناء تسيير المعركة وفى معالجة نتائج المعركة.
ويشير الاستاذ بجامعة الازهر إلى مراعاة الرسول لظروف الناس وقت دعاءهم للقتال حيث إنهم خرجوا دون أن يأخذوا كل ما عندهم من السلاح وكانوا قلة ، ليس لهم استعداد نفس ولا مادى ولا عسكرى فقام (ü) يكرر «اشيروا على أيها الناس » واستمر فى تكرارها ليسمع رأى العموم وعلى الخصوص الأنصار.
ويلفت أبو ليلة النظر إلى مراعاة القائد للعهود والمواثيق فالبيعة بين الرسول والانصار كانت داخل المدينة وليس خارجها ، ولكن لما تغير الوضع لم يكتف (صلى الله عليه وسلم بالتعويل على إيمانهم وطاعتهم وحبهم بل طرح الأمر للشورى وتجنب الإحراج حيث أنه لم يتوجه للانصار بالاسم ليخلق لديهم إرادة المنافسة عن طريق الإحراج المعنوى ، بل أخذ يعمم ، حتى قام إليه سيد الانصار وقال له : كأنك تقصدنا يا رسول الله ، وفى ذلك أدب المستشير وذكاء فى المستشار.
ويشير د. محمد إلى أن النبى وضع قاعدة من خلال إشراكه للمسلمين فى اتخاذ القرار لأنه عندما يفرض على الناس أمر يكونوا مسلمين وغير مستعدين وملزمين.
تسيير المعركة
ويوضح د.ابو ليلة أن اعظم مواقف الشورى بين الحاكم وعوام الناس تتجلى فى نزول النبى (صلى الله عليه وسلم) على رأى حجاج بن المنذر دون التمسك برأيه وكذا حين نزل على رأى أصحابه فى الخروج فى غزوة أحد وحدث ما حدث لهم ومع ذلك نزل قول الله ، ناعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر ، ليثبت بذلك حق الشورى مهما كانت النتائج لافتا إلى مشاورته (صلى الله عليه وسلم، لأصحابه حين وقع سبعون أسيرا من المشركين وهو أمر مستجد يحتاج إلى جهاد ، وقد أكد الرسول المشورة بشأنه حتى تبلور موقفان بصدده : موقف شدة رآه عمر بن الخطاب ، وآخر موقف لين رآه ابو بكر ، وقام رسول الله صلى الله عليم وسلم بحسم الاختيار مرة أخرى بالشورى وبما يميل اليه بطبعه «اللين».
ويختم كلامه ابو ليلة قائلاً : وهكذا صاحبت الشورى هذه المعركة من بدايتها إلى نهايتها دليلا على تأجيل مبدأ الديمقراطية والحياة المدنية التى يكون الحكم فيها مبنيا على الرأى والمشورة من صفوة الشعب وعمومه
ساحة النقاش