.التسامح .. والرفض . والحادث "2"
كتبت :سكينة السادات
حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قريبى أيمن (40 سنة) مهندس الاتصالات النابه الوسيم، وزوجته دعاء الجميلة زميلته بالجامعة الأمريكية وحبه الوحيد وأم أولاده الثلاثة الذين مثل القمر فى الشكل والأدب والتفوق فى الدراسة.
فوجئت بقريبة مشتركة لنا تصحبنى إليه فى المستشفى فوجدته سليما معافى ماعدا فخذه وساقه كانا فى الجبس والأربطة الضاغطة وكانت زوجته إلى جواره تبكى بكاء متواصلا ووجهها ممتقع بصورة لم أشهدها من قبل .
وأصر أيمن أن يحكى لى ما حدث وبدأ بأن اعترف لى أنهما - هو وزوجته - قد أعطيانى صورة مختلفة عن حياتهما معاً فقد تصورت أنهما أسعد زوجين وأنهما سمن على عسل، فقد كنت أعرف مدى حب أيمن لها منذ أن كانت زميلته فى الجامعة وكيف آثرت ألا تعمل بعد أن رزقت بأولادها الثلاثة وأعرف تماما أنها من أسرة راقية جدا، وأنها ست بيت من الدرجة الأولى وكنت فعلا أشعر بالراحة والسعادة وأعتبرهما قدوة ! قال أيمن لم تكن هذه هى الصورة الحقيقية فقد كنت دائم الثورة والشجار معها بسبب وبدون سبب ! هكذا اعترف وقال: هناك بعض الأسباب بلا شك لكنها لا ترقى إلى مرحلة الثورة والسباب أحيانا، وقال أنه بعد كل ثورة يشعر بالندم ويستحلفها ألا تغضب منه وأنه قد انتوى أن يعالج من هذه الانفعالات لكنه - كما قال - يعود إلى ثوراته وقال لى أيمن: أنا مريض نفسى يا خالتى وكان يجب أن أعالج قبل أن تتفاقم الأمور كما حدث عندما ثرت ثورة انفعالية كبيرة منذ أسبوع ودمرت زجاج مائدة السفرة بيدى وعندما بكت دعاء وقالت لأيمن:
طلقنى يا أيمن، لا أستطيع أن أعيش معك بعد اليوم لقد أصبت بالسكر والأرق والعصبى وسوف أفقد صحتى تماما إذا استمرت حياتنا بهذا الشكل !
أرجوك طلقنى بدلا من أن ألجأ إلى الخلع وهذا رغم أنه تعرف مدى حبى لك منذ أن كنا بالجامعة معاً !
ويستطرد أيمن قائلا - فى حضور زوجته دعاء التى كانت تبكى بكاء مراً:
قلت لها بغباء وعناد وسوء أدب .
- دا بعدك، لن أطلقك !
قالت .. إذن سوف أنتحر قبل أن أصاب بسكته قلبية ولا أجد من يرعانى .. سوف أريحك منى !
ويستطرد أيمن قائلا:
جن جنونى وجريت إلى غرفة النوم وفتحت درج «الكومودينو» المجاور للسرير - وكنت منذ أيام الأحداث وهجوم البلطجية على البيوت فضلا عن أن مشوارى طويل من القرية الذكية حتى البيت فى المعادى - كنت قد اشتريت مسدسا وقمت بترخيصه واحتفظت به فترة فى تابلوه السيارة ثم وضعته فى المنزل تحسبا لأى هجوم على البيت خاصة أننا نسكن فى حدائق المعادى فى منطقة بعيدة بعض الشىء !
ويستطرد أيمن .. جن جنونى وذهبت إلى غرفة النوم وأخرجت المسدس من درج «الكومودينو» وخرجت إليها فى الصالة وقلت لها:
- «ليه تنتحرى أنت ؟ أنا هانتحر قدامك ودلوقتى حالا أنا ما ليش عيشة من غيرك ومن غير أولادى وأنا فعلا السبب فى كل ما جرى لك حتى أولادى جالهم فزع من كثر الخناقات والزعيق وانتو من غيرى هتكونوا كويسين وفى الأمان وما حدش هيزعلكم تانى لما أغور أنا من الدنيا» !!
ويستطرد أيمن .. صرخت دعاء وقالت اعقل يا أيمن السلاح يطول .. بلاش .. هات المسدس ده حالا ... أرجوك !! ورددت عليها قائلا: لأ .. هاموت نفسى يعنى هاموت نفسى علشان ترتاحى منى وتعيشى مبسوطة.
ويستطرد وشددت ماسورة المسدس وصوبته إلى رأسى وصرخت دعاء وألقت بنفسها فوق جسدى وبدون أن أشعر كان المسدس قد أتجه إلى أسفل وانطلقت منه رصاصة أصابت فخذى وساقى وسالت الدماء وأصيبت زوجتى التى كانت لاتزال متشبثة بصدرى ورأسى بالإغماء وجاء الجيران على صوت طلقة الرصاص ونقلونى إلى المستشفى أنا وهى !
واستطرد أيمن .. أحكى لك يا خالتى حتى تكتبى لأمثالى من الذين لايستطيعون التحكم فى انفعالاتهم أن يبادروا بالعلاج فورا وبدون تردد !
واتجه أيمن إلى دعاء زوجته وقال :
أستحلفك بحبك لأمنا قدوتنا- يقصدنى - أن تسامحينى على شرط أن أمى سوف تعالجنى تحت إشرافها ؟ وقالت دعاء: أسامحك وليس لى فى الدنيا غيرك أنت والأولاد !
يا أيها المنفعلون والمنفعلات أوصيكم خيرا بأنفسكم وأنصحكم بسرعة العلاج حتى لا تتفاقم الأمور كما رأيتم وأسأل الله السلامة لكل شباب مصر حتى نواجه الأيام الصعبة التى نعيشها
ساحة النقاش