كتبت: أسماء صقر

 

لا يمثل شهر رمضان الكريم وقتا للصوم والمغفرة وطلب الرحمة من الله فحسب لكنه بداية جديدة لإعادة أواصر المحبة والود وترميم علاقات أسرية تصدعت بسبب زحام الحياة، فالاجتماع على مائدة واحدة ومشاركة الطعام وتبادل الحديث وحدهما كفيلان على إذابة أى خلافات ودب الفرحة فى النفوس بقدوم الشهر الفضيل.

فرحة لمة العائلة وذكرياتها الجميلة نسترجعها مع عدد من ربات البيوت، ونسأل المختصين عن كيفية استعادة تلك العادة التى كادت أن تختفى مع زحام الحياة وانتشار وسائل التواصل الحديثة.

 

في البداية تقول رجاء عبد الكريم، مهندسة: يحرص زوجي على دعوة أسرتي وأسرته كل عام كي يجتمع الأسرتان معا ويسود الود والترابط بينهما، وعلى الرغم من كثرة عدد أفراد الأسرتين إلا أن مشاركة إخوتي وأخت زوجي لا تجعلني أشعر بالتعب والعناء أثناء تحضير الإفطار، ويكفى أن المنزل تعمه الفرحة بسبب اللمة، كما أن الأولاد يقومون بتشغيل الفوانيس وأغاني رمضان الجميلة مثل "وحوي يا وحوي" وغيرها، وبعد الإفطار نخرج سويا لصلاة العشاء والتراويح.

أما هند عبد الرحمن، معلمة فتقول: أنا من إحدى القرى الريفية التابعة لمحافظة أسيوط، تزوجت في القاهرة ولا أستطيع زيارة أهلي وأقاربي باستمرار بسبب ظروف عملي ومسئوليات البيت وتربية الأبناء لذا أعتمد على الواتساب للاطمئنان على والداي وإخوتي، وسوف أذهب لزيارتهم في أول أسبوع من شهر رمضان حيث نتجمع معا في بيت العائلة ونتشارك معا الذكريات الممتعة التي لا تنسى على مدار العام.

وترى نورا مصطفى، ربة منزل أن شهر رمضان فرصة عظيمة للود والتسامح بين الإخوة وتقوية صلة الرحم، وتقول: أتواصل مع إخوتي تليفونيا وعبر وسائل الاتصال الحديثة، لكن شهر رمضان يعطينا فرصة لرؤية بعضنا من خلال اللمة على الإفطار والسحور، فوالدتي تقوم بعزومتي وإخوتي وأسرهم كي نتجمع معا ونستمتع بروحانيات وشعائر الشهر الفضيل معا من خلال تحضير وجبات إطعام للفقراء والمساكين، كما نقوم بعمل عزومات لأقاربنا الذين يعيشون في الريف بمشاركة إخوتي وأبنائهم في تحضير المائدة الرمضانية.

 

اعتاد مدحت إبراهيم، محاسب على دعوة والديه وبعض أقاربه للإفطار معه في أول يوم من الشهر الكريم، فالتجمع يشعره بالعزوة، ويؤكد أن بركة الشهر في اللمة والتراحم بين الأقارب، كما يحرص على زيارة إخوته ودعوتهم على الإفطار أو السحور في بيت العائلة مع والديه.

مظهر اجتماعي 

يعلق د. حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس على تجمع الأسرة على مائدة رمضان وكيفية الحفاظ على هذه العادة قائلا: تعد اللمة والتجمع مع الأهل والأصدقاء في رمضان مظهر اجتماعي وديني وتربوي مهم ومرتبط ببناء شخصية الأطفال والأبناء على قيم المساعدة والدعم المعنوي للآخرين، حيث يشارك الأطفال في تزيين المنازل بالزينة الورقية بين منازل الجيران وتجمع الشباب من الأهل والأقارب في القرية والسهر معا لتبادل الأحاديث والحوار معا في شتي المجالات الثقافية والدينية والروحانية والاجتماعية، ولذلك يجب علينا استعادة لمة العيلة مع الأهل والأقارب خاصة وأننا أصبحنا نعيش في عالم افتراضي خلقته وسائل التواصل الحديثة، فالزيارات العائلية وتجمع أفراد العائلة في شهر رمضان فرصة مناسبة لإعادة التواصل وتجديد العلاقة بين الأقارب سواء كانت القرابة قريبة أو بعيدة.

 وينصح د. حسن الوالدين بضرورة غرس القيم المجتمعية منذ الصغر داخل الأبناء ومعرفتهم للحقوق والواجبات وتنشئتهم على البر والإحسان وصلة أرحامهم لما لها من أثر نفسي كبير على الأبناء، فشعورهم بالاهتمام والحب من جانب ذوى أرحامهم  يعطيهم طاقة إيجابية.

 

العمل الجماعي والتراحم  

يقول د. شحاتة زيان، أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: تجمع العائلات في شهر رمضان ولمة العيلة في المناسبات هي من نتاج القيم المصرية الأصيلة والتي تؤدي للتماسك والترابط بين الأسر وخلق روح الانتماء للعائلة، فالحياة المصرية قائمة على التعاون والتراحم، فلمة العيلة وتناول الإفطار معا من الأمور المُحققة لصلة الرحم التي أمرنا الله عز وجل ورسوله بها، لذا يعد شهر رمضان بالنسبة للكثيرين فرصة مثالية للتجمع مع أهلهم وأقاربهم الذين باعدتهم مشاغل الحياة لشهور طويلة، وهى فرصة أيضا للتراحم، فمع لمة العيلة تسود قيم الود والمحبة وفعل الخير، وهو ما أخبر به الله عز وجل فى قوله "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا"، فضلا عن أن صلة الرحم تعمل على بناء المجتمعات المتكاتفة والمتماسكة ما يحقق التنمية المجتمعية ويساعد على الضبط الاجتماعي أثناء تنشئة الأبناء، ففي حالة غياب أحد الوالدين يجد الأبناء الخال والعم والعمة وغيرهم من الأقارب، ولمة العيلة في رمضان تكسب الأبناء قيمة المشاركة والعمل الجماعي بين الأهل والأقارب وإصلاح ذات بينهم واحترام الكبير والعطف على الصغير وأيضا مساعدتهم ماديًّا ومعنويًّا.

 

وتنصح د. منار عبد الفتاح، استشاري العلاقات الأسرية والصحة النفسية والإرشاد الأسري الآباء باغتنام شهر رمضان لتدريب وتأهيل أطفالهم على اكتساب القيم التربوية والاجتماعية السليمة والسلوكيات الحميدة في تصرفاتهم وحياتهم اليومية، وتقول: لا يوجد أفضل من رؤية الأبناء لتجمع الصائمين معا من الأهل والأرحام لغرس السلوك الطيب في نفوسهم، كما أن الشهر الفضيل فرصة عظيمة للمة العيلة والتصالح مع النفس والتسامح مع الآخرين كالأصدقاء وغيرهم، لذا أنصح بضرورة تبادل الزيارات مع الأهل وتنظيم العزومات الرمضانية لزيادة التفاعل الاجتماعي و معايشة الطفل لجو الصيام وقت الإفطار والسحور. 

 

 

المصدر: أسماء صقر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة
نشرت فى 18 مارس 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

24,500,921

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز