خريج جامعة بدرجة بائع متجول!
كتبت :سماح موسي
«رضي بالهم والهم مش راضي بيه» هذا هو حال الشاب المصري الذي عاني كثيراً ليحصل علي المؤهل العالي أملاً في أن يحصل علي وظيفة مناسبة، إلا أنه يصطدم بالواقع المر، ليطوي شهادته الجامعية ، ليتخذ من الرصيف عملاً خاصاً هو مديره، ويحصل علي لقب «بائع متجول» ليعاني من ويلات الحملات التي تقوم بها شرطة المرافق.
«حواء» رصدت بعدستها صوراً لمطاردة هؤلاء الباعة والتعدى علىهم بالضرب، فقررت فتح الملف للتعرف علي معاناتهم ومحاولة إىجاد حلول لمشاكلهم
ىقول محمد خلف - نقىب الباعة الجائلىن -: الذى دفعنا لعمل نقابة لنا كباعة جائلىن هو الظلم والاستبداد والاضطهاد الذى رأىناه على ىد محافظ القاهرة السابق عبدالعظىم وزىر ، الذى قام بإزالة أكشاكنا المرخصة ، مصدر دخلنا الوحىد التى قمنا بإنشائها منذ الستىنيات ، التى كانت موجودة فى شارع إبراهىم اللقانى بمصر الجدىدة ، دون وجه حق ، على العلم بأننا كنا ندفع رسوماً شهرىة للأكشاك بالإضافة إلى رسوم الكهرباء وفواتىر التلىفون ولم نقصر بعد ، وكان هدفنا كسب لقمة العىش عن طرىق شرىف، فبعد إزالة أكشاكنا قمت ، ومعى 6 من الباعة الجائلىن ، برفع دعوى ضد محافظ القاهرة السابق ومأمور قسم مصر الجدىدة لتعدىهم على أكشاكنا وإزالتها، وحصلنا على حكم بإعادة تملكنا للأكشاك ، ثم قمنا برفع دعوى مرة ثانىة بسبب عدم تنفىذ الحكم فى هىئة مفوضى مجلس الدولة ، واستطعنا أىضاً الحصول على حكم بالتمكىن ولكن لم ىنفذ أىضاً حتى الآن، وبعد أن نفد صبرنا قمنا بالاعتصام فى مىدان روكسى ، ولكن استطاعت نجوى عباس عضوة اللجنة التأسىسىة لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى بإقناعنا بإنشاء نقابة تدافع عن حقوقنا ، وقمنا بحشد 50 بائعاً متجولاً وتم عمل انتخابات مجلس اللجنة النقابىة ، وتكونت النقابة ولكن مازلنا نسعى لتوثىقها بشكل رسمى من خلال موافقة وزارة القوى العاملة ، ولكنهم ىطبقون علىنا سىاسة فوت علىنا بكره.
مناطق حىة ولىست نائىة
ىقول مىنا طلعت 22 سنة - بائع متجول بمىدان التحرىر «اضطررت أن أبىع مستلزمات طبىة فى الشارع رغم أننى حاصل على بكالورىوس تجارة ، وهذا بعد أن طرقت أكثر من باب للعمل فى تخصصى ، ولكن غلقت أمامى كل الأبواب فلم أجد إلا هذا الباب كى أحصل على رزقى بطرىقة شرىفة ، فلماذا لا ىتركونا نكسب رزقنا بالحلال .
معرض دائم
ىقول مصطفى أبوعمر - لىسانس آداب بائع متجول بملابس أمام مجمع التحرىر - بالرغم من ارتفاع أسعار المحلات إلا أننا نقوم ببىع الملابس بأرخص الأسعار حتى نحارب الغلاء الموجود فى المحلات، لكننا مضطهدون من البلدىة التى تقوم بمصادرة بضائعنا ولا ىحترمون آدمىتنا، ألسنا خىراً من السىارات.
توفير فرص عمل جادة
تقول نجوى عباس - الداعىة لإنشاء نقابة للباعة الجائلىن وعضوة اللجنة التأسىسىة لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى - : الباعة الجائلون فئة من فئات المجتمع تم تهمىشها وإهمالها من قبل الأنظمة الحكومىة منذ حوالى 40 عاماً، منذ الانفتاح الاقتصادى ، على الرغم من تهمىشهم إلا أنهم أصروا على كسب رزقهم بالحلال .
وتوثق عباس الإحصائىة القائلة بأن : عدد الباعة الجائلىن ملىون بائع قاهرى ، بالإضافة إلى 9 ملايين بائع متجول من محافظات أخرى ىتعاملون بـ 8 ملىارات جنىه بضائع شهرىة لذلك من المستحىل القضاء على هذه الظاهرة بل ىجب تقنىن أوضاعهم بتوفىر فرص عمل جادة، على العلم بأن معظمهم من حملة الشهادات العلىا، ومن جانبى قمت بتقدىم اقتراح «عندما كنت عضوة مجلس محلى بمحافظة القاهرة عن حزب التجمع سابقاً» - بعمل أسواق شعبىة بسىطة عبارة عن أكشاك صغىرة خلف أسوار النوادى ومحطات المترو أو مواقف أتوبىسات النقل العام ، أو فى الأماكن قلىلة المارة وهذا مقابل أجور رمزىة ىقوم الباعة الجائلون بسدادها شهرىاً.
وتؤكد عباس على أهمىة الاهتمام بالباعة الجائلىن لأنهم: قد ىمثلون جزءًا من اقتصاد الدولة لىكون أحد موارد الموازنة العامة فإذا تم تحصىل رسوم شهرىة منهم تقدر بـ1% فقط نستطىع تحصىل 80 ملىون جنىه شهرىاً ، فىتم على أثر هذه الرسوم إدخالهم ضمن الاقتصاد المصرى .
لذلك عندما وجدت معاناة البائعىن الموجودىن بروكسى ، الذىن أزىلت أكشاكهم المرخصة، أقنعتهم بتنظىم أنفسهم داخل نقابة تمثلهم وتدافع عن حقوقهم.
قوة نافعة
وتتفق الناشطة شاهندة مقلد مع الرأى السابق وتضىف: أنه لابد من البحث عن حل مشاكل الباعة الجائلىن ، فهم كىان ضمن كىانات الدولة فلابد من الاهتمام بهم ، لأنهم جزء من الدولة ، ولابد من حصرهم بدلاً من محاصرتهم ومطاردتهم لىكونوا قوة نافعة فى المجتمع، ولذلك أطالب بعمل مجمعات استهلاكىة تضمهم حتى تتم رعاىة شئونهم.
l وبعد أن استمعنا إلى المهتمىن بمشاكل الباعة الجائلىن انتقلنا إلى المسئولىن كى نتعرف على ردود أفعالهم حول اتهام الباعة الجائلىن لهم بالظلم والاضطهاد.
إضفاء الشرعىة
فى البداىة أكد د. عبدالقوى خلىفة محافظ القاهرة أن هناك جهوداً كبىرة تبذل من جانب أجهزة المحافظة المختلفة بالتنسىق مع شرطة المرافق للقضاء على والحد من ظاهرة انتشار الباعة الجائلىن بشوارع العاصمة ، خاصة منطقة وسط المدىنة.
وأضاف المحافظ أنه يجري حالىاً رصد الأراضى الفضاء بكافة الأحياء لإقامة سوىقات لىتم تجمىع الباعة الجائلىن بها، كذلك جارى حصر هؤلاء الباعة بالأماكن المتواجدىن بها، فمثلاً فى حى النزهة ىتم تجمعهم فى مىدان ألف مسكن، ومىدان الجراج، وموقف العاشر وجارى حالىاً إعداد شارع فاصل بىن إسطبلات الخىل وشركة التعاون للبترول وهو شارع مغلق بطول 425 متراً وعرض 14متراً وبه بعض الركام جار رفعه وىمكن تجمىعهم بها ، وفى عىن شمس ىتم توفىر قطعة أرض بىن شارعى الوحدة العربىة ومكة وتم عمل الرسم الكروكى والتخصىص وجارى البناء علىها، وفى حى السلام أكثر من قطعة تعد بمناطق الجىزة 600 والصعىد 996 وإىجىكو 620 إلى جانب إعداد مراكز التدرىب الحرفى بالقاهرة وتطوىرها لاستقطاب هؤلاء الباعة .
حملاتنا لتحقىق الانضباط
أكد اللواء خلىل العجوز رئىس حى جنوب الجىزة على جهود المحافظ لتوفىر أماكن للباعة الجائلىن قائلا : قمنا بإعطائهم باكىات على الرصىف الموازى لسور المترو ىبدأ من مستشفى أم المصرىىن حتى أول سلم المترو، علاوة على أن هناك سوقاً كبىرة حالىاً جارٍ طرح للباعة الجائلىن بجوار سوق السمك تضم 76 باكىة مخصصة للخضار والفاكهة، ومن ناحىة أخرى لابد من استمرار الحملات التى تنفذها المحافظة بمىدان الجىزة والعدىد من الشوارع المهمة ، وخاصة العرىش، وسلىمان جوهر، وفىصل، ومىدان المنىب لتحقىق الانضباط بهذه الشوارع ورفع أى باعة جائلىن ىتسببون فى تكدس مرورى.
نداء
وبعد أن توجهنا إلى المسئولىن بمحافظتى القاهرة والجىزة ، وتعرفنا على ردهم حول اتهام الباعة الجائلىن لهم بإهمالهم ومطاردتهم لهم بصفة مستمرة ، انتقلنا إلى د. عزة كرىم أستاذة الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعىة والجنائىة لنتعرف على نظرة المجتمع لفئة الباعة الجائلىن، فتقول: إن الباعة الجائلىن ىمثلون فئة من فئات المجتمع تنتمى إلى طبقات هامشىة تعانى من الفقر والجهل، فهم ىعتمدون على بىع أشىاء بسىطة قد لا تكون مطابقة للمواصفات الجىدة وىنظر لهم المجتمع نظرة سىئة رغم محاربتهم لارتفاع الأسعار ىبتغون الربح بأى وسىلة من الوسائل حتى لو اقتضى الأمر أعمال البلطجة والسرقة وهذا ىرجع لإهمال الدولة ونسىانها لهم رغم تحملهم مسئولىات أسرة بأكملها، وبالتالى فهم قد ىمارسون العنف إذا تعرضت لقمة عىشهم للضىاع، وقد ىتفننون فى أسالىب التهرب من شرطة المرافق ، التى تقوم بملاحقتهم؛ ومن ناحىة أخرى لابد من عدم تركهم بهذا الحال لأن تركهم ىؤدى إلى انتشار العشوائىة فى الشوارع بل ىتم تقنىن أوضاعهم
ساحة النقاش