بقلم : سكينة السادات

يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئى طارق, 36سنة, مدرس اللغة العربية بإحدى المدارس الخاصة وخريج كلية الآداب قسم اللغة العربية الذى تزوج من ابنة خالته خريجة كلية الآداب أيضاً ولكن قسم الاجتماع, والتى لم تعمل واكتفت بالبقاء فى فى المنزل لتربية ابنها وابنتها اللذين كرست لهما كل وقتها وكذلك ركزت فى مهمتها كربة بيت ناجحة, وتمتاز بإجادتها الطهى ونظافة وترتيب البيت, وقال زوجها سامح إن البيت مثل المرآة الضيئة, والطعام لا يعلى عليه فهى طباخة ماهرة تتقن الطبخ والحلوى وكل شئون المنزل, لكن شكواه كانت من غيرتها الشديدة عليه, فقد كانت تفتش في تليفونه المحمول يوميا وكانت لا تغفر له أى غلطة ولو تافهة مثل ترك أنبوبة معجون الأسنان غير محكمة الغلق أو زجاجة دواء الكحة الذى وضع على الأرض ولوث السجادة, أما إذا رأته أو سمعت أنه تحدث إلى أى امرأة معهما كانت حتى ولو كانت زميلته فى العمل يدخل المسكين فى حالة استجواب وكأنه أمام وكيل نيابة أو قاضى أو محكمة.. مين دى؟ وليه؟ وعاوزة منك إيه؟ وإيه حكايتك بالضبط؟ ويضيع وقت الراحة فى شد وجذب وعدم راحة وتوتر بدون سبب علاوة على الصوت المرتفع والنقد الدائم, ولما كانت ابنة خالته فقد طلب إلى أمه أن تنصحها بشيء من الهدوء ورفضت جدا وخاصمته واتهمته بأنه يشكوها لخالتها, ولم يحدث أى تغيير في نمط حياتها, ومن الطرائف التى حكاها لى الابن سامح أنه كان يتحدث مع أحد زملائه عبر المحمول وقال له مازحا: "لا مندوحة", وهو تعبير معناه لا مفر مثلا, فجاءت بسرعة من المطبخ صارخة:

مين ممدوحة دى اللى بتكلمها؟

قال لها أكلم زميلى فلان, قالت ومن ممدوحة هذه؟ فقلت لها أقول "لا مندوحة" باللغة العربية يعنى لا مفر! ولم تقتنع وأخذت المحمول ووجدت زميلى هو المتحدث, فأحرجت وقالت له:

ابقى اتفضل اتغدى معانا أى يوم يعجبك حبيت أعزمك بنفسى !

وقال سامح: حدث ما قلب حياتى رأسا على عقب, فقد التحقت بالمدرسة مدرسة لغة فرنسية جديدة ذهلت عندما رأيتها, فقد كانت هى تماما فتاة أحلامى التى طالما حلمت بها طول عمرى, فهى صغيرة القد هادئة الصوت ذات أعصاب هادئة ووجه بشوش ورقة وذوق وأدب جم !

واستطرد سامح قائلا: غصبا عنى يا سيدتى وجدتنى أنجذب إليها, فأنا لم أحب قبل ذلك ولا أنكر أننى أحببت هبة زوجتى وابنة خالتى ولكن بعد الزواج ولم يكن فى بالى الاندماج فى أيه قصة حب وأنا بالجامعة, فقد كنت مهتما بقرائها بدراستي ومستقبلى, وبالطبع كان همى الأول ألا تكتشف زوجتى الغيورة النكدية التى هى فى نفس الوقت زوجة مثالية من حيث تربية أولادنا ونظافة بيتى وترتيبه, أما الطهى والتدبير فلا أحد مثلها فى المهارة والشطارة لكن المصيبته الكبرى فى غيرتها الشديدة ومحاسبتها لى حساب الملكين على كل صغيرة وكبيرة مع العلم بأنها جميلة وقوية الشخصية ولا تنقصها الثقة فى نفسها لكن ذلك كان طبعها الذى لم تتخل عنه, وفى خضم النكد اليومى لزوجتى قابلت زميلتى مدرسة اللغة الفرنسية التى لا يعلو صوتها مثل زوجتى ولا تقاوم ولا تعافر بل هى مسالمة هادئة رقيقة !

واستطردت سامح.. بالطبع لم أكتب رقم هاتفها على محمولى لكن زوجتى لاحظت أننى أشرد ولا أرد على استفزازاتها الدائمة كالمعتاد وحاولت أن تعرف لماذا أنا شارد وصامت على غير المعتاد, فقلت لها إن السبب متاعب فى العمل لا أكثر ولا أقل!

أنا خائف سيدتى من استمرار تعلقى بزميلتى علما بأننى لا أفكر فى الزواج من زميلتى التى هى فتاة خيالى وأحلامى لأنها قطعا لا تفضل الزواج من رجل متزوج له طفلين, وثانيا لأننى لا أستطيع أن أفتح بيتا ثانيا ولا أقوى على التفكير فى ذلك, وأنا وأقسم بالله أن شعورى نحو زميلتى الرقيقة غصبا عنى وأن لا أريد أن أخرب بيتى كما أننى سئمت ومللت غيرة زوجتى التى كانت غير مبررة سابقا ولا أعرف كيف أتصرف وطبعا أرجو بعد ألا تقولى لأمى حكاية زميلتى فسوف تتهمنى بأننى أتبطر على  النعمة التى أعطاها لى ربى, وإننى أسعى إلى خراب بيتى بأوهام فى خيالى, لكننى أسألك أنت أن تحفظى سرى وتنصحينى؟

أيها الابن سامح.. نعم لك حق تتذمر من الزعيق الدائم والغيرة غير المبررة لكن أرجوك أن تفيق لأنك لست حر نفسك الآن, أنت أب لطفلين وأنت زوج لسيدة محترمة تحافظ على بيتك ومعاشك وربة بيت من الطراز الأول وأم لا مثيل لها! ويا ابنى الحلو لا يكتمل أبدا, والكمال لله سبحانه وتعالى وحده, وأنصحك ألا تفكر أو تقترب من زميلتك الرقيقة التى صور لك خيالك أنها فارسة أحلامك فأنت لا تعرف الإنسان إلا بعد أن تعاشره وتقيم معه, فاتركها لكى تجد مستقبلها مع من يناسبها واقترب من زوجتك وأم أولادك وأعطها حبا وحنانا وقوة والله يوفقك بإذن الله تعالى.

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 524 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,467,017

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز