قيراط حظ .. ولا فدان شطارة «1»
كتبت :سكينة السادات
إحسان .. صعيدية من أسيوط طويلة القامة، ذات عيون سوداء مصرية جميلة، تناهز الثلاثين من عمرها، حاصلة على دبلوم تجارة كان أول ما قالته لى بالحرف الواحد..
إذا كان هناك من ليس له حظ فى هذه الدنيا فقد أكون أنا أول إنسانة قليلة البخت والحظ.
تذكرت فوراً قول الشاعر..
إن حظى كدقيق فوق شوك بعثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه!
لا حول ولا قوة إلا بالله دقيق مرشوش فوق الشوك يجمعه حفاة الأقدام فى يوم عاصف! طبعاً النتيجة لا شئ!!
قالت إحسان.. فعلاً إنه الحظ الذى خاصمنى منذ أن كنت طفلة يتيمة مسكينة حتى الآن!!
قالت إحسان.. أنا صعيدية من أسيوط من أسرة فقيرة جداً فقد كان والدى مزارعاً بسيطاً لا يملك إلا عدة قراريط بسيطة نزرعها ونأكل منها قمحاً وذرة وفى المنزل الريفى البسيط الذى نعيش فيه تربى أمى البط والأوز والدجاج وتبيع منه فى السوق ونأكل كل شهر تقريباً دجاجة أو وزة أو بطة من الدواجن التى شاخت وأصبحت لا تبيض!! وكنت أنا الابنة الوحيدة الصغيرة ولى ثلاثة أشقاء أكبر منى يعملون جميعاً فى التجارة فى القاهرة وأنا التى ظللت إلى جوار أبى وأمى فى الصعيد وكافحت أمى حتى حصلت على دبلوم التجارة بعد معاناة وكان أبى قد مرض بذات الرئة وتوفاه الله، وكان من اللازم أن أعمل حتى أعول أمى حيث أن اخوتى الثلاثة كانوا قد تزوجوا وأنجبوا أولادا كثيرين وكنا لا نراهم إلا من العيد للعيد!
بحثت عن عمل فوجدته بصعوبة «بياعة» فى سوبر ماركت قلت الحمد لله، وكان المحل مملوكاً لأحد الشباب من أسرة ثرية ببلدتنا، وتلك الأسرة ذات عزوة كبيرة ولهم كلمة على كل أهل البلد وكانوا فعلاً كرماء مع كل المحتاجين.
وكان عمى شقيق والدى هو الذى يسأل عنا بين الحين والآخر واعتبرته أمى وليا لأمرنا لكنه لم يكن يساعدنا مالياً إلا فيما ندر لأنه كان فقيراً هو الآخر وصاحب عيال.
المهم.. عملت فى السوبر ماركت بكل إخلاص ونشاط وكنت أنا الوحيدة التى تسافر إلى المدينة لعقد الصفقات ومراجعة الأوراق وكان صاحب العمل لا يظهر إلا قليلاً وكان شقيقه يتولى عنه أكثر العمل وكان هو دائماً بعيداً عن العمل والعاملين والزبائن.
وفجأة يا سيدتى وجدت عمى شقيق والدى يزورنا بدون موعد ولا سبب ويطلب الجلوس إلى أنا وأمى وقال عمى وهو شديد الانفعال: إحسان اتفتحت لها أبواب الجنة والسعادة! طلبها صاحب السوبر ماركت ابن «عائلة فلان» للزواج! وكفاية بقى شغل ووجع قلب هتكون هانم فى بيتها وسوف يراعون ظروفك - مخاطباً أمى - ولا تحملى أى هم!! ما رأى العروسة؟
واستطردت إحسان.. طبعاً البنت فى الصعيد مازالت غير مسموح لها بإبداء الرأى ومن ثم فقد خفضت رأسى وقلت.. كما ترون.
وباختصار يا سيدتى تعجبت جداً لاختياره لى فنحن أفقر أسرة فى قريتنا وكان من الممكن أن يخطب ابنة أحسن وأغنى أسرة فى القرية أو المدينة.. فلماذا أنا ؟
ولم أعرف السبب وقتها بل قلت ربما هـو معجـب بنشاطـى فى العمل - وكما ترين - شكلى مش بطال وربما يكون معجباً بى لأننى فتاة مكافحة ومستقيمة ومتدينة ولم يسبق أن حادثت شاباً أو واعدته بل كنت أقرب إلى الرجال فى المعاملة!
وتستطرد إحسان.. وفى احتفال بسيط جداً لم يشعر به أحد فى القرية تم عقد القران وكان لزاماً أن أقيم فى منزل الأسرة المكون من ثلاثة طوابق كما هى العادة فى الصعيد وطبعاً لم آخذ معى إلى بيت أهل زوجى سوى حقيبة ملابس بسيطة اشترت شقيقة زوجى كل محتوياتها من البندر!
وفى ليلة زفافى - وكانت أسود ليلة فى حياتى - دخل عليّ زوجى وهو شبه مخدّر وبدون كلام ولا سلام تم اغتصابى بالقوة وبطريقة وحشية بعد أن كانت «الداية» قد فضت غشاء بكارتى بيدها وأعلنت للناس أننى بكر لم يلمسنى بشر!
وبدأت المأساة! لقد اختارونى لكى أكون خادمة للجميع! لحماى ولحماتى وشقيقات زوجى أما زوجى فقد اتضح أنه مازال مريضاً نفسياً وعصبياً فلم يكن ينفرد بى فى غرفتنا إلا نادراً وصار عليّ أن أطلع وأنزل الأدوار الثلاثة حاملة «چراكن» الماء وعليّ أن أطهى الطعام بنفسى وأقدم الطعام لحماتى وحماى وشقيقات زوجي!! أما زوجى فقد كان علىّ أن أطعمه بنفسى وأعطيه الدواء كل يوم وأغسل ثيابه وثياب كل أهل المنزل بدون كلمة شكر بل العكس صحيح!!
ماذا حدث بعد ذلك؟ وهل صبرت إحسان على هذا الهوان الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية!
ساحة النقاش