<!--<!-- <!--
حقيقة.. لم أتمالك دموعى وأنا أتابع حكاية قارئتى السيدة المحترمة زاكية فقد «صعب علىّ» كثيرا وترددت فى الرد بالنصيحة اللازمة فقد كان الموضوع يحتاج إلى تفكير وتدبير قبل أى كلام!! صحيح.. الدنيا لا تعطى الإنسان كل شىء! وربما تسمع بأذنيك من يحسدونك (ويقرّون) عليك وهم لا يعرفون مدى العذاب والألم الذى تكابده! صحيح أن الدنيا مظاهر! فلا تأخذك الألوان والضحكات السطحية فقد تكون القلوب مليئة بالشجون والمواجع!! ولكن.. ماهى حكاية الحاجة زاكية؟ ولماذا دمعت عيناى وهى تقول لى..
- عليه العوض ومنه العوض.. فقد أصبحت بعد طول الشقاء والكفاح والمرّ الذى شربته من أجل ابنى الوحيد إنسانة شريرة فى نظره لا استحق منه أى عطف أو محبة!!
بكيت معها فقد كنت قد سمعت قصة كفاحها من أجل ابنها وكيف ظنت أن الدنيا قد ابتسمت لها عندما نجح وتخرج وفكر فى الزواج؟ ولكن لماذا نسبق الأحداث إليك الحكاية؟
l
قالت الحاجة زاكية.. عمرى الآن 49 سنة ولم أكن فى يوم من الأيام! من بنات الطبقة الارستقراطية بل كنت دائما البنت ثم السيدة المتوسطة الحال التى تعمل وتكافح كموظفة فى أحد دواوين الحكومة صباحا بشهادة الثانوية العامة وبعد الظهر كنت أعمل فى محل ملابس تملكه إحدى قريباتى.
ولأبدأ لك الحكاية منذ البداية..
نشأت فى حى السيدة زينب.. هنا قريبا من دار الهلال، كنا أسرة مستورة والحمد لله، أب تاجر حبوب بسيط وأم ربة بيت تساعد أبى فى إدارة المحل أحيانا عندما يتعب وأخ واحد وأخت واحدة. تعلمت حتى الثانوية العامة ثم تقدم لى عريس محترم من أبناء الجيران كنت أحبه ويحبنى حبا جما وتزوجنا بإمكانيات بسيطة وأثثنا بيتنا بنفسنا وكان هو طموحا جدا فسعى حتى حصل على عقد عمل بإحدى دول الخليج وسافر وقال إنه سوف يستدعينى عندما يستقر وانتظمت خطاباته عاما كاملا وكاد يطير من الفرح عندما علم أننى حامل فى ذكر. ووضعت ابنى الوحيد وأرسلت إليه صورته وأرسل هو بالتهانى وأرسل مبلغا كبيرا من المال وقال إنه لن يستطيع أن يأخذ اجازة لمرض (الكفيل) الذى يرعاه والذى يعتمد عليه فى إدارة تجارته. وصبرت عدة شهور وبدأت رسائله تقل ومكالماته وأشرطته تنقطع. قلقت عليه وقمت بإجراء عدة مكالمات ورسائل ولم أتلق أى ردّ!! وازداد قلقى فأرسلت إليه برقية عاجلة وأخرى على (كفيله) ولم أتلق أى رد وكانت أياما سوداء فى حياتى تعذبت فيها عذابا لا يطاق!
وقررت أن أسافر إليه فأنا أعرف العنوان جيدا، وساعدنى والدى بالمال واشتريت تذكرة الطائرة وحصلت على تأشيرة الدخول بطلوع الروح وسافرت إلى زوجى وهناك كانت المأساة! قابلنى الكفيل بوجه كالح أغبر وقال لى وهو منكس الرأس:
- أمر الله ونفذ يا ابنتى! زوجك توفى فجأة بالسكتة القلبية وهو يعمل وطبقا للشريعة الإسلامية دفناه يوم أن مات فكرامة الميت فى دفنه ولم يكن عندى عنوانكم بالكامل فلم استطع الاتصال بكم!!
صرخت ولطمت وابنى الوليد على ذراعى يبكى هو الآخر وكان سنه 6 شهور فقط، ولم أعرف ماذا أفعل.. هل أصدقهم؟ وإذا لم أصدقهم إنهم أهل البلد ولن يلتفت أحد إلى صراخ امرأة غريبة؟ هل مات (موتة ربنا) أم قتل؟.. نهض الكفيل وقال:
- لقد أخلينا الغرفة التى كان يسكنها وهذه متعلقاته وقد حجزنا لك غرفة فى فندق لمدة يوم واحد وعليك أن تعودى إلى بلدك وأمرنا جميعا إلى الله وباقى أتعابه ومكافأة بسيطة فى هذه الظروف!
ماذا فعلت السيدة زاكية؟ هل أبلغت الشرطة؟ أم عادت إلى القاهرة؟
الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية!
ساحة النقاش