أزهار فى قلبى
قصة بقلم :محمد محمود عبد الحميد
رسوم: محمد سالم
الساعة المعلقة على الحائط تعلن تمام الواحدة صباحاً فجأة جرس الباب يرن خرجت من حجرة المكتب إلى الصالة ، واقتربت فى همس لاتبين الطارق بعينى من العين السحرية ، وجدت مدام أزهار جارتى المقيمة فى الشقة رقم (35) أمامى بهدوء فتحت الباب جسمها سخياً يملا الثوب حتى قدميها تغطى رأسها بإيشارب أخضر به نقط ص
بلهجة حازمة آمرة خذ ثمن الولاعة قلت :
بعزم وصيتكم مدام أزهار الولاعة دى هدية هو حرام أهادى جارتى بهدية ؟ بعد لحظة تفكير ولحظة صمت إبتسمت إبتسامة عذبة .
وقالت :
عن إذنك فقفلت الباب بهدوء ، ودخلت المطبخ لعمل فنجان شاى حملته على صينية صغيرة إلى حجرة المكتب وجلست على المكتب وأمسكت بالقلم لكى أواصل كتابة قصتى (جلالة الملكة) بعد مرور نصف دقيقة وأنا أحتسى أول رشفة من فنجان الشاى الساخن جداً فجأة جرس التليفون الأرضى يرن رفعت السماعة - آلو على الطرف الآخر صوت نسائى أستاذ حازم عبدالحميد (الأديب - المؤلف) نعم أنا حازم عبدالحميد (الأديب - المؤلف) أنا الحاجة (كريمة عبدالكريم كرم) جارتك فى مدينة الحرية فى شارع الأحرار وصديقة وزميلة بنت عمك الأستاذة / سامية سعد عبدالحميد ومديرة مدرسة المستقبل الثانوية للبنان بحلوان - أهلاً وسهلاً حاجة كريمة فرصة سعيدة - شجعنا حديثك الرائع فى برنامجك الأسبوع اللى بيجى على القناة الأولى كل أسبوع وتقدمة الإذاعية المتألقة (سمر سامى) على أنى أطلبك فى هذا الميعاد بدون خجل - قلت :
بصدق وتفاؤل وإنشراح حاجة كريمة الميعاد ده أنسب ميعاد بالنسبة لى أنتى عارفه أنى كاتب قصة (مؤلف) ويبدأ الكتابة بعد الساعة 12 مساء حتى الفجر - أى خدمة يا حاجة كريمة؟ قالت:
بنتى وضعت من ساعة مولودة (بنت) وفكرنا وإتفقنا أنا وبنتى وزوجها المهندس مصطفى شريف إنك تختار اسما لها على ذوقك - قلت : يسعدنى ذلك وربنا يطرح فيها البركة وتكون شمعة السعادة على الأسرة ويطول فى عمركم وتشوفها (أميرة الأميرات وملكة الملكات) ليلة زفافها - قالت:
الحاجة بلهجة كلها إبتهاج وإنشراح وسعادة متشكرين جدا جداً أستاذ حازم شكرى لك ليس له نهاية - قلت :
أفضل تحضرى ورقة وقلماً لكتابة الأسماء - قالت :
أنا جاهزة ومستعدة بالقلم والمفكرة .. قلت :
كفاية عشرة أسماء قالت :
طبعاً كفاية (عشرة أسماء) - قلت :
بصوت هادىء سعيد (إيمان - صفاء - وفاء - سمر - أزهار - وجدان - ياسمين - فيروز - تهانى - فريدة) - قالت الحاجة كريمة بلهجة سريعة سعيدة ألف ألف شكر - قلت :
أرجو تبليغ أم المولودة ووالدها بالتهانى والأمانى القلبية، وضعت السماعة وحملت فنجان الشاى وواصلت إرتشافه بإستمتاع .
فى اليوم التالى وأنا أسير من غرفة النوم إلى الحمام - شاهدت ورقة مطوية مبسوطة على الأرض أمام باب الشقة - إنحنيت وأخذتها بلهفة شديدة (الخط جميل وواضح) أستاذ حازم صباح الحب لا تفكر فى زوجة أخرى - هنا فى العمارة من تحبك وتتمناك زوجا لها ثم ذهبت إلى غرفة المكتب ووضعت هذه الرسالة الصغيرة فى علبة قطيفة حمراء فى درج المكتب بعد لحظات من التفكير - ذهبت إلى المطبخ لعمل فنجان شاى ثم خرجت مسرعاً على صوت رنين جرس الباب - نظرت من العين السحرية - مدام أزهار جارتى - فتحت الباب بهدوء - قالت :
وعلى وجهه إبتسامة عريضة صباح الخير - قلت :
صباح البهجة والسعادة - مدام أزهار فى كل يد طبق - قالت :
بثقة وصدق أتفضل (بالهنا والشفا) .
طبق «مهلبية بالزبيب» .
طبق «أرز باللبن بالزبيب» .
قلت : مدام أزهار ليه تتعبى نفسك كده ؟ - قالت :
أستاذ حازم (خيرك سابق) الحياة أخذ وعطاء - قلت :
على العموم هديتك مقبولة . ومتشكر جداً إبتسمت راضية
لم يزر النوم جفونى - طفت الكلمات التى بالرسالة وتردد صداها فى أذنى ثم أطبق الصمت.
فى اليوم التالى وأنا أسير من غرفة نومى إلى الحمام شاهدت ورقة مبسوطة على الأرض أمام باب الشقة - التقتها من على الأرض بشوق ولهفة (الخط جميل وواضح) نفس كلمات الرسالة الأولى - بعد لحظة صمت قصيرة ذهبت إلى غرفة المكتب ووضعتها فى العلبة القطيفة الحمراء مع الرسالة الأولى فى درج المكتب ثم ذهبت إلى المطبخ لعمل فنجان شاى - حملت الفنجان على صينية صغيرة إلى غرفة المكتب ، وجلست أفكر تفكيراً عميقاً فى كاتبة الرسالتين .. من هى ؟ هل هى مطلقة أم أرملة ؟ وكم يكون عمرها ؟ قدحت زناد فكرى لكنى لم أفوز بسبب مقنع وغصت بين أمواج الحيرة فجأة جرس التليفون الأرضي يرن .. رفعت السماعة آلو مين ؟ على الطرف الأخر مكتب الأستاذ كمال عجوة المحامى .. أجبت النمرة غلط .. أعدت السماعة إلى حضنها وأمسكت بالقلم لكى أواصل كتابة قصتى (جلالة الملكة) بعد كتابة عدة سطور .. فجأة جرس الباب يرن رنينه المعهود نحيت القلم جانبا ، وهرولت إلى باب الشقة ونظرت من العين السحرية .. فتحت الباب بهدوء .. مدام أزهار جارتى ترتدى ثوبا حتى قدميها وإيشارب بلون الثوب يغطى رأسها .. قالت:
ببساطة وبهجة وهى تحمل فى يدها علبة بلاستيك مستديرة بغطاء أزرق - (جرب كيك أزهار) ثم أردفت بدلال واضح .. عاوزة أعرف رأيك فى كيك أزهار وهى تخطو إلى شقتها .. قلت بحماس:
طبعاً طبعاً .. مر (17) يوماً .. الرسائل وصل عددها (19) رسالة أطول الرسائل الرسالة رقم (19) أستاذ حازم صباح الحب .. أن الإنسان يعيش مرة واحدة فقط أن الإنسان يجب أن يستمتع بحياته أية ظروف الزمن يمضى خاطفا معه العمر .. أنا بحبك وأتمنى أن أكون زوجتك .. ليست لى مطالب مادية .. فقط (أريد زوجاً مستقيماً يحترم زوجته) جريت بعينى فوق الكلمات .. أعدت القراءة مرتين .. قلت بصوت هامس مشحون بالقوة والرجولة .. لو كنت مناسبة لى فى السن لن أتردد أسبوعاً واحداً أو يوماً واحداً أو ساعة واحدة .. خطابك رقم (19) جعل عصافير قلبى تغرد فوق أشجار الحب التى ملأت فؤادى قررت بعد لحظات من التفكير العميق كتابة رسالة على باب الشقة .. ذهبت إلى حجرة المكتب وانتزعت ورقة من الأجندة وحررت هذه الرسالة (أشكر جداً صاحبة باقات الورد والزهور وعددهم (19) باقة وأتمنى أن تفصح صاحبة هذه الرسائل عن اسمها ومستعد لتنفيذ أى رغبة ترغبها أو طلب تطلبه .. ولن أقبل أى باقة أخرى - أى رسالة صغيرة أو كبيرة) وقمت بلصق الورقة على باب الشقة .. ثم ذهبت إلى حجرة المكتبة وأمسكت بالقلم لكى أواصل كتابة قصتى (جلالة الملكة) بعد كتابة عدة سطور .. فجأة جرس الباب يرن .. وجدت مدام أزهار فى إنتظارى .. قالت: بلهجة جادة وحادة .. مين صاحبة (19) باقة ورد ؟ وإيه المناسبة ؟ قلت بصدق وحماس ودد الباقات ده هى (19) رسالة كانت بتوضع تحت (عقب الباب) قالت :
بإبتهاج هادىء .. أنت تقصد أن (19) باقة ورد هى (19) رسالة كانت بترسل لك تحت (عقب الباب) قلت :
مظبوط مظبوط وكل الرسائل محتفظ بها فى علبة قطيفة حمراء فى درج المكتب إرتسم الأرتياح والتفاؤل على وجه مدام أزهار ولكن نظرت بتركيز شديد فى عينى وقالت :
بلهجة جادة حازمة لو عرفت صاحبة هذه الرسائل ؟ حا تعمل ريه ؟ دق قلبى بالفرح ، وأندفعت قائلاً لها بحماس وبهجة وسعادة حارتبط بيها فوراً .. لأنى وجدت البحر الذى يروى عطش قلبى - ران على شفتيها ظل إبتسامة أمتلأت بالأمل .. قالت :
وإبتسامة تكسو شفتيها .. مين الضيف الى كان عندك ؟ قلت وعلى شفيتى إبتسامة نابعة من القلب .. ضيف عزيز من أعيان حلوان ومن كبار رجال الأعمال الحاج (سامى محمد عفيفى) - وإيه سبب الزيارة ؟ - هو بيزورنى من وقت لأخر وكل ما يلاقى نفسه فاضى وبيطمئن على فى التليفون والنهاردة جاب لى دعوة لحضور فرح قاطعتنى .. قائلة (بنته) قلت :
بثقة وحماس لا لا (بنته) متزوجة هى (سمر سامى) مقدمة برنامج نجم الأسبوع على القناة الأولى فى التليفزيون كل أسبوع والنهاردة قال :
حاتروح إعارة لتليفزيون الكويت قالت :
إمال الدعوة ده تخص مين ؟ قلت :
بثقة وصدق وحماس تخص ابن أخيه والعروسة هى بنت المليونير (فؤاد المدلع) .. صمت لحظة وامتد الصمت ثم قالت :
بدون إبتسامة وبحرج وخجل .. ممكن أروح معاك الفرح ؟ أجبت وإبتسامة عريضة تلمع فوق شفتى .. طبعاً .. طبعاً .. إبتسمت إبتسامة ملأت كل وجهها ثم قالت بخجل :لو سالك صديقك رجل الأعمال (عم العريس) مين اللى معاك ده ؟ حاتقول له إيه ؟ أختى ولا عمتى ولا خالتى ! قلت :
بحزم وصدق وسعادة وإبتهاج .. حاقول خطيبتى .. تهللت أساريرها ولمعت عيناها من الفرح والسعادة ثم قالت :
بس احنا مش مخطوبين !! قلت بصدق وتصميم :
نروح النهاردة نشترى الدبل ونحتفل بالخطوبة فى أى مكان تفضلينه . . قالت برقة وقد إزداد تورد خديها :
(19) رسالة حب وقد منعنى الحياء الأنثوى أن أبوح بأسمى .
ساحة النقاش