كتبت : أمل مبروك

هل هذا هو قدر سيناء ؟ أن تكون ميدان قتال ؟ إذا كان الأمر كذلك فإننا جميعا نتمنى أن يكون ما يحدث بها الآن هو قتال من أجل تطهيرها نهائيا من كل بؤر الإرهاب والفساد والانحراف بكل أشكاله وانتماءاته، لأن مايقع فى سيناء ليس غامضا كما يدعى البعض .. ولامجهول الأسباب كما يرى البعض، فخلال حكم السادات وفى أعقاب انتصار أكتوبر 1973شهدت سيناء طفرة في التنمية والبناء لم تشهدها من قبل وتم تعويض أهاليها ماديا ومعنويا بعض الشيء حتى إن طلبة أبناء سيناء سواء المهجرين منها أو الصامدين بها كانت لهم 10 درجات استثنائية للدخول في الكليات كافة بعدد 5 مقاعد بكل كلية وكان يتم تعيين كافة خريجي الجامعات من أبناء سيناء فور تخرجهم بعكس ما يحدث فى باقى أنحاء الجمهورية.
<!--

 

التمييز

وخلال حكم مبارك انقلبت الامتيازات إلى عيوب وأصبح التمييز ضد أبناء سيناء عرقيا وطبقيا واضحا وكأنهم من دولة اخرى تكاد تكون معادية .. فما إن تظهر سيارة في القاهرة عليها لوحات معدنية بها سيناء حتى يتم تفتيشها والتهجم على راكبيها باتهامات سخيفة كتجارة المخدرات والسلاح وحبهم لليهود بل هم "يهود سيناء" هكذا كانوا يصفون اهل سيناء، ناهيك عن عدم دخول ابناء سيناء للكليات السيادية مثل الشرطة أو الحربية ومن دخلها يكون بواسطة كبيرة ساقها له قدره حتى انك تستطيع أن تعد الضباط من أبناء سيناء على اليد الواحدة .. وحين تدخل لقسم شرطة لا تجد أي عسكري من أبناء المحافظة إطلاقا بل كلهم من خارجها، مع عدم تملك أبناء سيناء لأي من أراضيهم بداخل موطنهم إلا بأوراق عرفية لا يعتد بها القانون، ووضع معوقات لتنمية سيناء يصعب أن يتخطاها أي مستثمر مما جعل فرص العمل المتاحة لشباب سيناء ضئيلة جدا، ومن ناحية أخرى فإن تولي المناصب القيادية في المحافظة لايكون لأبنائها !

ثم هناك الممارسات الجائرة بحق المواطنين من أجهزة أمن الدولة السابق والاعتقالات التى طالت الكثيرين وممارسات تعذيب تشيب لها الولدان وصدور أحكام غيابية جائرة بلا أدلة إلا تلفيق الأجهزة الأمنية، وعندما كانت تظهر بوادر الحلول لمشاكل المحافظة كانت هي مشاكل بحد ذاتها لا حلول مثل جلب ملايين المواطنين من خارج سيناء لتعميرها مع إهمال أهلها وإقصائهم من عوامل التنمية!

 

العصا السحرية

هذه هي بعض العناصر الأساسية في المشكلة وحلولها هي عكسها، فالمشكلة بسيطة حين تفهمها وتشخصها بشكل صحيح وتصبح عويصة وشائكة حين يأبى العقل أن يفهم وتتوه الخطوات في ظلمات مصطنعة، ونؤكد هنا علي أن الطريق الصحيح لإحداث تنمية حقيقية يستلزم إعادة المشروع القومي لتنمية سيناء إلي دائرة الاهتمام لما له من عوائد عالية المردود علي الاقتصاد القومي وقبل كل شيء علي الأمن القومي حتي لا تبقي سيناء فراغاً يغري بالعدوان في ضوء المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن التي تموج بتيارات الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتي تلقي بظلالها علي كل مقدرات مصر وسط توجه دولي مدفوع بفكر صهيوني كي تكون الأرض لمن يستطيع الاستفادة منها وليس لمن يملكها.

ولا يمكن لنا أو لأي طرف آخر الادعاء بأنه يملك العصا السحرية لمعالجة الأمر لكنه ليس حلماً أن نبدأ في بناء مصر الحديثة بمدن القناة وسيناء، وليس مستحيلاً أن يساهم كل مصري بمال أو بفكر أو بجهد أو حتي بفرحة في تحقيق اكتفاء مصر الذاتي من القمح عند زراعة الأراضي الخصبة حول بحيرة ناصر، وليس بعيداً أن نشهد كل مصري يتابع بشغف إنجازات مشروع منخفض القطارة ومشروعات توليد الكهرباء العملاقة بالطاقة النووية الآمنة التي سوف تكون السبيل للسماح بمضاعفة معدلات التنمية دون تقييد إنارة الشوارع أو قطع التيار الكهربائي عن قري بكاملها لتخفيض الأحمال، وليس بعيداً أن يعود مثقفو مصر إلي المساهمة فى التنمية والبناء والتعمير ليعطي كل من يملك كل ما يملك لتحقيق الهدف القومي للوصول إلي نقلة حضارية كبري تعيد بناء الإنسان المصري في جو من النجاحات والانتصارات.. إن تحقيق طفرات التنمية يستلزم إدارة خاصة قادرة علي حشد الجهود لتنفيذ حزمة من المشروعات القومية الكبري ذات الخطط القصيرة والمتوسطة وبعيدة المدي يعمل عليها السياسي والمفكر والفنان بذات القدر الذي يعرق به المهندس والعامل والفلاح في نسيج وطني واحد يعلم جيداً أن النجاح هدف واضح لمجتمع بأسره، ويؤمن تماماً أن عوائد النجاح هي للجميع .. كل بقدر مشاركته وكل بقدر جهده لا كل بقدر سلطته ولا كل بقدر نفوذه.

 

المصدر: مجلة حواء- امل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,740,878

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز