
شيماء أبو النصر
للعنف ضد المرأة صور وأشكال متعددة أخطرها العنف المجتمعي الذي يستند إلى بعض العادات والتقاليد المغلوطة، ومنها ما قد يحرض على العنف كزواج القاصرات بحجة أن زواج البنت سترة» حتى لو كانت طفلة لا تعى من مسئوليات الزواج شيئا، وتقاليد أخرى قد تحرم المرأة من حقها في الحصول على ميراثها، فعلى الرغم من وجود الكثير من التشريعات والقوانين والتي تؤكد جهود الدولة في حماية المرأة والدفاع عنها إلا أن الواقع يقول أن هذه التشريعات والقوانين وحدها لا تكفى، وأننا نحتاج لتغيير بعض التقاليد والعادات المغلوطة
لطالما تباهت المرأة الأربعينية بأخواتها وصلتهم لها، لكن ما إن مات أبوها فوجئت بإخواتها الذكور يقسمون الميراث بينهم ولم يفكر أحد في استدعائها لحضور القسمة ومعرفة نصيبها الشرعى، مرت الشهور حتى وصلت إلى نحو 6 سنوات وبعد أن كانت تلمح بحقها أصبحت تصرح وكان الرد مفيش أرض للبنات»، حتى أنهم قدروا نصيبها بمبلغ لا يمثل شيئا من حقها الشرع بل وهددوها بالقطيعة وهو ما يعنى نبذها وإحراجها أمام زوجها وأبنائها.
أما أسماء - م سيدة ثلاثينية فقد فرض عليها أهلها الزواج من ابن عمها وهي لم تكمل 14 عاما، وبعد الزواج وجدت نفسها مسئولة عن بيت كبير، وتتعرض للقسوة والإهانة إذا تأخرت في تأدية ما عليها من مسئوليات، وعندما كانت تشتكى لأمها كان الرد اصبرى ولا تضايقي أحدا في البيت الجديد، وهي الآن أصبح عمرها 30 سنة لكنها تبدو في الخمسين من كثرة المسئوليات والهموم.
لم يمر على زواج عبير محمد عدة أشهر، سافر زوجها وتركها لعائلته التي لا تتوانى عن الضغط عليها إذا ظلت في شقتها وتأخرت عن النزول لبيت العائلة للتنظيف وخدمة أفراده وعندما ذهبت لأسرتها لم تجد من يدافع عنها بحجة العادات والتقاليد وأنها ميصحش تغضب وتسيب بيتها وزوجها غايب بل قامت أمها بإعادتها مرة أخرى بعد «قعدة صلح» لم تجبر خاطر أو تعالج ألما أصاب الروح قبل الجسد
تبريرات مجتمعية
تقول د. هالة يسري، أستاذة علم الاجتماع: صور العنف ضد المرأة أحيانا تتواجد رغم القوانين والتشريعات ومجهودات الدولة الملموسة لحمايتها وصون حقوقها، وهناك أنواع من العنف الذي قد يمارس ضد المرأة في أماكن العمل لكنه مع انتشار مكاتب الشكاوى التابعة للمجلس القومى للمرأة في كل المحافظات والتي تتعامل بشكل فورى مع هذه المشكلات، يتم علاجه وتوفير بيئة آمنة للمرأة في العمل، ولكن هناك بعض صور العنف المجتمعى والأسرى والذي يتم تحت غطاء اجتماعي مثل التمييز بين البنت والولد في المعاملة والحقوق داخل الأسرة الواحدة، والعنف المجتمعى المرتبط ببعض العادات والتقاليد المغلوطة مثل منع المرأة من العمل والتعليم وكذلك الزواج المبكر، والمشكلة الرئيسية هي تقبل البعض لبعض صور العنف ضد المرأة داخل بعض المجتمعات بحكم بعض العادات والتقاليد
وهناك أيضا عنف الزواج المبكر بدعوى أن زواج البنت سترة والعنف الذي يحدث للزوجات أحيانا وعندما تشتكى تجد الردود تقتصر على دعوتها للحفاظ على منزلها مهما تعرضت لعنف وغيرها من العبارات التي تكرس العنف وتنظر إليه على أنه أمر واقع وطبيعي.
وتتابع: من أشكال العنف أيضا حرمان المرأة في بعض المجتمعات من الحصول على حقها الذي شرعه الله لها وهو الميراث، ورغم سن القوانين التي تجرم حرمان المرأة من ميراثها إلا أنه للأسف هناك بعض العائلات تمنع البنات من الميراث وتقوم بدلا من ذلك بتعويضهن بمبالغ مالية أو حرمانهن بشكل كامل، ورغم تجريم منع توريث البنات إلا أنه لا يزال هناك حالات يحدث فيها تعدى على حق المرأة في الميراث، وتجد نفسها أمام أمرين إما أن تلجأ للقضاء فتصبحفي نظر عائلتها والمجتمع الذي تعيش فيه أنها أساءت لأسرتها، أو تصمت حسرة على فقدان ميراثها .
وعن كيفية مواجهة هذه الأشكال من العنف التي تجد غطاء من بعض العادات والتقاليد غير الصحيحة أكدت دكتورة هالة أن الحل يكمن في التوعية، وأيضا يجب التوسع فى الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج حتى تختفى فكرة العنف اللفظى والبدنى من قاموس الحياة الزوجية، وأن يكون دور الأهل أكثر إيجابية في توعية الفتاة ودعمها فى حالة تعرضها لأي من صور العنف.
دور الإعلام
من جانبها تقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: في بعض الأحيان يجد العنف له دافعا اجتماعيا بحكم التربية في بعض المجتمعات حيث يأتى من تمييز الرجل على المرأة بدعوى أنه رجل يفعل ما يريد، أما المرأة فتصرفاتها قد تخضع للرفض طوال الوقت.
ولفتت د. سامية خضر إلى دور الدراما في مواجهة صور العنف الذي قد يمارس ضد المرأة حيث أكدت على أهمية قيام الدراما وكذلك الإعلام بدور كبيرم نخلال ما يقدم من موضوعات في توعية المرأة والأسرة ككل بمواجهة صور العنف الذي قد يمارس تحت مسمى بعض العادات والتقاليد فى حين أنه لا يمت لهذه العادات والواقع بصلة وينبغى مواجتهه، كما أن عليها دور في تعريف الجميع بالقوانين والعقوبات التي تواجه كافة صور العنف من خلال البرامج المتخصصة والأعمال الدرامية المميزة و ذلك حتى تصل المعلومة إلى الجميع بشكل غير مباشر وتساعد في توعية المرأة والأسرة بالدعم المقدم لها من قبل الدولة مما يساعدها في استمرار مسيرتها بثقة ودون خوف.



ساحة النقاش