كتبت : هدى اسماعيل
تعيش المرأة أجمل أيام حياتها عندما تتزوج من تحب، لكن البعض يرى أن الزواج محطة أخيرة تسدل خلالها الستار على الحب والأجواء الرومانسية التي يعيشها الزوجان في مرحلة الخطوبة خاصة المرأة التى تلحظ قلة اهتمام الزوج وانطفاء الحب بينهما، ليظل السؤال المطروح هل اختفى الحب؟
فى البداية تقول ابتسام محمد، متزوجة منذ عامين: من وجهة نظري فترة الخطوبة كانت الأحلى، لا توجد مسئولية هي للحب والنزهة والهدايا، لكن الزواج مسئولية كبيرة على الطرفين ومتاهة الحياة جعلت التفاصيل الجميلة تختفي.
وتقول سعاد أمين، موظفة: الحب لا يرحل بعد الزواج فهو مثل الشعلة التي لا تهدأ مع مرور الوقت بل تزيد حتى وإن هدأت في أوقات فهذا أمر طبيعي، لذا كل ما يحتاجه عش الزوجية هو إيقاد الشعلة من وقت لآخر حتى يستمر الحب بين الزوجين طول العمر.
أما أحمد حسين، المتزوج منذ 30 عاما فيقول: لم أغضب من زوجتي يوما فالحب لا يزال موجودا مع خليط من المودة والمسئولية، وهو خليط رائع للحياة ما يجعل الحب أعمق من الكلام بل يصبح عطاء ومواجهة الحياة باستقرار داخلي.
ويقول محمود محمد، موظف: الحب لا يموت لكن مشاغل الحياة والسعى لتوفير حياة كريمة للأولاد يستهلك وقت الزوجين فلا يعودان يعبران عن حبهما كفترة الخطوبة، فطبيعة الحب تغيرت حيث تحول إلى مودة ورحمة وهما أكبر من الحب.
وترى رقية علي، مهندسة أن الرجل يمل سريعا عكس المرأة، فهي تعشق بصدق رجلاً واحداً ويبقى هو كيانها في كل زمان ومكان، بينما إن غابت عنه فلن يتردد في البحث عن بديل عنها سعيا وراء التجديد والهروب من الرتابة.
أسباب عامة
تعلق د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، على الآراء السابقة قائلة: لا شك أن العلاقة بين الرجل والمرأة تختلف بعد الزواج عما قبله نظرا لتحمل كل منهما مسئولية والتزامات تجاه الأسرة والأبناء، ومع الوقت تسود العلاقة بينهما المودة والرحمة وهما أعلى درجة من الحب ويرجع ذلك إلى عدة أمور منها عدم معرفة الرجل باحتياجات المرأة العاطفية وكيفية التعامل معها، والنظرة المغلوطة للزواج وعدم توقع المسئولية وطلبات الزواج، وقلة الاهتمام بالمظهر من قبل الرجل، بالإضافة إلى شعوره بالتعود، ففي البداية يحاول كل طرف إظهار أفضل ما عنده سواء في الطباع أو السلوك، أما بعد الزواج وتعايش الطرفان معاً يدفع كلا منهما خاصة الرجل إلى التوقف عن
التكلف والظهور بطبيعته المعتادة، إلى جانب زيادة التوتر بينهما مع تضاعف المسئوليات المالية على الرجل. وتضيف: لابد من التمييز بين عقل الذكر والأنثى؛ فإذا كان تفكير الأخيرة يميل إلى التعبير أكثر؛ فإن الرجل يفضل الصمت أحياناً وهو ما تراه المرأة إهمالاً، ولذلك عليها أن تدرك ذلك، بينما على الرجل مراعاة حب زوجته من سماع الكلام الجميل والغزل من وقت لآخر.
مفتاح الحب
لكن كيف يمكن للمرأة الحفاظ على حرارة الحب بينها وزوجها رغم تضاعف المسئوليات التى تدفعه إلى عدم الاهتمام بالتعبير عن مشاعره؟ تقول د. سوسن فايد، أستاذ علم النفس: يجب على المرأة أن تكون على دراية كافية بسيكولوجية الرجل وأسلوب تفكيره واحتياجاته الوجدانية حتى تتمكّن من العيش معه في محبة وهدوء ووئام، لذا كي تظل شعلة الحب ملتهبة بينهما يجب عليها معرفة أن الصداقة بين الأزواج مفتاح للسعادة، الاهتمام الدائم بالمظهر يشعر الرجل بالتغيير ويجنبه الملل، بالإضافة إلى ضرورة مسامحة الرجل من وقت لآخر حتى لا تتحول الحياة إلى جحيم بينهما، ودائما تتذكر أيام الحب الأولى وتتحدث عن تفاصيلها معه، إلى جانب مشاركته المسئولية والواجبات.
إشارات المخ
في دراسة أمريكية حديثة صدرت عن جامعة ميامي وجدوا أن بعد الارتباط والزواج التي تعطي » الأوكسيتوسين « يفرز المخ مادة الإحساس بالأمان والراحة والألف ة، لذلك نجد شعور الطرفان نحو بعضهما بعد الزواج قد اختلف عن فترة الخطب ة، وبالتالي فالتضحية لا ترتبط بفترة دون أخرى.
وأكدت نتائج دراسة أجراها علماء في في مدينة نيويورك » ستوني بروك « جامعة الأمريكية وشملت أزواجاً بعضهم تزوج حديثاً والبعض الآخر متزوج منذ حوالي 20 سنة، أجرى العلماء خلالها تصوير مقطعي لأدمغة الأزواج تبين خلاله أن عدداً منهم أبدى بعد 20 سنة على الزواج استجابات عاطفية مماثلة للاستجابات التي يبديها الأزواج حديثي الارتباط.
وأوضحت الدراسة أن الحب يكون في ذروته في بداية العلاقة ويبدأ بالتراجع مع مر السنين، وأكد بروك آرثر آرون، عالم النفس في جامعة ستوني أن النتائج تتعارض مع الاعتقاد السائد أنه لا وجود للحب الحقيقي الدائم لكننا على يقين أن هذا النوع من الحب موجود فعلا.
لغات الحب يقول استشاري العلاقات الزوجية في » غاري تشابمان « The Five« كتابه أو “لغات الحب الخمس” ”Love Languages والذي كشف فيه عن أن جميع البشر يعبرون عن مشاعر الحب بخمس طرق مختلفة أطلق عليها “لغات الحب”: لاكتمال علاقة حب بين طرفين لابد أن يتحدثا نفس لغة الحب حتى تصل مشاعر كل منهما للآخر، وإلا فستبدأ الاتهامات والانتقادات المتبادلة التي سرعان ما تحول الحياة إلى جحيم. » تشابمان « وحدد الدورة الطبيعية لانتهاء تجربة الوقوع في « بعامين ربما تزيد » الحب قليلا في بعض الأحيان، بعدها يبدأ الشريكان في الهبوط إلى أرض الواقع لتظهر أنانية كل طرف عندما يبدأ بعد الزواج في التعبير عن حبه لشريك حياته بالطريقة التي تناسبه حتى وإن لم تتلاءم مع الاحتياجات العاطفية للطرف الآخر
ساحة النقاش