أثناء تصفحي للفيسبوك فوجئت بصديقة نشرت على صفحتها جزءا من حوار بمسلسل "أهو ده اللي صار" يحاول "البساطي" فيه الاعتذار لصديقه "علي بحر" عن تصرف سيئ قام به..استفزني الحوار جدا، وشعرت بأن التسامح وإن كان أمرا جميلا يأمرنا به الدين والإنسانية إلا أنه أحيانا ما يكون خطأ نرتكبه في حق أنفسنا إذا ما قدمناه مكافأة للشخص الخاطئ الذي يستمر في إيذائنا، وبدأت أتساءل هل يجب التسامح في المطلق؟ ومتى أقبل الاعتذار وأرفضه؟ حملت تساؤلاتي إلى بعض الأشخاص لأتعرف على آرائهم..
فى البداية تقول مها عاطف،خريجة كلية الآداب: هناك حقوق للصداقة أهمها إعطاء الصديق فرصة، يجب أن أسمعه جيدا قبل الحكم عليه وطرده من حياتي، فقد يكون هناك مبررا لتصرفه،لذا أرفض أن أقطع الصلة نهائيا وأنتظر حتى أهدأ لأكون أكثر عقلانية.
وترى ياسمين صلاح، خريجة كلية ألسن أن الاعتذار يصبح بلا معنى إذا ما تكرر الخطأ، وتقول: كانت لي صديقة دائما ما تسفه آرائي أمام الآخرين وعندما أغضب تقول لي "بهرج"، كنت أسامحها لأني أحبها لكن بمرور الوقت شعرت أن اعتذارها مجرد كلمة لا تعني شيئا لأنها تعرف في النهاية أنني أسامحها حتى أنها لم تعد تعتذر لي عن تصرفها، استوقفني موقفهافوجدت أنه في الوقت الذي أبالي فيه بصداقتنا وأبادر بالمسامحة تستهتر هي بي فقررت قطع علاقتي بها.
أما سمر علي، ربة منزلفتعلق قبول الاعتذار على نوع الخطأ، وتقول: هناك أخطاء لا تغتفر فمثلا لو تعرضتلموقف صعب واستنجدت بصديقة لي ولم تقف بجانبي ساعتها كل اعتذارات الدنيا لن تكفي، فالصداقة وحتى الحب هي موقف، وإذا لم أجد الشخص بجانبي وقت الحاجة فلماذا أريده في حياتي.
"كانت مشكلتي أنني سامحت ومنحت فرصة ثانية" هكذا بدأت ولاء مجاهد، مهندسة حديثها واستطردت:تقدم لخطبتى زميل لى وبمرور الوقت اكتشفت عصبيته وغضبه الشديد الذي جعله يسبنى أحيانا لكنه كان يسارع إلى الاعتذار حتى أصبحت عادة لديه، ثم تطور الأمر للضرب عندها قررت إنهاء العلاقة لأنه فهم أن تسامحى ضعف واستسلام.
مضيعة للحقوق
تعلق غادة حشمت، خبيرة التنمية البشرية والعلاقات الأسريةقائلة: أحيانا التسامح بصورة متكررة يضيع الحقوق ويُفهم على أنه ضعف، ويجب أن نمنح مسامحتنا للمخطأ في حقنا في التوقيت الصحيح بعد اعتذار يرد الكرامة ووعد حقيقي بعدم التكرار، ليس هذا فحسب بل ومراقبة تصرفاته والتأكد من أنه لن يكرر الأمر مجددا، وإلا يصبح التسامح انتهاكا للكرامة.
وتتابع: لاشك أن التسامح صفة حميدة لابد من وجودها بين الأزواج والأهل والأصدقاء لاستمرار الحياة والود، فمثلا إذا تواجدت في مكان عمل أو نزهة بها شخص بينكما خصام يتحول الأمر إلى ثقل ويصبح الجو العام سخيفا، لذا إذا كان الأمر بسيطا أو حدث سهوا أو عن طريق الخطأ حينها يمكن قبول الاعتذار بكلمة آسف لأن مجرد الاعتراف بالخطأ شيء إيجابي، وقبل أن أسامح يجب أن أشعر الطرف الآخر بحجم خطأه وإذا كرر نفس الخطأ نقطع العلاقة فورا لأنها ستتحول إلى علاقة مؤذية نفسيا، يجب أن نتسامح لكن فيما لا يؤذينا.
ساحة النقاش