ليس من العقل والحكمة أن نفتح أبواب الجدل بين الإسلام والمسيحية وأصدق كلام قول الله تعالي «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»' «سورة العنكبوت» .

ولا ينسي المسلمون أن أقرب الناس للذين آمنوا هم النصاري لأن منهم قسيسين ورهبان كما قال الحق سبحانه وتعالي :

لصالح من مايحدث من تصريحات للأنبا بيشوي ولصالح من فتن وصغائر بعيدة كل البعد عن تعاليم المسيحية وتعاليم الإسلام فأديان الله جميعا تدعو إلي المحبة والعيش في سلام والإسلام خاتم الأديان شاهد علي ذلك .

نعيش معاً ولا ننسى وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما أوصانا بأقباط مصر خيراً نعيش جميعاً فى مصر الحبيبة وطن يعيش فينا.. مدرس الرياضة الذى يعطى ابنى درساً «مسيحى» الكوافيرة التى تصفف شعر ابنتى مسيحية .. أخوة وحبابيب رغم كل الصغائر.. هذه حقيقة لا خيال .. عشتها عندما عشت فى الغربة كانت أعز صديقة لنا مسيحية «ثريا الطيبة» المهذبة كنا نلتقى جميعاً فى مزرعة إحدى الصديقات فى الرياض وكانت مدام ثريا وزوجها الدكتور فخرى من ضمن المجموعة ، تحمل كل واحدة منا صنف طعام وآخر حلو ونفترش المائدة ونتناول الطعام سويا كانت راقية فى تعاملها تعلمنا منها الكثير تشيس كيك .. والفطائر. والأهم كانت تنصحنا دائما كنت أعطى لها أشياء تحملها الى ابنى وكانت تحملها بصدر رحب بل كانت هى التى تبادر بذلك وتقول لى أنا نازلة مصر مش عايزة ترسلى حاجة لمحمد .. أرسلت معها كاسيت لابنى وجاكت ولن أنسى قلت لها بلاش الجاكت حتى لا تكون الشيلة ثقيلة ضحكت ضحكتها المعهودة التى تنبع من قلب طيب كبير وقالت ولا يهمك سوف أخلى فخرى يضعه على يده .. ما أجملك ياصديقتى طيبة حنونة .. ووصلت طيبتها وقلبها الكبير إلى أكثر من ذلك إلا أن ابنى كنت أرسل له النقود وفى إحدى المرات صرفها بسبب ادخال الدش وقال لى عايز فلوس ياماما وكان يوم وقفة عيد الفطر المبارك والبنوك فى عطلة .. ووجدت نفسى أدير قرص الهاتف واتصل بصديقتى وأختى القبطية ثريا (سوسو) صاحبة الوجه المبتسم وأقول لها محمد سوف يعدى عليك وأعطيه مالاً وعندما تعودىن الى الرياض سوف أعطيه لك، قالت عيب عليك إحنا أخوات .. ولا تخجلى وذهب محمد وأخذ منها الفلوس، رغم وجود أهلى إلا أنها كانت هى الأقرب كانت تحضر معها من مصر الكتب والدواء لكل أصدقائها المصريين المسلمين .. لماذا هذا الاحتقان الذى لم نعهده من قبل .. أتذكر جيدا رسالة كتبتها من الرياضة للمجلة وكان عنوانها «أم محمد وأم مرقص» يدا واحدة فى الغربة فالحكم الإسلامى لايصادر عقيدة أخرى ولا يعطل عبادة لأنه يقبل فى يسر أن تجاوره أديان أخرى وأن يعيش مع أتباعها فى سلام .

علمنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة . . وكذلك قوله «من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة» .. وهنا نصوص ثابتة وسوابق مقررة فى صدر الإسلام تنطق بما أفاء الدين على أهل الذمة من رعاية ووفاء ورحمة .

وسلوك الخليفة عمر بن الخطاب عندما مر يوماً عليه سائل وكان شيخاً ضرير البصر فضرب «عمر» عضده وقال له :

من أى أهل الكتاب أنت ؟ فقال يهودى، قال فما ألجأك إلى ما أرى قال أسأل الجزية والحاجة والسن .. فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله وأعطاه مما وجده ثم أرسل به إلى خازن بيت المال وقال له انظر هذا وضرباءه (يعنى وأمثاله) فوالله ما انصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم وإنما الصدقات للفقراء والمساكين .. والفقراء هم الفقراء المسلمون وهذا المسكين من أهل الكتاب ثم وضع عنه الجزية .. والعاطفة التى جاشت بالرحمة فى نفس عمر نحو هذا اليهودى البائس نبعت من قلب متحمس للإسلام، متمسك بمبادئه وقد كان عمر شديدا فى دين الله ولكن الشدة التى عرف بها لا تعنى التعصب الأعمى والضغينة القاسية، ولما تدانى عمر أجله أوصى من بعده وهو على فراش الموت بقوله : أوصى الخليفة من بعدى بأهل الذمة خيرا وأن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم، والا يكلفهم فوق طاقتهم .. ومعاملة الاسلام لمن لا يدينون به من أهل الذمة منذ العصر الأول قامت على قاعدة أصيلة هذه القاعدة تقوم على أن لهم مالنا وعليهم ما علينا .. وقد بلغ من مرونة النظام الإسلامى أن أعتبر أهل الذمة جزءا من الرعية الاسلامية مع احتفاظهم بعقيدتهم .. هذا هو الإسلام وأخلاق الإسلام ومبادىء الإسلام .

جذور وأخوة

وذهبت إلى الأستاذة الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والعميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية فرع الأزهر بالاسكندرية لنعرف رأيها فيما يقال عن الفتنة الطائفية والأحداث المؤسفة التى تمس أبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين والتصريحات الأخيرة للأنبا بيشوى ؟

تقول الدكتورة آمنة نصير : أنا لا أحب مصطلح «الفتنة الطائفية» لأنه رغبة فى توسيع الدم والحقيقة أنها «لا فتنة طائفية ولا يحزنون» وانما حالة من القلائق فى المجتمع على المسلم والمسيحى فأنا لا أرى إن المسلمين يعيشون فى برج عاجى وأخوتى المسيحيين يعيشون فى جحيم ، هناك مشاكل تجمعنا جميعا كمواطنين وهذه حقيقة وهم يعلمون ذلك جيدا ، وهناك فارق بين أقلية وبين أقل فى النسبة والتناسب بين عدد المسلمين وبين عدد الأقباط وهم أخذوا فى الآونة الأخيرة يعطون لها أبعاداً فى شىء من الشعور بالظلم وأنا أشاركهم هذا الشعور وهذه واحدة .. الثانية والتى لا أشاركهم فيها أن نمد مشاكلنا وأن نستقوى بالآخر لأن هذا لايليق بتاريخ أهلى من الأقباط ولا يليق بأى انسان يستقوى على وطنه وعلى أهل وطنه بالغريب ولابد أننا جميعا نستشعر معنى الوطن ومعنى أننى أقف لطلب حقى ولا يموت حق وراءه مطالب هذه حقائق لابد أن نعرفها ونطالب بها وأنا كمسلمة أطالب بها لأهلى من الأقباط أكثر من حقى ، فهناك شكوى من مسألة بناء الكنائس فلماذا لا يقنن هذا الأمر ونعطيهم الحق الذى يستريحون عليه، رغم أننى أشك أن هناك أقباط لا يجدون كنيسة، هنا بقى الكثرة.. أجد فى المساجد فى يوم الجمعة الناس تفترش الشارع يعنى معنى هذا أننى ليس لدى وفرة من المساجد بدليل افتراش عشرات بل أكثر من مائة يوم صلاة الجمعة، فالقضية كما حللتها فى البداية قضية الكثرة . الأمر الآخر الذى لفت نظرى فى الآونة الأخيرة ، عندما فتح باب الحوار وهو أمر جيد ، إننا نفضفض بما يضايقنا جميعاً سواء كنا أقباطا أو مسلمين مايضايقنى من أهلى من الأقباط ومايضايق أهلى من الأقباط من أهلى المسلمين ، هذه قضية لابد أن نتصارح ونتكلم ولكن الذى أرفضه - والكل يعلم أننى محبة لأهلى من الأقباط لأنهم أهلى بكل المعنى من الانسانية والأخوة ـ أننى أراهم فى بعض الأحيان مثلما رأيت فى بعض الفضائيات أن أحد المتحدثين من الأقباط يستنكر بشدة الأولاد اللاعبين أنهم يسجدوا شكرا لله على النجاح ويقول أن هذا يؤذى ابنى لأنه يضيق بذلك وفى الحقيقة أحد المتحاورين قال له : أنت عندما ترى أمراً يفرحك أو تخشى منه ترسم الصليب وهذا كلام لا أحب أن يخرج من الأقباط لأن هذا النوع يمس عقيدتى الايمانية وتنكرها عليه ، أمر سيعود بالسلبيات علينا جميعا لأننى لا أنكر عليك عندما تجد صديقتى أحد الأحفاد يقع وتقول باسم الصليب عليك وأنا لا أضيق بها وأحس إيمانها أنها تمنع عن هذا الحفيد الذى يقع على الأرض السوء فلابد أن نفهم مساحة الإيمان وخصوصية الإيمان لكل الأطراف فهذه نقطة إذا دخلوا فيها ستكون الخسارة أكثر من المكسب لأننى لن أمنعك من رسم الصليب ولا أن تتدخل فى عقيدة هذا اللاعب أو المفكر أن يسجد لله، هذا الرياضى يسجد لله، وأنا أقدم علامة استنكار على كلام هذا الرجل وأشكر أحد المتحدثين الذى قال له أنت لا تمنعنى من عقيدتى ، هنا الحذر والمحذور عندما نجلس نتناقش ونتصارح ويكون فى حدود الاحترام لعقيدتى الايمانية كما أحترم عقيدتك الايمانية وهذه نقطة لاىفقه اليها كثير من الناس ، وفى النهاية أنا أبغض كلمة «فتنة طائفية» لأننا لا يوجد عندنا فتنة طائفية وإنما عندنا احتقان وضجر وهذا الشعور يملؤنا جميعا أقباطاً ومسلمين وأنا أوجه لمن يخص نفسه بهذا الضيق .. سؤالاً أنا أطرحه ماالذى أتمتع به وأنت لا تتمتع به؟ سؤال أنا أطرحه وإذا كان هناك ما نضيق به من عدم العدالة الشاملة، ومن عدم الفرص الكاملة هذا الأمر دعونا جميعا نطالب به كمواطنين وليس كمحافصة حتى لبنان التى اخترعت المحافصة الآن ترفضها وأصبح شبه اجماع أن المحافصة كانت وبالا على لبنان لأننا لا ننقل هذا المرض إلى ديارنا .. إذن القضية أن نبتعد عن الاستقواء بالخارج وأن نبتعد عن لغة المحافصة وضاق بها من اخترعوها وطبقوها .. اننا لا ننظر إلى الأقباط على أنهم يعيشون فى جحيم والمسلمين يعيشون فى نعيم ، إنما القضايا والمشاكل كما لديهم فأنا لدى أيضا ، ونبتعد عن كلمة الفتنة وكفانا الله شرها إننا مازلنا القاعدة العريضة بأصدقاء وجيران وعِشرة، نحن جميعا نعيش ومازال بيننا هذا الود وهذا التعايش الجميل وكفانا الله شر فتنة من يريد بنا هذه الفتنة .

أما بالنسبة لما حدث من تصريحات الانبا بيشوى تقول الأستاذة الدكتورة آمنة نصير: أنا أقول كلمات كيف يحترم بعضنا البعض لتحليل القضية .. بعد هذه الزوبعة والمنهج غير القويم الذى انتهجه سيادة الانبا بيشوى أقول له منهج معوج لاىنفع بل يضر ويجب عليه وعلى غيره سواء من المسلمين أو المسيحيين أن يبتعدوا عن قضية العقائد فهى قضية شائكة ولا يجوز أن يفتى الانبا ويقترب من القرآن الكريم خصوصا أن اقترابه جاء بجهل وعناد وعدم احترام لعقائد المسلمين لهذا الكتاب الكريم وماجاء فى الآيات لا يروق له ولا يتفق مع نصه هذا لا يعنينا ولا يجب أن يجعل المحك كما يهوى وكما يريد وكما يجهل يكفيك ياسيادة الانبا أن فى هذا القرآن العظيم سورة بأكملها باسم السيدة مريم العذراء يكفيك ياسيادة الانبا ماجاء فى آيات القرآن الكريم من تكريمها هى وابنها تكريما لم يرق إليه كتابا لا من قبل ولا من بعد القرآن الكريم وجدير بك إن كانت لديك هواية التقليب فى صفحات العقائد أن تقلب فى العهد القديم وأن تقلب فيما كتبه مالا ينصفكم وانظر ماذا قالوا وهم أولى بهجومك ونقدك وليس لتفنيد ماجاء فى القرآن الذى حفظه الله وحفظ لكم تاريخاً وشيمة لم يحفظها لكم كتاب آخر .

المصدر: فاتن الهوارى - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,881,027

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز