في ذكرى الاحتفال بيوم اليتيم..

زيارة واحدة لا تكفى

 

كتبت دعاء برعي

 د. سامية قدري: كثرة الاحتفالات سلبية يجب التخلص منها.

 د. إلهامي عبد العزيز: تخصيص يوم دون باقي العام يمثل خطورة علي اليتيم.

 الشيخ عبد العزيز النجار: لا تنقضي حاجة اليتيم  بالمساعدات المادية  وحدها، إنما بالعطف والود والرعاية.

 

مع بداية العد التنازلي للجمعة الأولي من إبريل تنطلق الحملات الإعلامية بتكثيف دعواتها للتذكير بيوم اليتيم والاحتفاء به، وبحسب الدعوات لليوم المرتقب يلبي الجميع، وتكتظ الجمعيات الخيرية بالمتطوعين والمتبرعين للمشاركة، وما أن ينتهي اليوم وتنطفيء شموع الاحتفالات، حتي يسكت الضجيج الإعلامي، ويخيم الصمت دور الأيتام.. وحول انطباع الأطفال ممن يخصص لهم هذا اليوم، وآراء علم النفس والاجتماع والدين للاحتفاء به كان تحقيقنا..

 

 التقت حواء عدداً من الأطفال الأيتام ممن توفى عنهم والدهم، لتعكس انطابعهم عن مشاركاتهم في الاحتفال بيوم اليتيم الذي تنظمه إحدى الجمعيات الخيرية، حيث قال زياد، 16عاماً: "على الرغم من أن هذا اليوم يذكرني بفقدان والدي  لكن احتفال الجمعية يدخل السرور إلى قلبي، وبحس إنه يوم ترفيه بنستناه من السنة للسنة".

 

 

يوم عادي 

 

وبعيون لامعة يبدي حسام، 10 أعوام، تعليقه على اليوم: "أنا بحب اليوم دهعلشان الاحتفال، وبرضه مش بحبه لإني بحزن فيه على بابا اللي سابني، وبتمنى نحتفل علطول، لكن مش في يوم معين".

فيما تستنكر حنان، 13عاماً، مسمى يوم اليتيم قائلة: "الاحتفال بيكون حلو، لكن ليه يسموه يوم اليتيم، أنا شايفة إن التسمية دي مش ضروري".

 

وبلغة ممزوجة بالفرحة، يتحدث محمد 12 عاماً يقول: "شعوري باهتمام الناس لي في هذا اليوم بيحسسني إن بابا ماماتش".

 

واختصرت أميرة، 14عاماً، انطباعها عن اليوم بقولها: "أنا بشوفه عادي زي أي يوم في السنة"، بينما لم تبد صديقتها سمر أي تعليق واكتفت بالصمت.

 

مواجهة اجتماعية

 

ومن داخل دور الأيتام ترى أمال أبو الفتوح، رئيس مجلس إدارة إحدى المؤسسات الخيرية، اختلاف نظرة الاحتفاء بيوم اليتيم من طفل نشأ في دور الأيتام عن آخر تربى بين عائلته بعد وفاة والده، حيث الأول اعتاد الزيارات والهدايا، وأصبح احتفاؤه بهذا اليوم أمر متعارف عليه داخل الدار، التي هي سكنه، بينما الثاني، فزيارة أقاربه ممن قد ينقطعون عنه طيلة العام تترك أثراً في نفسه".

وعلى الرغم من رعايتها للأيتام ممن تربوا في بيوت الأقارب، لكنها لا تدعوهم للمشاركة في الاحتفاء  بهذا اليوم، حيث ترى في ذلك قسوة على الطفل العائد إلى عائلته والحى الذي تربى فيه، بينما تعتبره مواجهة اجتماعية لطفل دار الأيتام.

 

فيما تقول داليا الشوربجي، نائب رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الخيرية: "لا أعترف بهذا اليوم، وأرى  أن اليتيم أحوج ما يكون للمبالغ المخصصة للاحتفالات به"

 وترى أن توظيف هذه المبالغ ووضعها في حساب الأيتام الخاص بكل منهم، هو الأولى.

وتؤكد على منعها مشاركة أيتام الدار، حفلات يوم اليتيم المدرسية أو غيرها من زيارات، حتى أنها تشدد على عدم الحديث إلى الأيتام، أو الاحتكاك بهم، على مدار العام بالكامل، تأكيداً على تنشئة طفل سوى يملك من الكرامة وعزة النفس ما يؤهله والتعايش مع المجتمع، وعدم تعوّد الطفل على استقبال الهدايا والذي يرسخ لديه مباديء الأخذ لا العطاء.

وتصف اشتراط بعض المتبرعين رؤية اليتيم للتبرع بالإهانة، التي من شأنها ترك أثر سييء في نفس الطفل، يستوجب علاجه فترة من الوقت، لذا فإنها تستغنى عن هذا النوع من التبرعات، وفقاً لها.

 

 

شعور باليتم

 

 وتتفق آلاء محسن، نائب قائد فريق الفرسان لتوعية وتنمية المجتمع، مع الرأي السابق، حيث تقول: "نتطوع كفريق للمشاركة في الاحتفاء بيوم اليتيم، لكننا لا نحبذه، حيث نلمس حصر اهتمام الكثيرين لمشاركة الاحتفاء به، دون باقي أيام العام".

وتعلل رفض الفريق فكرة يوم اليتيم، لما له من تأكيد على شعور الطفل بيتمه، والشفقة عليه، ما يتنافى ودمجه في المجتمع دون تصنيف.

 

بعد عرض انطباع عدد من الأطفال من خارج دار الأيتام عن هذا اليوم، وآراء بعض القائمين عن دور الأيتام، والمتطوعين للمشاركة في هذا الاحتفاء، توجهنا إلى المتخصصين من أساتذة علم النفس والاجتماع، لنتعرف على  رؤيتهم لهذا اليوم.

 

حيث أكد د. إلهامى عبد العزيز، استاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن الخطورة الأولى لهذا اليوم تكمن في تخصيصه دون غيره من أيام العام، فيتوافد الجميع للمشاركة والاحتفاء، ثم ينتهي الاهتمام بانتهاء اليوم، ما يصدم اليتيم، الذي يشعر بفرحة عارمة في بدايته، سرعان ما تتحول إلى حزن بانتهائه.

وشدد على وجوب الاحتفاء من خلال العمل التطوعى، الذي يتسم بالسيرورة والاستمرارية على مدار العام، حيث يتوجه البعض في شكل مجموعات لزيارة اليتيم بالتناوب، ما يشعره  بالدعم الدائم له، بينما تخصيص يوم يجسد كل مشاعر السلبية لدى الطفل ويترك أثراً نفسياً عليه.

وجزم د. إلهامي إن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو كيف يوزع الجهد بين الأفراد والمؤسسات لدعم هذه الفئة معنوياً ومادياً، ما يعود بالفائدة الحقيقية على اليتيم؟

 

كثرة الاحتفالات سلبية

 

فيما ترى د. سامية قدري، أستاذة علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، أن اليتيم بحاجة للرعاية الاجتماعية من مؤسسات المجتمع المدني طوال العام، وعلى مختلف النواحي التعليمية والصحية، والتربوية منها.

 وتؤكد أن كثرة الاحتفالات لدى مجتمعنا سلبية يجب التخلص منها، وما هي إلا شكل من أشكال الخروج من الأزمات وحالة اللاسعادة التي نحياها في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية.

وأن المجتمع بحاجة إلى إعادة التفكير في مثل هذه الاحتفاءات التي من شأنها إحراج البعض وتذكيره بالأسى، كالاحتفاء بعيد الأم، ويوم اليتيم الذي ينمي في الطفل استجداء شعور الآخرين.

وشددت على أولوية الاحتفاء بالأعياد القومية والعامة، التي تبث في الأفراد روح الانتماء إلى المجتمع.

وأنهت حديثها بالتساؤل عن معنى الاحتفاء بطفل هو في أمس الحاجة إلى الرعاية والدمج في المجتمع دون تصنيف.

الإحسان بالود والرعاية

 

 وعن رأي الدين في احتفالات يوم اليتيم، كان حديثنا مع الشيخ عبد العزيز النجار، مدير عام شئون مناطق الوعظ بمجمع البحوث الإسلامية والذي قال أن ما يحدث الآن من احتفال بيوم اليتيم هو اختزال للاهتمام به، وإدخال السرور إلي قلبه لسويعات في يوم واحد بالعام، يهدى فيه الطفل بالملابس والألعاب، ثم ينفض الجميع من حوله بانتهاء اليوم، وهو ما لم يأمرنا به إسلامنا.

واستطرد: " لا تنقضي حاجة اليتيم الذي يفتقد إلي الشعور بالأمان، بالمساعدات المادية وحدها، إنما بالعطف والود، وضمه إلينا، وإشعاره بأنه وإن فقد أباه فأبآء المسلمين جميعا أبا له، وإن فقد أمه، فالأمهات من المسلمات جميعاً أماً له، اتباعاً لهدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي قال لأبي بكر الفارسي بعد استشهاد أبيه مع النبي في إحدى غزواته"أما ترضى أن أكون أنا أبوك، وعائشة أمك.. الحديث"، وحثنا علي الإحسان إليه بقوله "خير بيت للمسلمين، بيت يحسن فيه إلى اليتيم".

 

وتابع: لنا في رسول الله أسوة حسنة، حيث نشأ يتيماً، وشعر بالآم اليتم فآواه ربه وأنزل فيه قوله تعالي "ألم يجدك يتيما فآوى"، وأوصاه بالتبسم في وجه اليتيم واحتضانه، ليخرج إلى المجتمع إنسانا سويا، نافعا لا يتملكه حقداً أو نقصاً تجاه الآخرين، حين قال له ربه العزة: "فأما اليتيم فلا تقهر".. من هنا لا ينبغي للأمة الإسلامية تركيز الاهتمام علي اليتيم في يوم واحد، إنما عليها رعايته طيلة العام.

 

 

المصدر: دعاء برعي _مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 490 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,468,368

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز