<!--
<!-- <!--
اختلفت أساليب الاعتذار بين الأحباء علي مر العصور، ابتداءً من قصائد الشعر وانتهاءً ببوستات الفيس بوك، ولكن الجديد في الأمر اللوحة الإعلانية التي وجدت علي المحور، والتي كتبت باللغة الإنجليزية، يطلب فيها صاحبها السماح من حبيبته، وأن تعطيه فرصة أخرى، وانتشرت صورة اللوحة على مواقع التواصل الاجتماعي، واختلفت الآراء والتعليقات عليها، وعلق الشباب علي تكلفتها التي تفوق المائة ألف جنيه.. وإذا أخذنا بمقولة الشاعر الفرنسي جوتة: "تصحيح الخطأ يصنع الكثير" فهل الأسلوب الذي نعبر به عن خطأنا من الممكن أن يغير من آرائنا؟ هذا هو السؤال الذي طرحناه على مجموعة من الشابات نسألهن آرائهن.
لو قام خطيبك بالاعتذار بهذه الطريقة الباهظة الثمن هل ستسامحينه أم ستحكمين رأيك؟ تقول رنا مصطفى: "هي كفكرة حلوة، لكن أعتقد أنني سأنظر إلى الأمر بعقلانية أكثر، وأحكم عقلي هل سأسامحه لأن الموضوع لا يستحق إنهاء العلاقة، أم أن ما فعله لا يمكن غفرانه مثل الخيانة مثلا؟ في هذه الحالة لو قام بعمل إعلان تليفزيوني وليس لوحة إعلانية، فلن أسامحه.
وتتفق معها في الرأي همت عادل، 27 سنة، طبيبة أسنان، قائلة: "فسخت خطبتي لأنني لم أشعر بالارتياح مع خطيبي من تصرفاته وتحكماته، ولم يكن سيشفع لي أي اعتذار ولا أي طريقة كانت، لأفكر مرة أخرى في استمرار العلاقة، فيوجد بديهيات إن لم توجد فصعب التفاهم وهذا ما أراه.
مروة سيد، 27 سنة، ترى أن الموضوع"مأفور"، فمهما كان الخطأ يمكنه التواصل معها أو مع أحد من أسرتها ليتحدث معها ويعتذر، لكن أن يكلف نفسه أكثر من مائة ألف جنيه ليقول آسف أراه تصرفاً غير عقلاني بالمرة، ولو حدث معي لن أقبل لمجرد الفكرة.
رسالة موبايل
تضحك هالة سمير، 25 سنة، قائلة: "إعلان على المحور ليقول آسف! أنا وخطيبي عندما يحدث بيننا مشكلة ونتخاصم، نتصالح بصورة البروفايل علي الفيس، آه والله، حتي بدون كلمة آسف، مرة اعتذرت له بأنني غيرت صورتي إلى وردة، ومرة صالحني بأنه غير صورته إلى قلب وورود، وبعدها كأن الأمر لم يكن، وتضيف بالطبع سأقبل أي اعتذار من حبيبي لأنني أحبه، وأقول لصاحب الإعلان إن حبيبته محظوظة به لأنه يحبها إلى هذه الدرجة التي لم يفكر فيها بتكلفة اعتذاره.
وأيضا كان هذا رأي رانيا حسين، ليسانس آداب: "لو أخطأ خطيبي في حقي ثم اعتذر بأي طريقة كانت وأحسست منه أنه نادم على ما فعله ولن يكرره مرة أخرى، سأسامحه بالطبع، ولو كانت رسالة علي الموبايل، الفكرة ليست بالطريقة، أكثر مما أنا مقتنعة بالمبدأ نفسه وهو أن يشعر كل منا بخطئه فيعترف به ثم يحاول أن يصححه.
هدية
ماذا ستفعل لتسامحك خطيبتك؟ كان سؤالي لعدد من الشباب، فقال مصطفي عبدالله، 26 سنة لو أخطأت فعلاً في حقها وأريدها أن تسامحني سأصالحها بهدية مثلا أو خروجة، وينهي حديثه قائلا: "لكن لو معي مائة ألف جنيه من المستحيل أن أفكر في اعتذار بلوحة إعلانية كنت أكملت ثمن الشقة بدلاً من أقساط البنك.
ويوافقه في الرأي صديقه كريم محمد، 22 سنة، قائلاً: "مائة ألف جنيه، كنت تزوجت من بكرة، ولو تحبني كانت ستفرح بهدية بسيطة أو برسالة اعتذار.
ويعلق أ.د عادل مخيمر، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بآداب الزقازيق، قائلا: "ثقافة الاعتذار في حد ذاتها من أرقى الثقافات، لأن كثيرا منا يعتبر الاعتذار انتقاصاً من مكانته أو تقليلاً من شأنه، وهو تفكير خاطيء بالمرة، وهذه الثقافة – الاعتذار- تعود بالنفع على كل الأطراف، فالشخص المسيء يحس أن ضميره ارتاح، والمسيء إليه يشعر أنه رد إليه اعتباره، وفي نفس الوقت يحافظ على العلاقة بينهما وينطفيء الغضب.
أما بالنسبة لطرق الاعتذار فهي تبدأ بكلمة"آسف" وربما جملة، فقرة، وتصل لهدية وتكبر الأساليب حتى نصل إلى الأسلوب الذي نتحدث عنه اليوم، وهو الإعلان عن الأسف علانية وبطريقة مكلفة، واختيار الطريقة يرجع إلى ثلاثة عوامل، مستوى دخل الشخص، طريقة تفكيره، ومقدار محبته للطرف الآخر، وربما هذا الشخص الذي قام بالإعلان مستواه المادي عال، وتفكيره أهداه إلى هذه الطريقة، في نفس الوقت الذي تكبر محبته للشخص الذي يطلب منه السماح والغفران وهذا هو تفسيري.
الاعتذار فى السينما يكسب
اعتذار المحبين بشكل أسطوري، وتعميق صورة فرسان العصور الوسطى الذي يركع الفارس المحب على ركبتيه حتى ترضى عنه حبيبته.. هذا اللحن الرومانسي لعبت السينما على أوتاره.
ففكرة الإعلان عن الاعتذار للحبيبة ظهرت في السينما في فيلم السلم والثعبان، وكانت تتفق مع عمل البطل هاني سلامة في الإعلانات، ورومانسية البطلة حلا شيحة.
لكن السينما كان لها تاريخ طويل في فنون الاعتذار، وقد ظهر ذلك بوضوح في الأفلام الغنائية القديمة، فاستمعنا لأجمل الأغاني التي يقدم فيها المحب أو المحبة اعتذاراً رقيقاً للآخر الذي اخطأ في حقه، ولا أجمل من أغاني فريد الأطرش التي اعتذر فيها لسامية جمال مثل"قوليلي إيه أقولك" من فيلم"حبيب العمر"، و"أنا عارف إني ماهنش عليك" من فيلم" أخر كدبة".
أما ليلى مراد فقد غنت معتذرة لأنور وجدي في فيلم"حبيب الروح"، وإن كان محمد فوزي في فيلم"ورد الغرام" قد قدم لها اعتذاراً أسطورياً، حيث أحضر اوركسترا كاملاً ليعزف لها أجمل نغمات الاعتذار حتى يرق قلبها له.
هذا عن الأفلام الغنائية الخفيفة، لكن هناك أيضا العديد من الأعمال التي عبر فيها البطل عن طلبه السماح بأن قام بفعل بطولي، وأنقذ محبوبته من الأشرار لتصبح دماؤه هي قربان الصلح، ولعل فيلم"كود 36" من أشهر الأعمال التي طلب فيها البطل مصطفى شعبان الغفران من محبوبته مايا نصري وصدره ينزف دما، فلا يوجد أقوى من الدماء لتغفر المحبوبة لحبيبها.
ساحة النقاش