جميعنا يعلم ويدرك ويقر أنه لا تعليق على أحكام القضاء، ولكن من باب الفهم والعلم بالشئ، أريد أن أعرف كيف للقضاء الإداري أن يصدر حكما بأحقية المرأة في ارتداء النقاب في الأماكن العامة والحكومية استنادا للشريعة الإسلامية كما جاء نصا في الحكم الذي يقول: إن المشرع الدستوري أقر بأن دين الدولة الإسلام، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ورصد الحقوق الشخصية في بوتقة الحقوق الطبيعية التي لا يسوغ المساس بها، وساوى فيها بين سائر المواطنين، ذكوراً وإناثاً، مسلمين وأهل كتاب، وأطلق حرية الاعتقاد الديني وحرية ممارسة الشعائر الدينية لهم .

وأضافت المحكمة في أسباب حكمها: إذا كان ارتداء النقاب بالنسبة للمرأة المسلمة هو أحد مظاهر الحرية الشخصية، فإن هذه الحرية الشخصية لا ينافيها أن تلتزم المرأة المسلمة وفي دائرة بذاتها في الأماكن الحكومية العامة بالقيود التى تقدمها الجهة الإدارية، أو المرفق على الأزياء التى يرتديها بعض الأشخاص في مواقعهم من هذه الدائرة لتكون لها ذاتيتها فلا تختلط بغيرها بل يستقلون في مظهرهم عمن سواهم، وإن إسدال المرأة النقاب على وجهها إن لم يكن واجباً شرعيا فى رأي فإنه في رأي آخر ليس محظورا شرعا ولا يجرمه القانون، كما لا ينكره العرف ويظل النقاب طليقا في نطاق الحرية الشخصية.

هكذا يقول الحكم الصادر عن القضاء الإداري بكفر الشيخ، في الوقت نفسه كان قد صدر قراراً من القضاء الإداري بمجلس الدولة بتاريخ 31 يوليو يحظر ارتداء المرأة النقاب في الأماكن العسكرية، أيد فيه القضاء الإداري القرار الصادر من وزارة الدفاع بمنع دخول المنتقبات أى منشأة من منشآت القوات المسلحة، وقالت في أسباب حكمها: إن اعتبارات أمن وسلامة القوات المسلحة تقتضي تحديد شخصية من في دخول وحدتها، حيث لا يسمح لأي شخص بالتجول فيها إلا بعد تحديد شخصيته، لذلك لا يسمح بدخول أى من النساء التى ترتدي النقاب إلا بعد التعرف عليها بالكشف عن وجهها عن طريق المكلفات من الإناث، مؤكدة أنه لا يجوز حظر ارتداء النقاب حظراً مطلقاً لتعارض هذا مع الحرية الشخصية التى كفلها الدستور ويجوز متى اقتضت الضرورة والصالح العام.

وأتوقف هنا عند جملتين من كل حكم من الأحكام، الأول أطلق النقاب حراً في إطار الحرية الشخصية، والثاني أكد علي حرية المنتقبة في ارتدائه شريطة ألا يؤذي ويجوز منعه متى اقتضت الضرورة، والسؤال، ألسنا في أوقات حرب وإرهاب والصالح العام يقتضي حماية الأرواح والمنشآت؟ لماذا تحصل المنتقبة على حقها وحريتها كاملة دون انتقاص، وأظل أنا وغيري وأولادي وبلدي مهددين طوال الوقت؟ ألسنا في مشهد ملغم بكل أساليب القتل والتدمير ما يستلزم معه الحيطة والانتباه؟ ثم إن النقاب عادة لا عبادة، واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون .

وإذا كنا نلتزم القانون ونحافظ على نصوصه، فالحرية الشخصية لا تعني مراعاة قلة على حساب الكثرة، فكم منتقبة في مصر؟

بالتأكيد هناك من سيقول إنه لا مجال للمقارنة بين الحكمين، فالأمن القومي يستلزم الحيطة والحذر عند دخول المنشآت العسكرية.
وأُجيب بأن صاحب الدعوى كان قد قدمها لمنع زوجته من دخول نوادي القوات المسلحة ومستشفياتها وليس الأماكن العسكرية، وبالتالي تصبح كثير من الأماكن الحيوية وعلى رأسها مبنى الإذاعة والتليفزيون من الأماكن المحظور دخولها المنتقبات، ومن سيتصور أن الأمن قد يحافظ ويتصدى لمحاولات اختراق البعض لها واهن، لأن سلوك بعض المصريين لم يتغير من الطيبة، الاستسهال والثقة، وبالتالي كلنا مهددون.
إضافة إلى هذا لا أعرف ولم أسأل إذا ما كان حكم القضاء الإداري بكفر الشيخ يجب.......، أي يلغي الحكم السابق للقضاء الإداري بمجلس الدولة، والذي أقر بمنع دخول المنتقبات للأماكن العسكرية ومنها النوادي والمستشفيات؟ إذا كان هذا الحكم ساريا فالأجدى أن نعفي المنتقبة من ممارسة أعمال بعينها مثل التمريض، فكيف للممرضة أن تعالج مريضاً لا يراها ولو من باب الاطمئنان؟ وإذا كان هناك مريض محكوم عليه بالسجن فكيف له وهو في مستشفى حكومي أن يأمن لممرضة منتقبة قد تقضي على حياته، الأمثلة كثيرة، وما أود التأكيد عليه أمران، الأول احترام أحكام القانون، والثاني أن للحرية الشخصية حدود، وظروف البلد الراهنة تستوجب الحذر، خاصة كما ذكرت بداية أن النقاب عادة وليس عبادة.

المصدر: ماجدة محمود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 869 مشاهدة
نشرت فى 26 أغسطس 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,696,658

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز