<!--<!-- <!--

يعد الفنان جان فيرميير أحد أقطاب المدرسة الهولندية التى ازدهرت ابداعاتها بصفة خاصة فى القرن السابع عشر.. وهو عبقرى رحل فى عمر الزهور عن عمر لم يتجاوز 43 عاما .. وتألقت فيه روح وثابة فى الفن جعلت له مكانة كبيرة مع أبناء وطنه هولندا من كبار فنانى العالم: رمبرانت وفان جوخ وبيت موندريان صاحب الايقاعات التى تتميز بالاختزال الشديد وصفاء اللون من التجريد الهندسى .. وتمثل أعمال فيرميير نهضة جديدة بعد سيطرة النهضة الايطالية فى القرن السادس عشر والتى تمثلت فى دافنشى ورفائيل ومايكل انجلو وبوتشيللى..

أبو العيال

فى قرية صغيرة بهولندا ولد الفنان فيرميير عام 1832 لأب كان يعمل بتجارة الحرير وقد أصيب فى مبارزة مع أحد الضباط جرح على أثرها . وظل مريضا بجرحه عدة شهور حتى رحل وترك فيرميير صغيرا.. لكنه كافح مع أسرته .. ومع رحلة من المعاناة.. بدأت رحلته مع الفن وارتبط بزوجته الحسناء كاترينا .. وانجب منها 14 ولداً وبنتاً مات منهم ثلاثة فى الصغر.. وظل 11 يعولهم هو وزوجته .. رغم حياته الفقيرة التى كان يفتقد فيها إلى الأمان المادى .

وجان فيرميير يعد بمثابة فنان الطبقة الوسطى فى هولندا .. وقد عكس ملامح عصره وروح الحياة من خلال تلك المشاهد اليومية التى صور فيها الفتيات .. فتاة أو فتاتين داخل غرفة بنافذة مفتوحة من جهة الشمال ينساب منها الضوء فيغمر المكان فى همس شاعرى ومن هنا حملت اعماله هذا الشجن العميق من موسيقى الظل والنور .. ورغم أنه كان بطيئا .. إلا أنه كان دقيقا منمقا..

يرسم بدقة شديدة وعاطفية .. وخلال رحلته القصيرة ترك 40 لوحة تمثل ملاحم تعبيرية تتحاور فيها الألوان التى كان يفضلها من الاصفر الناعس والأزرق الليلى والرماديات مع لمسات من الأحمر البرتقالى .

وفيرميير تتجسد فى أعماله صور الحياة اليومية لفتيات الطبقة الوسطى وهى صور نتعاطف معها ونألفها ونحبها ذلك لأنها تمثل روح وعمق الحياة ببساطة شديدة.. مثل لوحته درس فى الموسيقى .. من العزف على البيانو.. وهو هنا لا يغفل التفاصيل الصغيرة التى تتوهج بسحر الون والملامس المتنوعة من المطرزات واللوحات على الحائط ووحدات الاضاءة التى قد تتدلى من السقف أو تبدو هامسة على الحائط أيضا .

خادمة تصب اللبن

وما أجمل لوحة فيرميير «خادمة تصب اللبن» والذى صور فيها مساحة من الاشراق والتفاؤل حيث ينساب اللبن من الابريق وحوله قطع الخبز فى ساعة الفطور .. وقد كان مولعا بتصوير الفتيات فى لحظات من العمل والأمل .. والعكوف على نشاط من الانشطة التى تتميز فيها بنات حواء .. مثل لوحته صانعة المطرزات والتى تبدو فيها فتاة عاكفة على التطريز متوحدة مع شلالات النسيج .. كما صور فى ثلاث لوحات فتاة تكتب أو تقرأ خطاباً .. تأكيدا على حالة التواصل .. والحب وهو يثير فينا هذا التساؤل .. لمن تكتب ولمن تقرأ .. هل للأب المسافر بعيدا .. أم للحبيب الذى غاب فى رحلة عمل أو الزود عن الوطن على الحدود .. وفيرميير يقتنص المشاعر والاحاسيس ويجسدها ممزوجة بأضوائه الشاحبة الشفافة مثلما نرى فى لوحته «فتاة ضاحكة وجندى» والتى تتورلد فيها مساحات من التفاؤل والاشراق .. وإذا كان قد ترك مجموعة محدودة من اللوحات إلا أنها تميزت بقوتها التعبيرية بما تحمل من قيم تشكيلىة رفيعة.

وجان فيرمبير الذى رحل صغيرا فى عام 1875 مات معدما فقيرا .. وترك زوجته وابناءه الصغار غارقين فى الديون.. حتى أن زوجته كاترينا اضطرتها تلك الظروف إلى تسديد ديونه بلوحاته التى لم يعرف أحد قيمتها فى ذلك الوقت.. فكانت تعطى للجزار لوحة أو اثنتين ومثله البقال والخباز تبعا لحجم الدين.. ولقد ظل فناننا منسياً مجهولا .. ولم يقدر أحد قيمة أعماله حتى منتصف القرن الثامن عشر .. حيث اكتشفه الفنان والناقد الانجليزى رنيولدز أول رئيس للأكاديمية البريطانية .. وازاح الستار عن أعماله البديعة.. وبالتدريج بدأت شهرته تزداد يوما بعد يوم.. وهو الذى جسد الصورة الشخصية لفتيات هولندا .. على خلفية من من مشاهد داخلية حافلة بالعناصر من وحدات الاضاءة والبسط والمفارش والمقاعد .. مع الأوانى والاباريق.. وهناك لوحات اقتنص فيها سحر الحياة والانوثة كما فى لوحته الشهيرة فتاة و«قرط» يتدلى من الأذن .. والذى جسد فيه مساحة من التوهج والشاعرية بعصابة من الأزون الليلى والاصفر الناعس وأيضا لوحة «فتاة وعقد» مصورا فتاة تتباهى بعقدها الذى يتدلى من رقبتها تتحسسه بأناملها .

 

المصدر: صلاح بيصار - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,459,402

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز