بعض الرجال المطلقين لا يستطيعون أن يغفروا لطليقتهم ثوراتهن عليهم وتمكنهن من الانعتاق من أسر أنانيتهم بالحصول على الطلاق فيتحولوا للانتقام من أبنائهن! وإلا فما هو تفسير تلك الحملة الشعواء التى يقوم بها عدد من الرجال المطلقين لتغيير بنود فى قانون الحضانة؟
القانون يعطى للأم حق حضانة ابنها لمدة 15 عاماً، أما الابنة فيعطيها الحق فى الإقامة مع أمها الحاضنة، ولكنهم يسعون لخفض المدة بحيث تصبح 7 سنوات للطفل الذكر وللأنثى 9 سنوات فقط! أما الطامة الكبرى فهى رغبة هؤلاء الآباء فى إلغاء حق الطفل فى أن يختار مع من يقيم (الأم أم الأب) بعد بلوغه هذا السن؟ أى أنهم يمدون سطوتهم على الأبناء بعد أن قهروا الأمهات وأذاقوهم محنة الطلاق!
فعلى ماذا يستند هؤلاء؟ إن القرآن الكريم والسُنة النبوية يخلوان تماما من أى نص يوضح الحد الذي تنتهي حضانة الأم لوليدها فيه، أما العلماء فقد أجمعت اجتهاداتهم على أن الأولوية الأولى هى مصلحة الصغير، وقد شكل شيخ الأزهر لجنة لبحث الموضوع فانتهى حكمها إلى "استمرار العمل بقانون الأسرة الصادر عام 2007 فيما يخص الرؤية والحضانة، والذي ينص على أن حضانة الولد حتى سن 15 عاما، وحضانة البنت حتى الزواج"!
كذلك ردت المحكمة الدستورية على مزاعمهم وحكمت بأن القانون شرعي ودستوري، ولا يخالف المادتين الثانية والتاسعة في الدستور - كما أدّعى الطاعنون في دستورية القانون!
لقد وضع الله فى قلوب الأمهات رحمة تمثل بها الرسول عليه السلام فى العديد من أحاديثه، بل إن اسم جدتنا حواء مشتق من طبيعتها الحنون التى تحتوى الطفل بين أحضانها فهو مشتق من كلمة حوَاء، وليس كما زعم مرضى "كراهية المرأة"، من كلمة "الحية" أى أنثى الثعبان !
وإذا عدنا إلى الطبيعة نجد أن الأم فى جميع أنواع الطيور والحيوانات هى التى تحمى البيض تحت جناحها حتى يفرخ وليس الأب!
ينبغى أن نتذكر أن قوانين الحضانة أو الاستضافة وضعت لحماية الضعيف أولا وأخيرا وليس لإرضاء أطراف أخرى وأن الحضانة تكليف وليست حقا فقط فهى مسئولية شاقة لا يمكن أن تقوم بها عن طيب خاطر سوى الأم.
يذكرنى موقف الشاكين المتباكين بالحكاية الشهيرة عن سيدنا سليمان الذى جاءته سيدتان تدعى كل منهما أمومة طفل وتطالب بحضانته وبعد أن تعب سيدنا سليمان من إصرار المرأتين حكم بتمزيق الطفل بينهما بحيث تأخذ كل واحدة نصف طفل، وهنا صرخت الأم الحقيقية وتنازلت عن حقها فحكم لها سليمان بحضانة الطفل وطرد الأخرى.
لقد رضيت الأمهات بالقانون الأخير رغم أنهن كان من الممكن التقدم بشكوى لمد سن الحضانة إلى 18 عاما وهى انتهاء مرحلة الطفولة وفقا لقرار الأمم المتحدة وقانون الطفل المصري المستند إليه.
أسباب عديدة وراء المطالبة بخفض سن الحضانة منها التنصل من المسئولية والإعفاء من النفقة والاستيلاء على شقة الزوجية والتمكن من حق الولاية التعليمية.
ولابد أن أحيي جمعية "نهوض وتنمية المرأة" التى ترأسها الدكتورة إيمان بيبرس وفريق العمل معها، الذى أجرى بحثا ميدانيا ودراسة شاملة فى يناير عام 2012 عن قانون الحضانة وعقد العديد من المؤتمرات حول الموضوع كان آخرها الأسبوع الماضى.
ساحة النقاش