كتبت : سكينة السادات

حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية الحاجة عزيزة زوجة الموظف الكبير بأحد دواوين الحكومة والتى تنتمى وزوجها إلى قرية جميلة على نيل مصر ولهم فيها عدة أفدنة يتزودون منها بالغذاء الذى يأتيهم من القرية من دقيق وأرز وجبن ومسلى ولحوم وطيور وفطائر علاوة على الخدمة فى المنزل، فقد كانت بنات العاملين فى الأرض يتسابقن بالخدمة فى بيت صاحب الأرض، وكان الأجر  فى الأربعينيات والخمسينيات لا يتعدى جنيها واحدا فى الشهر، وكانت الحاجة عزيزة قد رزقت بثلاثة أبناء بنتين وولد واحد هو أصغر الأبناء، وكبرت البنات ودخلن الجامعة، وخطبت إحداهن وبدأت الأخرى فى الدراسة، أما أشرف الابن الوحيد فقد قرر هو وبعض زملائه إتمام الدراسة الثانوية فى القاهرة ثم السفر إلى ألمانيا لدراسة الهندسة، وعارضت الحاجة عزيزة سفره للخارج لكنها وافقت عندما أقنعها زوجها رحمة الله عليه أن فى سفره مصلحة كبيرة له، وأن الدراسة فى ألمانيا وخصوصا دراسة الهندسة لها مستقبل كبير لابنهما الوحيد، وفي تلك الأيام كانت قد التحقت بالخدمة  فى البيت فتاة جميلة تدعى (حسنية)، ولا حظت الحاجة  عزيزة أن حسنية وأشرف يتبادلان نظرات غريبة رغم أن حسنية مخطوبة فى القرية لشاب يؤدى الخدمة العسكرية، وقبل سفر أشرف للالتحاق بالجامعة الألمانية بعدة أيام كانت المفاجأة والسر الذى احتفظت به الحاجة عزيزة طول تلك السنوات والذى لم يعرفه أحد حتى شعرت بحاجة إلى تبادل الآراء!

واستطردت الحاجة عزيزة.. باختصار يا سيدتى ولأننى الآن شعرت بإرهاق من كثرة الكلام اكتشفت أن أشرف وحسنية الفتاة التى تعمل فى خدمتنا على علاقة جنسية منذ فترة ليست قصيرة، ولاحظت أن الفتاة فى حالة حزن واكتئاب وبكاء دائم لقرب سفر ابنى أشرف، ولما كان أشرف ابنى قريبا إلى قلبى ولم يكذب على أبدا فقد صارحنى بأنه أخطأ وأنه فعلا قد عاشرها جنسيا عدة مرات، وطلب منى أن أتصرف فى الموضوع بما لا يفضحنا فى القرية وهو يعرف مدى ارتباطنا بالقرية وأهلها، وفعلا كان أن طلبت من والد حسنية (بعشم) أن يزورنا مع خطيبها، وكان من حسن حظى أنه أكمل الجندية قبلها بعدة أيام ويبحث عن عمل قبل الزواج من حسنية، وبالفعل أتى والد حسنية ومعه عبد المجيد خطيب حسنية وأقسمت ألا يغادرا البيت ألا بعد عقد قران حسنية وعبد المجيد فى بيتنا، وكأنها مكرمة وجائزة لحسنية التى خدمتنا بإخلاص وأمانة على أن يقيموا الفرح فى القرية بعد العودة وأن يتموا الزفاف فى نفس الليلة بحضورى أنا وزوجى، وهذا شئ عظيم جداً لهم وهم العاملين فى أرضنا وتكريم كبير لهم، وفعلا قام زوجى بإلحاح منى على إيجاد وظيفة لزوج حسنية، وتم الزواج والزفاف فى عدة أيام فى حضورى وتحت إشرافى، ولم يكتشف أى أحد أى شيء غير................ عادى لوجودى حتى ثالث يوم زواج حسنية وعبد المجيد، وساهمت فى شراء الجهاز والفرح كل هذا بدعوى أنها كانت خادمة أمينة وتستحق التكريم، والتحق عبد المجيد بالعمل الذى أوجده له زوجي رحمة الله عليه، ومرت المحنة التي كانت............. سهولة أمامي من حيث الفضيحة في القرية وسمعتنا وسمعة ابني الذي سافر وهو مرتاح بعض الشيء بعد مرور الأزمة بسلام، ومرت الأيام وعلمت أن حسنية حامل وأنها ولدت ولدا بعد زواجها بثمان شهور فقط، ولم يلحظ أحد ذلك بالطبع، وذهبت بنفسى بعد ولادتها للطفل بأسبوعين لأجده صورة طبق الأصل من ابنى أشرف!

وبالطبع ساهمت فى المصاريف بدعوى العطف والحب لكننى لم أتفوه بحرف واحد ولم يشك أحد فى نسب الطفل، لكن قلبى يقول لى إن ذلك الولد هو ابن أشرف ابنى أى حفيدى، وبعد ذلك أنجبت حسنية بنتين ولم أنقطع عن السؤال عنهم، لكننى الآن وأنا على وشك مغادرة الحياة أريد أن أريح ضميرى وأعطى.............. ابنى شيئا لذلك الولد الذى أشعر وأعرف تماما أنه حفيدى!

ماذا أفعل؟

•لا تفعلى أى شيء يا حاجة عزيزة، وإذا أردت أن ترسلى منحة لهذه الأسرة فارسليها لهم جميعا حتى لا تفتحى الجراح والمآسى القديمة، وأرجوك أن تحتفظى بذلك كرامة الولد وأسرته، وعليك.............. بالزكاة لهم وإلى أهل القرية الفقراء كلهم ولك الأجر والثواب.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 362 مشاهدة
نشرت فى 8 أكتوبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,692,768

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز