شكت لى صديقة من مشكلة غريبة تعانيها مع زوجها, قالت والدموع تطفر من عينيها أن زوجها تغير كثيرا، وأصبح يعانى تدهورا فى سلوكه الشخصي واضطرابات فى تفكيره واعتقادات خاطئة غريبة وغير عادية, ويرى ويسمع أشياء لا وجود لها, وكثيرا ما يفقد القدرة على التمييز بين ما هو حقيقى وما هو فى رأسه, وأصبح يهمل فى مظهره ولا يحرص على نظافته, ويرفض تبادل الزيارات حتى مع أقاربه وأصدقائه, ثم أردفت: لاحظت أن زوجى يعانى من تقلبات فى مزاجه وبرودة شديدة فى مشاعره،  تصورى منذ أسبوع ذهبنا نعزى أحد أقاربه الذى فقد زوجته الشابة فى حادث، فإذا به يضحك رغم فداحة المأساة، وقبلها بعدة أيام كنا فى خطوبة شقيقتى فإذا به يبكى فى الحفل رغم سعادة الجميع!

صمتت صديقتى لحظة ثم قالت: أحيانا يبدو وقد انقطع فجأة عن الواقع، ثم يعود طبيعيا بعد فترة, هل تصدقين أن زوجى يتهمنى بأننى وأهلى نتجسس عليه، وأننا نسخر منه ونحاول الإيقاع به! وأحيانا يقول لى إنه يشعر بأن قوة خارجية تتحكم فى أفكاره وأفعاله ومشاعره!

سألتها: هل عرضتموه على طبيب نفسى؟

قالت: إنه يرفض الاعتراف بأى مرض، وعندما واجهته بأفعاله الغريبة وغير المنتظمة، ادعى أنه لديه بعض المتاعب فى العمل وسوف يتحسن قريبا.

 

أدركت من كلامها أن الزوج مصاب بازدواج الشخصية، الشيزوفرينيا وهو عرض نفسى يصيب الرجال والنساء فى فترة الشباب, لم أشأ الإفتاء فى أمر لم أتخصص فيه وأسرعت إلى كتبى لأتعرف إلى هذا العارض المزعج الذى كثيرا ما يتسبب فى فشل الزواج, فقرأت ما يلى: سبب إزدواج الشخصية ليس اضطرابا بالمخ فبعض الأبحاث تشير إلى أسباب وراثية والبعض الآخر يشير إلى مضاعفات عند الولادة مثل عدوى فيروسية خلال فترة الحمل أو انفلات جينى.

ولأن زوج صديقتى يرفض الاعتراف بمرضه لجأت إلى صديق متخصص فى العلاج النفسى فقال لى إن هذا الزوج يمكن علاجه بعقاقير الأمراض العصبية التي تؤثر على جهاز تنشيط مادة الدوبامين وتقلل من الأعراض النفسية .

قلت لصديقى الطبيب: لقد قرأت أن هذه الأدوية لها آثار جانبية مثل انخفاض ضغط الدم، الدوخة، جفاف الفم، زغللة فى العيون، إمساك، زيادة فى الوزن, وأعرف شخصا عانى من حركات لا إرادية للوجه والساقين والذراعين ..

قال الطبيب النفسى: يحدث هذا عند تناول العقاقير لمدة طويلة, وتوجد أنواع جديدة من العقاقير لها أعراض جانبية أقل وقد لا ينتج منها الحركات اللا إرادية، لذلك يجب متابعة الغدد أسبوعياً، فى الحقيقة يفضل متابعة جميع المرضى عن قرب, ولكن هذا لا يعنى أنه يحتاج إلى التواجد فى مستشفى أو مصحة طول العمر فيمكن أن تتحسن حالته مع العقاقير ومساعدة الأهل وتعليمه كيفية التعامل مع المجتمع .

وقال: بعض المرضى يتوقفون عن تناول الأدوية عندما يشعرون بتحسن، ولكن الأعراض تعاودهم مرة أخرى بعدها بعدة شهور.

كم من مريض نفسى حولنا ولكنه لا يعالج، فنحن لا نهتم إلا بالأعراض الجسمية، رغم خطورة الأعراض النفسية التى قد تكون وراء العديد من الجرائم التى تصدمنا أخبارها كل صباح ولا نعرف لها تفسيرا .

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1824 مشاهدة
نشرت فى 19 سبتمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,805,136

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز