جريمة اهتزت لها مدينة الشروق

  ابننا ضحية جاحد أعماه المال

كتب : صلاح طه

«بودي» أو عبدالرحمن طفل بريء في الثامنة من عمره خرج ذات يوما لشراء قلم رصاص قبل ذهابه إلى مدرسته، ولم يكن يتصور أن لن يعود إلي منزله وفراشه وحضن أهله مرة أخري.

فقد تربص به قلب ملأه الحقد والغضب من أقرب المقربين لوالده الذي يعمل مقاولا وكان أحد مساعديه الذي غرته الدنيا وأعمت بصيرته، ليقرر خطف الطفل وطلب فدية 150 ألف جنيه وإلا فلن تراه أسره مرة أخري.

وبالفعل فقد تجرد القاتل من إنسانيته بعد أن افتضح أمره وضاق الخناق عليه فقام بخنق الطفل، لكنه سقط في يد العدالة التي تطالب أسرة بودي سرعة القصاص منه.

«حواء» التقت أسرة الطفل القتيل لتعرف ملابسات الحادث وكيف وأين كان ابنها في آخر لحظات حياتهll

البداية استغاثة للشرطة بخطف طفل لم يتجاوز ثمانى سنوات، يهدد خاطفه بقتله إن لم يدفع أهله الفدية وقدرها 150 ألف جنيه.

وعلى الفور قامت مجموعة عمل من ضباط الشرطة بالتحرك سريعا وإعداد أكمنة حول سكن الطفل، ولمسافة خمسة كيلومترات وعلى وجه السرعة أعد المقاول والد الطفل الفدية وأعطاها لخال الطفل، وكانت المفاجأة أن الخال تعرف على صوت الخاطف، والذى تبين أنه الذراع اليمنى لوالد الضحية.

وما أن أدرك الخاطف أن أسرة الضحية تعرفت على صوته إلا وأصابته بنوبة هيستيرية وذهب مسرعا إلى المكان الذى أخفى فيه الطفل، وهو عبارة عن حوض إسمنتى مربع كان يغطيه بشكائر الإسمنت للتمويه، فقام على الفور بخنق الطفل ليتركه جثة هامدة.

ولكن كيف تحول هذا الإنسان المقرب من عائلة الطفل المتوفى إلى قاتل فى لحظات ؟! هذا ما توضحه أسرة الصغير عبدالرحمن أو «بودى» كما كانت تدلله أسرته.

تقول الأم - ربة منزل - رزقت بثلاثة أبناء محمود البكرى طالب بالمرحلة الأولى فى الثانوية العامة، وهاجر بالصف الأول الإعدادى وعبدالرحمن الذى لم يبلغ الثامنة من العمر، أعيش حياة هادئة مستقرة وزوجى الذى يعمل فى مجال المقاولات رجل طيب ذو خلق ودين يحب الخير للجميع ولا يغفل عن واجب ويراقب الله سبحانه وتعالى فى معاملته مع الناس، لذا يحيطونه بكل الحب والاحترام، ولا أذكر أى خلاف حدث بيننا طوال زواجنا الذى يقترب من عشرين عاما.

لا أعرف حتى الآن سببا واحدا يدفع القاتل ارتكاب هذه الجريمة البشعة، هل من أجل المال الحرام الذى يريده دون عرق لقد مات ضميره وفقد إيمانه لأنه متزوج وله أطفال ألم يتذكرهم عندما فكر فى قتل ابنى عبدالرحمن، أو يتذكر الخالق سبحانه وتعالى وكيف سيقابله، وبماذا سيجيب يوم القيامة عن أسباب قتل طفل برىء لا ذنب له، لم نظلمه فى شئ منذ أن دخل بيتنا، ولكن ربما نكون أخطأنا فى تفهم شخصيته بصورة صحيحة ولم نتوقع خيانته للأمانة.

كان بمثابة أخي

وانتقل إلى والد الطفل القتيل المقاول نشأت حامد الذى بدا عليه أنه غير مصدق لما حدث حتى اللحظة، فلم يكن هناك أى نزاع أو صراع يدفع شريكه فى العمل والرزق لمثل هذا السلوك الإجرامى ويضيف قائلا:

تعرفت على المتهم منذ ما يقرب من خمس سنوات وتعاملت معه كشقيقى الأصغر، طبيعة عمله كمقاول رخام جعلته يتقرب منى لتداخل أعمال الخرسانة والرخام فى بناء العمائر، فكنت أساعده قدر طاقتى وأقدمه على غيره فى عمليات تركيب الرخام بمداخل ومخارج أعمالى الإنشائية.

وكان آخر المواقف التى دارت بيننا أن أسندت له تشطيب إحدى العمائر بالرخام لعميل صديق لى، وكانت معظم الأعمال التى يقوم بتنفيذها عن طريقى لعلاقاتى الممتدة مع المقاولين، وحدث أن تأخر فى تسليم العمارة، فعرضت عليه كل ما يحتاجه من خامات دون أن يدفع مليما واحدا على أن يسلم صديقى عمارته فى أقرب وقت، ثم يقوم بسداد ما عليه عندما يتيسر له الحال.

ويستطرد الأب فى ذهول واندهاش أمام ما قدمه من معروف لشخص تنكر لكل هذا ووجه حقده وشروره إلى من أحسن إليه، يقول:

لقد زارنى أخيرا منذ شهور وقال إن زوجته أوشكت على الوضع ويريد مبلغا من المال، فأعطيته خمسمائة جنيه ثم علمت أن المولود توفى فقدمت له ألف جنيه من منطلق الواجب وليس صدقة أقدمها له، ولكن للأسف لم ير سوى أطماعه وقلبه الذى ملأه الطمع، كان يريد أن يحقق طموحاته دون جهد وتعب.

شقيق القتيل

عن ملابسات الحادث تحدث الابن الأكبر محمود قال: أخى عبدالرحمن كان نازل يشترى قلم رصاص الساعة الثالثة عصرا انتظاراً للذهاب إلى المدرسة فى الساعة الرابعة عصرا وعندما تأخر خرجت ووالدتى للبحث عنه، ثم فوجئت بحضور خالى حسام يبلغنا بأنه تلقى مكالمتين من مجهول يطلب 150 ألف جنيه فدية لعودة عبدالرحمن، وطلب منى أن أحضر بمفردى وارتدى جلبابا ومعى المبلغ بعد ساعة وإلا لن نرى عبدالرحمن، مرة أخرى، ثم اتصل مرة ثالثة واستمع خالى لصوت عبدالرحمن للاطمئنان بأنه مازال حيا، وعندما طلبه خالى قبل الذهاب، بعد أن قمنا بتدبير المبلغ المطلوب، ليطمئن الخاطف على المبلغ الذى طلبه، تعرف خالى على صوته وإذا به المقاول الذى يساعد أبى فى عمله المدعو حمدى المقاول، كانت صدمتنا شديدة لأننى كنت أعامله مثل الأخ الأكبر ولا أذكر يوما أن وجهت له كلمة تجعله يفعل كل ما فعله.

واستسلمت الأسرة إلى قضاء الله وقدره محتسبة ابنها شهيدا عند ربه، لكنه في انتظار كلمة الحق والعدل وهو القصاص العادل.

المصدر: مجلة حواء- صلاح طه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 453 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,956,123

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز