في مركز الإبداع :
الليدي ماكبث بعيون شابة
عزيزتي الشابة.. عزيزي الشاب.. هل فكرت يوما في رائعة شكسبير ماكبث ماذا لو لم تحرض الليدي ماكبث زوجها على قتل الملك ؟! وهل هي حرضته من تلقاء نفسها أم أن الفكرة كانت في رأس ماكبث ذاته ؟!.. وإن كان هو الفاعل لماذا دائما يقع اللوم على المرأة في أي خطأ يرتكبه الرجل فهي المحرض الدائم على الشر؟
قبل أن نرهق أنفسنا في البحث عن الإجابات تعالوا معنا أيها الأصدقاء نتسلل إلى مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا لنشاهد عرض ماكبث بعيون مجموعة من الشباب الموهوبين والذي حمل عنوان ماك ولي..لا يهم التسلل فالعرض يقدم بالمجان ..
المفاجأة أن عرض ماكبث يقدم بشكل كوميدي ساخر يمزج الرقص بالغناء لكن قدم العرض القصة كاملة، فماكبث بعد عودته من الحرب منتصرا يقابل هو وصديقه بانكو السحرات اللائي يخبرنهما أن ماكبث سيصبح أمير لإمارة أخرى ثم سيصبح ملكا أما بانكو فسيصبح أولاده من الملوك...
يبدأ التحول عندما تتحقق أول النبؤات وينعم الملك على ماكبث بأمارة أخرى هنا يفكر ماكبث في الوصول لكرسي العرش، ويبدأ تحريض الزوجة لكن العمل هنا ينتصر لأول مرة لليدي ماكبث فهو يؤكد أنها لم تفعل شيئاً سوي " الرغي " لكن الفاعل الاصلي هو ماكبث الذي قتل الملك ثم أصبح القتل عنده هواية ، فتخلص من بانكو ، وحاول قتل ابنه واستمرت سلسلة القتل لتصاب الليدي ماكبث بانهيار يدفعها إلى الانتحار، أما ماكبث فيقضي عليه ويقتل على يد رجل لم يولد من رحم امرأة
هذه الأحداث المأساوية تم تقديمها بأسلوب كوميدي لطيف، ورغم قلة الإمكانات المادية فقد استطاع العرض أن ينقل لنا جو القصوربأبهتها، والغابات بغموضها كان الممثلين مفاجأة حيث قدموا ادوارهم باتقان أبرز مواهبهم في التمثيل والرقص خاصة البنات اللائي قدمن الساحرات، ومن قامت بدور الليدي ماكبث وهن رشا مجدي، ميادة عمرو ، زينة زين ، سارة عادل ، ريهام سامي ... أما الشباب فقد أبدعوا في أدوارهم وجسدوا التفاصيل الدقيقة وعبروا عن أبعاد الشخصيات، وهم عماد الطيب الذي لعب دور ماكبث ، وأحمد محارب ، ومحمود سليمان ، وفاكهة العرض عبد العزيز حسين الذي تميز بالاداء الكوميدي الجميل والخفة والرشاقة ..
أما من قدم تلك الرؤية المميزة ، فهي مخرجة العرض مروة رضوان ، فما هي قصتها مع ماكبث ؟!
الفاعل رجل
تحكي لنا مروة رضوان قصتها مع ماكبث وتقول : "هذا العرض من ضمن تدريب ورشة الإخراج في مركز الإبداع، فقد تقدم عدد كبير من الخرجين للورشة ، وتم اختيار عشرة منهم وكنت واحدة ممن تم اختيارهم قدمت عرضا سابقا ثم عرض ماكبث الذي اختاره عصام السيد رئيس قسم الإخراج بمركز الإبداع ، ومن المفترض أن يقدمه أكثر من مخرج لكن تجربتي هي الأولى ...
وتضيف مؤكدة أنها عندما تعاملت مع نص شكسبير ماكبث كانت هناك مشكلة في كيفية تناوله برؤية جديدة ، وهذا النص العالمي الخالد تم تناوله مئات المرات ، وبالعديد من اللغات ، فحاولت الخروج من فخ التقليدية ، والبعد عن أي تراجيديا كئيبة ، فتم تقديم العمل بشكل كوميدي به موسيقي ورقصات
وتضيف مروة بأنها هي من قامت بتحويل النص مع الحرص على المحافظة على الحدوتة الرئيسية ، وتقديمها كاملة ، وهي من حددت الأماكن التي سيتم تقديمها بالأغاني التي كتبها شريف نبيل، أما الموسيقي فقد تم اختيارها من الموسيقي العالمية المعروفة...
وهي من قامت باختار الممثلين، فهي مشتركة أيضا في ورشة التمثيل وهو زملائها ، ومنذ شهر أكتوبر الماضي تم العمل على النص ليخرج بهذا الشكل الذي به قدر من الثراء رغم ضعف الإمكانات وذلك باستخدام موتيفات بسيطة وتوظيفها مثل الملابس ، الألوان ، الماسكات فضلا عن آداء الممثلين ، والرقصات التي تم تقديمها وثراء خشبة مسرح المركز ...
وفي النهاية تؤكد مروة قائلة: فكرة إعادة رؤية ما فعلته الليدي ماكبث من منظور آخر هي في الأساس جزء من معتقداتي الفكرية حيث أرفض الموروث الخاص بتحميل المرأة أي خطأ يرتكبه الرجل ، فالفعل في الأساس هو فعل شخصي ، وأي دور قامت به الليدي ماكبث لا يتعدى حدود الرغي لكن ماكبث كان هو القاتل ، ولذا نجد أن الليدي مرت بمرحلة صراع أدى بها إلى الانتحار، فالخير كان مازال فيها، أما هو واصل سلسلة القتل ليكون القتل هو مصيره في النهاية ، فهو قاتل وليست امرأته هي القاتلة ...
إيمان العمري
ساحة النقاش