كتبت :ايمان الدربي

رغم أن العديد من نظم التأمين الاجتماعي صممت لكي تكون عادلة بين النساء والرجال لكن النتائج بالضرورة لا تتسم بالمساواة..وربما يرجع هذا لكيفية مشاركة الرجال والنساء في سوق العمل وربما لمعدلات التسجيل في التأمين الاجتماعي المنخفضة جدا بين النساء وربما لتلقي الأسر التي تعيلها نساء معاشات أقل بكثير في المتوسط من تلك الأسر التي يعيلها الرجال..الحماية الاجتماعية للنساء المصريات هي موضوعنا 

ولتكن البداية حديث بعض النساء العاملات عن مشكلاتهن في تغطية التأمين الاجتماعي وكيف يرون الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم..

" لن يكون لي معاش تقاعد سوف أعيش من عمل زوجي أو معاشه وأحيانا أفكر إذا لم يكن لزوجي معاش لن يكون هناك أي أمان " هذا هو كلام أحدي العاملات في القطاع غير الرسمي بإحدي ضواحي القاهرة.

عقد مؤقت

أما هذه السيدة من قنا والتي تعمل معلمة بعقد مؤقت ويبلغ عمرها 52 عاما تتحدث قائلة " ليس لنا أى حق في إجازة الأمومة..فزميلاتي عندما يكن لديهن طفل نحاول أن نغطي عليهن ونوقع الحضور بدلا منهن والإدارة تغض الطرف.. يمكننا أخذ إجازة تخصم من رواتبنا 60 يوما متصلة وإلا يتم الفصل ولا يمكن الرجوع الي العمل مطلقا.

إجازة الأمومة

" أتحدث عن شيء مثل إجازة الأمومة فقد وضعت طفلى وكنت آمل أن آخذ إجازة وضع لكن أول رد علىَ كان..هل تعتقدين أنك في الحكومة؟ وللأسف أخذت ثلاثة أشهر أول شهرين أعطوني راتبي والشهر الثالث لما حدثت الثورة أعطوني نصف الأجر وليس الراتب كله وكان هذا كرم من صاحب العمل لأنه رجل طيب والمشكلة الآن في العودة بعد أن انتهت إجازتي منذ أربعة أشهر ولم استطع العودة"..كان هذا حديث إحدي النساء العاملات في القطاع الخاص.

أما أم محمود سيدة تعمل خادمة بالمنازل تحدثت عن معاش الضمان قائلة :أعرف أنني استحق معاش الضمان لأننى أعمل يوما وعشرة لا وأولادي في المدارس و زوجى مريض..لكننى لا أعرف كيف أقوم بإنهاء أوراق معاش الضمان الاجتماعى فأنا لا أعلم إلى أين أذهب ولا كيف أحضر الورق المطلوب "

كانت هذه هي مشكل بعض النساء العاملات مع الحماية الاجتماعية كما يرونها.

معاش الضمان

عن معاش الضمان ومستحقيه وخصوصا من النساء المهمشات تحدثت مع الأستاذة ليلي عبد الرازق مستشار الخدمات الاجتماعية بوزارة الشئون الاجتماعية والتي أكدت أن هناك ستة ملايين مستفيد من معاش الضمان الاجتماعي وأنه يحسب حسب عدد أفراد الأسرة بحد أدني 215 جنيها وأقصي 300 جنيه يضاف إليهم مساعدة شهرية خلال العام الدراسي للأبناء بشرط انتظامهم في التعليم لمكافحة التسرب من التعليم وتغطية نفقات الطفل.

وعن أسباب استحقاق هذا المعاش أشارت أستاذة ليلي إلى أن من يستحقونه تلك الأسر التي ليس لها أى دخل أو دخلها يقل عن القيمة المستحقة من المعاش الشهري..مثلا لو أسرة لديها دخل من أية جهة 200 جنيه يقوم معاش الضمان الاجتماعى بزيادة الدخل إلى أن يصل لها 300 جنيه يضاف إليه مصاريف التعليم للأولاد التي ذكرتها.

أيضا تستحقه الأرملة والمطلقة ومن تعمل ضمن العمالة غير الرسمية والمؤقتة والمعيلة لأولادها وأحيانا لزوجها المريض وهنا يتم تحويله للكومسيون الطبي الذي يحدد نسبة العجز ومدته..أما إذا كان الزوج مسنا وعمره أكثر من 65 سنة يستحق المعاش مباشرة.

- لمن يلجأ طالب معاش الضمان، وما الأوراق اللازم تقديمها للحصول عليه؟

هذا ما أجابت عنه عبد الرازق قائلة إنه علي رب الأسرة تقديم أوراقه " لوحدة الشئون الاجتماعية" المختصة بسكنه وفقا للعنوان المكتوب في بطاقة الرقم القومي ثم يعود بالتقديم مرة أخري تبعا للسكن ويجب أن يكون مقيما في هذا العنوان ذاته لأن السؤال والبحث من قبل الوزارة عنه وعن حالته المالية وظروفه المعيشية سيكون في هذا العنوان.

تحدثت أيضا د. رانيا رشدي مدير برامج الفقر والنوع بمجلس السكان الدولي عن مشكلات نظام التأمين الاجتماعي كمظلة للنساء المصريات مؤكدة.

أن معدلات التسجيل الشخصية للنساء في التأمين الاجتماعي منخفضة جدا بين السيدات وتتلقي الأسر التي تعيلها نساء معاشات أقل بكثير في المتوسط من تلك التي تتلقاها الأسر التي يعيلها الرجال.ولدي السيدات أيضا معلومات غير كافية عن هيكل وقيمة نظام التأمين الاجتماعي وهذا يمنعهن من التفاوض من أجل حقوقهن كعاملين والحصول علي التعويضات التي يستحقونها. ويتطلب التحرك نحو نظام تأمين اجتماعي عادل من ناحية النوع القيام بحملات توعية بالإضافة لإصلاح السياسات.

التأمين علي النساء

وأضافت د.رانيا أنه من خلال دراسة أجراها مجلس السكان الدولي علي موضوعنا اتضح أنه لا يوجد سوي 5,7 % فقط من جميع السيدات اللائي تتراوح أعمارهن بين 25 - 59 مسجلات في التأمين الاجتماعي مقارنة بنسبة20.1% من الرجال من نفس الفئة العمرية وهذا يعني أن أغلبية كبيرة من النساء في مصر ليس لديهن تغطية مباشرة من التأمينات الاجتماعية ولن يكن مؤهلات للحصول علي معاش شخصي إلا إذا دخلن سوق العمل الرسمي في وقت لاحق.

الطلاق والهجر

وتشير د. رشدي إلى أن اضطرار السيدات للاعتماد علي معاشات أزواجهن أو ذويهم من المتوفين من أجل الحصول علي الحماية الاجتماعية يضعهن في موقف أكثر ضعفا مما لو كان بإمكانهن الحصول علي المعاش بأسمهن وقد لاتستطيع السيدات في حالة الطلاق أو الهجر المطالبة باستحقاقات باسم أزواجهن وعلاوة علي ذلك فإنه نتيجة للدراسة فإن معدلات المشاركة في نظام التأمين الاجتماعي منخفضة في أوساط الشباب وبالتالي فإن زوجات هؤلاء الشباب يكن بلا أي دعم في حالة الترمل إلا إذا كان لديهن معاش خاص بهن.

برامج حماية

عن إجازة الأمومة وعدم توافر تغطية التأمين الاجتماعي للعاملات خارج القطاع الحكومي أكدت د. رانيا أنه من خلال الدراسة ظهرت بعض أشكال الضعف الذي قد تتعرض له العاملات من أنهن لا يستطعن الوصول إلي حقهن القانوني في الحصول علي إجازة الأمومة ويعطي قانون التأمين الاجتماعي ثلاثة أشهر إجازة أمومة مدفوعة الأجر شريطة أن تكون العاملة قد سددت اشتراك التأمينات الاجتماعية لمدة عشر أشهر سابقة ورغم ذلك فإن الحصول عليها يعتمد علي أهواء صاحب العمل ،وأخيرا أؤكد على أن النتائج تشير إلي أهمية إجازة الأمومة بوصفها جزءاً من حزمة التأمينات الاجتماعية وأنه ينبغي اكتشاف برامج أخري توفر للسيدات درجة من استقرار الدخل خلال سنوات الإنجاب.

براثن الفقر

تحدثت أيضا د. أسماء البدوي استشاري بحوث مجلس السكان الدولي عن الدراسة ونتائجها مؤكدة انخفاض قيمة المعاشات التي تلقتها الأسر التي ترأسها سيدة عن تلك التي يرأسها رجل وأن ذلك يرجع إلي عدة عوامل منها حصول السيدات علي أجور تقل في متوسطها عن أجور الرجال وترجع تلك الفجوة إلي حصر النساء في أنواع معينة من الوظائف ذات الأجور المتدنية وخروجهن لبعض الفترات من سوق العمل لتربية الأطفال..أيضا في مصر تعاني النساء من معدلات بطالة أعلي من الرجال.وكذلك لوحظ علي كبار السن من السيدات في أماكن الدراسة عدم كفاية قيم معاشات التقاعد لإعالة الأسرة فالعديد منهن لايزلن يربين أطفالهن والمبالغ لم تكن كافية لوقوع الأسر في براثن الفقر.

جمعيات الإدخار

وأخيرا تحدثت د. البدوي عن الخطوات المهمة لتحسين التغطية بمظلة التأمينات الاجتماعية للنساء بأن يتم توفير نظم أقل مركزية للحماية مثل جمعيات الإدخار وبرامج تمويل المشاريع الصغيرة لتمكين السيدات العاملات في القطاع غير الرسمي من الحصول علي حقهن في إجازات الأمومة ويمكن النظر في تحمل الحكومة بعض تكاليف إجازة الأمومة بدلا من أن تمول بالكامل تقريبا من قبل أصحاب العمل واشتراكات العمال. كما يحدث الآن.

أيضا هناك حاجة ملحة إلي حملات توعية وتمكين تستهدف السيدات وتزودهن بمعلومات عن نظام التأمينات الاجتماعية..أيضا التحول إلي القطاع الرسمي في سوق العمل سيمد مظلة التغطية ويجعل التوظيف أكثر جاذبية للنساء.

مع استكشاف آليات أخري لإقامة صندوق معاشات اختياري وبالاشتراكات للسيدات خارج قوة العمل. وللتقريب من قيم معاشات الرجال والنساء يمكن الانتقال من النظام الحالي محدد المزايا والذي يتم فيه حساب قيمة المعاش علي أساس متوسط الأجر خلال السنتين الأخيرتين لأداء اشتراكات معاش التقاعد إلي الحسابات الأسمية الذي يتم فيه حساب قيمة المعاش علي أساس الدخل علي امتداد حياة العامل، وقد أقر مجلس الشعب هذا الإصلاح علي النظام بإصدار القانون رقم 135 لسنة 2010 ولكن لم يتم تنفيذه حتي الآن.

وأخيرا لزيادة قيم معاشات النساء في ظل النظام الحالي ينبغي اكتشاف عدة تدابير إضافية فيمكن وضع حد أدني للمعاش للعاملين الذين قاموا بأداء اشتراكات كافية لاستحقاق المعاش ( 120 ) شهرا ,وهناك إمكانية أخري تتمثل في إعطاء عدد معين من أشهر الاشتراك عن كل طفل تقديرا لدور المرأة في الرعاية والوقت الذي تقضيه خارج قوة العمل لإنجاب الأطفال. 

 

المصدر: مجلة حواء- ايمان الدربي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,325,437

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز