يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئى السيد (حسين.م) 65 سنة المهندس الزراعى على المعاش الذى أحب ابنة الجيران سماء التى تصغره بحوالى ثمان سنوات وطلب من والدته أن تخطبها له, فقالت له: إنها عصبية جدا وأنانية وأن أختها التى تصغرها أحسن منها ألف مرة, فثار على أمه وأصر على الزواج من سماء, وتزوجها وأصرت على أن تعيش بعيدة عن أمه فى شقة مستقلة, لكن الله كان فى عون حسين فقد جاءه عقد عمل بالكويت وسافر هو وزوجته ومكث فى الكويت لمدة أربعة عشر عاما رزق خلالها بابنتين هما إيمان وإيناس, وعاد هو وأسرته على مصر ومعه ثروة كبيرة فاشترى شقتين متجاورتين فى عمارة جديدة وسيارة وثلاثة أفدنة فى قريته بالشرقية, وشيد بيتا ريفيا جميلا داخل الأرض الزراعية وعهد بالأرض والبيت إلى أحد أقاربه, وذات ليلة فوجئ بزوجته تطلب منه طلبا غريبا لم يجد له أى سبب!
***
واستطرد السيد حسين.. قالت زوجتى سماء فجأة: يا حسين أرجوك أن تنفذ طلبى لأن فيه مصلحتك ومصلحة بناتك, أنت لم تنجب ولدا ولذا فإنه عندما لا سمح الله يحدث لك مكروه فإن أمك وشقيقاتك وآخرين سوف يقتسمون معنا الثروة التى شفنا فيها سنوات غربة طويلة وإننى أطلب منك أن تكتب كل ما تملك لبناتك لى (بيع وشراء) حتى لا يدخلوا فى التركة (ونتبهدل) من بعدك! وصعقت.. خاصة أننى أمامها كنت فى صحة لا بأس بها اللهم إلا حساسية الصدر التى أعانى منها منذ سنوات طويلة التى تسبب لى (الكحة) والسعال المتقطع كما تلاحظين والتى أضطر أحيانا إلى استخدام (بخاخة) تهدئ من السعال إذا تعرضت للحرارة الشديدة والرطوبة! وإزاء إصرارها وعصبيتها الشديدة وتهديدها بتركى وحيدا بعد أن تزوجت ابنتاى كل واحدة فى شقة من الشقق التمليك التى اشتريتها وسألت أحد المشايخ فى شريعة ذلك الإجراء فقال فى النهاية الإنسان حر فيما يملك حر فى ماله ويمكن أن تعرف والدتك وشقيقتك مما تكتبه لزوجتك وبناتك !
***
واستطرد السيد حسين - وفعلا كتبت ما أمتلك باسم زوجتى وبناتى ولم أترك لى فى هذه الدنيا سوى معاش ضئيل كانت زوجتى قد طلبت منى أن استبدل جزءا كبيرا منه أيام تجهيز ابنتاى للزواج, ويبدو أننى فعلت ذلك دون إرادة حقيقية من داخلى فاشتدت على نوبات حساسية الصدر وأصبحت (أكح) بطريقة متواصلة, وقال الطبيب أن ذلك السعال القاسى المتواصل ناتجا عن حساسية الصدر القديمة المسماة بالربو الشعبى زيادة على عوامل نفسية حقيقية تزيد منه خاصة أثناء الليل!
***
واستطرد السيد حسين ولاحظت أن زوجتى تتذمر كثيرا من سعالى الدائم فنصحتها بأن تنام فى غرفة مستقلة لكننى فوجئت بها تطلب منى بكل وقاحة - الأحسن تروح عند أمك يا حسين بالذوق الشقة مكتوبة باسمى وأنا خلاص مش عاوزاك! صعقت! هكذا بكل بساطة تطردنى زوجتى من شقتنا القديمة التى كتبتها باسمها لكى لا يتحكم فيها أحد وقلت لها: لا أصيلة جدا وتمرت فيك العشرة قالت: الله يسهل لك.. بناتك بيقولوا لك برضه روح لأمك أحسن!
***
واستطرد السيد حسين.. وصعب على نفسى بعد كل ما فعلته لها ولبنتيها ولأسرتها تطردنى من بيتى وتوافق معها بناتها ألا سحقا لهذه الدنيا الرديئة وليتنى سمعت كلام أمى ولم أتزوج تلك السيدة, وأما اليوم الأسود فهو يوم أن سألت بناتى فقالوا كل كلام أمنا صحيح.. ارحمها بقى!
***
إنها أفظع من مأساة الملك لير الذى وزع أملاكه على بناته فطردوه شر طردة ولم تعطف عليه سوى ابنته التى حرمها من الأملاك مثل أمك بالضبط إنه زمنى الجحود ونكران الجميل لا تحزن يا سيدى فلست الأول ولا الأخير فتذكر المثل القائل إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمرد.
ساحة النقاش