كتبت -سمر الدسوقى
من داخل هذا القطاع حيث السلع الأساسية التي لا غنى لأي منزل عنها لا تتوقف شكاوى الأسر المصرية من الأسعار حيث تضرب الخضراوات والفاكهة بكافة الجهود الملموسة والتي تبذل للحد من الارتفاع في أسعارهم سواء من قبل وزراة التموين والتجارة الداخلية وكذلك وزارتي الدفاع والإنتاج الحربي ووزارة الزراعة عرض الحائط،، وذلك رغم الرقابة المحكمة بل والجولات التفتشية المستمرة التي يتم بها مراقبة الأسواق، ودعونا نقترب أكثر من هذه الجهود ونتعرف على ما يجرى تنفيذه بالفعل على أرض الواقع، بل وما يمكن للمواطن أن يواجه به هذه الأزمة المستمرة.
وفقا لما أعلنه د. محمد أبو شادي وزير التموين والتجارة الداخلية، فإن لجنة للأسعار الاسترشادية تضم ممثلين من وزارتي التموين والزراعة وممثلين من المجمعات الاستهلاكية والتعاون الاستهلاكي والتعاون الزراعي غير الحكومي ومنتجي وتجار الجملة والتجزئة للخضار والفاكهة وأعضاء من جمعيات حماية المستهلك تقوم بوضع الأسعار الاسترشادية للخضار والفاكهة أسبوعيا، وتعد هذه الأسعار ملزمة للتجار، ورغم كونها خاصة بمحافظات القاهرة الكبري إلا أنه يتم إرسالها لمديريات التموين بالمحافظات للاسترشاد بها مع الغرف التجارية لوضع أسعار استرشادية خاصة بكل محافظة حسب تكاليف النقل والتداول ومواسم الإنتاج وحجم المعروض.
هذا عما يعلن بالفعل أسبوعيا، ولكن دعونا نقوم بهذه الجولة على أرض الواقع للتعرف على مدى تأثيره على أسعار الخضراوات والفاكهة، منى على ربة منزل ومقيمة بمنطقة الجيزة تقول: أتابع هذه الأسعار منذ بداية إعلانها بشكل أسبوعي من قبل وزارة التموين والتجارة الداخلية ولكني لا أجد إلتزاما دائما بها، فمثلا في بداية تطبيقها وجدت انخفاض فعلي في سعر كيلو الطماطم يصل لجنيه واحد بالنسبة لكل كيلو ونفس الأمر بالنسبة للفاصوليا والكوسة، ولكن في الفترة التي أعقبت عيد الأضحى الماضي عادت الأسعار إلى الارتفاع مرة ثانية ولظروف العيد والتكالب على السلع لم يهتم أحد بالإبلاغ عن المخالفين بل ووجدنا سلع كثيرة نفذت رغم ارتفاع أسعارها وعدم مواكبتها للإسعار الاسترشادية المطروحة، واستطيع القول إن أكثر من 50% من التجار والباعة لا يلتزمون بتطبيق هذه الأسعار!.
سوء توزيع وجشع
ويشير على جمعة بائع - إلى أن سوء التوزيع ما بين تجار الجملة والتجزئة فيما يتعلق بكميات الخضراوات والفاكهة يزيد من الأزمة ويجعل من الصعوبة أمام البعض الالتزام بهذه الأسعار الاسترشادية، هذا بجانب الجشع الذي يعاني منه تجار الجملة في بعض الأحيان والذي يدفع بتاجر التجزئة لرفع سعر السلعة والدليل على ذلك أن الأشهر الحالية تعد أشهر فاصلة ما بين موسم الشتاء والصيف ومن الطبيعي أن تشهد بعض الخضراوات انخفاض في أسعارها كالكوسة والفاصوليا والخيار والبامية والبصل، ولكن الواقع يثبت غير هذا فقد وصلت هذه الأسعار بالنسبة لهذه السلع في بعض المناطق لتسجل لكيلو البامية 10 جنيهات، والفاصوليا 5 جنيهات، وهو أكثر مما هو محدد بالأسعار الاسترشادية مهما اختلفت من أسبوع لآخر.
أما راوية خالد وتعمل كمدرسة ومقيمة بمنطقة حدائق القبة، فتشير إلى أنها لا تجد دائما التزاما بالأسعار الاسترشادية التي تطرحها وزارة التموين بشكل أسبوعي فأحيان يلتزم بها البائع وفي أحيان أخرى يعتمد على سياسة أن الأوضاع الاقتصادية صعبة وأن هناك ارتفاع في أسعار الأسمدة وأسعار وسائل النقل والعمالة أو أن أسباب استمرار الارتفاع في أسعار السلع يعود لتاجر الجملة نفسه، ورغم أنها قد حاولت لأكثر من مرة الاتصال بالأرقام المخصصة لتلقي شكاوى المواطنين في هذا الشأن إلا أن عدم الإعلان عن ساعات لعملها جعلها لا تجد صدى ولا مجيب يتلقى شكواها.
أزمة تاجر جملة!
ورغم التأكيد من قبل وزارة التموين والتجارة الداخلية على أن 95% من تجار الخضراوات والفاكهة قد التزموا بتطبيق الأسعار الاسترشادية خصوصا في ظل ما يفرض عليهم من غرامات هذا بجانب حملات المراقبة والتفتيش المستمرة للأسواق، وهو ما أكده خلال جولتنا عدد غير قليل من المستهلكين إلا أن هناك مشكلة تواجه بعض تجار التجزئة في بعض المناطق كما يقول صبحي عبد الوهاب: طالما أن تاجر الجملة يقوم بطرح الخضراوات والفاكهة لديه بأكثر من سعر وفقا للفرزة الأولى والثانية والثالثة هذا بجانب قيامه بشرائهم من المزارعين بسعر أقل فأنا كتاجر تجزئة أحيانا ما تواجهني أزمة ولا استطيع مثله الالتزام بالأسعار الاسترشادية خصوصا وأني ملزم بدفع هامش ربح للوسطاء، ولذا فهناك أزمة واجهت بعض زملائنا من التجار في هذا الشأن في بعض الأسواق كما هو الحال في محافظة الدقهلية مثلا.
سيارات الجيش
ولم تقتصر جهود وزارة التموين والتجارة الداخلية لمواجهة هذه الأزمة عند هذا الحد حيث تم الإتفاق مع وزراة الدفاع والإنتاج الحربي على تخصيص 15 سيارة متنقلة ومبردة لبيع الخضراوات والفاكهة والبقوليات والمجمدات بأسعار مخفضة للمواطنين، وذلك بأحياء القاهرة الكبرى، وبنفس الصورة قامت وزراة الزراعة بنفس الأمر من خلال 15 سيارة خصصت لبيع الخضراوات والفاكهة بأسعار تناسب المواطنين ومحدودي الدخل وتتواجد في ميادين المناطق الشعبية والراقية بالقاهرة الكبرى، هذا بجانب زيادة عدد منافذ المجمعات الاستهلاكية لطرح الخضراوات والسلع المختلفة للمواطنين بأسعار مخفضة.
وتشير ليلى عبد الرزاق ربة منزل وهي مقيمة بمنطقة مصر الجديدة، إلى أنها قد قامت بالشراء بالفعل من السيارات التابعة للقوات المسلحة والتي تواجدت بمنطقة ميدان الجامع بمصر الجديدة بأسعار مخفضة حيث اشترت منها كيلو الطماطم بثلاثة جنيهات فقط، والفاصوليا بجنيهين ونصف، أما البصل فكان بثلاثة جنيهات أيضا، وهو ما جعلها تتمنى أن تتواجد هذه السيارات في كافة المناطق وبتوزيع وانتشار أكبر حيث إن أسعارها أفضل كثيرا من الأسواق العادية.
منافذ المؤسسات الحكومية
هذا عن بعض الحلول التي تطرح لمواجهة هذا الواقع والتصدي لمشكلاته، ولكن كيف يراها الخبراء والمتخصصون؟
الخبير الاقتصادي د. حمدي عبد العظيم، يرى أن هذه الجهود قد باتت ملموسة بالفعل في بعض المحافظات والمناطق المصرية، كما أن هناك رغبة ملحة من قبل بعض المحافظات الأخرى للالتزام بها وهو ما نلمسه يوما بعد يوم، هذا بجانب أن تشديد الرقابة والمتابعة على الأسواق يلعب دورا فعالا في هذا الشأن بشهادة التجار أنفسهم، ويضيف: وفي نفس الإطار أقترح بعضا من الأفكار المساعدة والتي تتمثل في إمداد كافة منافذ البيع بالمؤسسات الحكومية بمختلف السلع من الخضراوات والفاكهة بأسعار مخفضة، وبما يساعد في تخفيف العبأ عن موظف الحكومة وتخفيض ضغط الشراء من الأسوق العادية، هذا بجانب زيادة كميات السلع المطروحة بأسعار مخفضة من الخضراوات والفاكهة بالمجمعات الاستهلاكية المختلفة وكذلك السيارات المتنقلة، وهذا بالطبع من خلال التعاون في نفس الإطار ما بين وزراة التموين وتجار الجملة.
وتشير سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، إلى أن تطبيق تسعيرة جبرية على الخضراوات والفاكهة له بالفعل دور في مواجهة فوضى الأسعار في سوق الخضراوات والفاكهة بل أن نجاح التسعيرة الاسترشادية سيتحقق على المدى الطويل، مشيرة إلى أن هذا الأمر لابد وأن يلعب فيه المستهلك دورا فعالا من خلال اهتمامه بالإبلاغ عن أية حالات تجاوز أو عدم التزام يواجهها في الأسواق العادية وذلك من خلال الخطين اللذين خصصتهما وزارة التموين للإبلاغ عن هذه الحالات وهما 19805، 19468.. مع اهتمام المواطن في نفس الوقت بالقيام بدوره فيما يتعلق بترشيد الإنفاق وعدم التهافت على تخزين السلع خصوصا في فترات الأعياد والمناسبات فهذا كله من شأنه الحد من الأزمة التي تشهدها الأسواق مع قيام وزارة التموين بدراسة كافية للأسواق لتحديد كميات الإنتاج ومواعيد العروض بالنسبة للخضراوات والفاكهة وذلك لتحقيق الاستقرار في الأسواق خصوصا في فترات المناسبات والأعياد.
ساحة النقاش